مصادر الحريري: مسوّدتان للتسوية بين دمشق والرياض

نشطت بورصة التفاؤل والتشاؤم، وسط ضبابية المعطيات المتعلقة بنتائج المسعى السوري ــ السعودي. وفيما أكدت مصادر رئيس الحكومة وجود مسوّدتين لبنود التسوية، أكدت مصادر في المعارضة السابقة أن التفاؤل سابق لأوانه، رغم جديّة ما يعدّ في دمشق
... وعاد منجّمو السياسة إلى هوايتهم: تفاؤل فتشاؤم فتفاؤل... حديث عن مسوّدة تجري صياغتها للتسوية السورية ـ السعودية للأزمة اللبنانية. وبين كل ما يقال، تبقى الحقيقة الوحيدة أنّ لبنان ينتظر على وجع سببه غضروف الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز، الذي انتقل إلى الولايات المتحدة الأميركية «لإجراء فحوص طبية». ومعه، طار التفاؤل بقرب التوصل إلى حل، إذ أبدى سياسيون مطلعون على تطورات المسعى السوري ـــــ السعودي خشيتهم من أن يؤدي وجود الملك عبد الله في واشنطن إلى السماح للأميركيين بـ«وشوشته عن قرب».
في هذا الوقت، أكد نائب مقرب من رئيس الحكومة سعد الحريري أن المعلومات المتوافرة لدى فريقه السياسي تشير إلى وجود مسوّدتين لصياغة بنود التسوية، وأن أقرب لقاء بين الرئيس السوري بشار الأسد والأمير عبد العزيز بن عبد الله سيحسم أيّ واحدة من المسودتين سيجري اعتمادها لوضع ملاحظات عليها. ولفت مصدر مقرب من الحريري في مجلس خاص إلى أن الأخير مستعد لرفض القرار الاتهامي بعد صدوره، إذا تبيّن أنه يتهم أفراداً من حزب الله بارتكاب جريمة اغتيال والده، مبدياً «تخوفه من رفض حزب الله تسوية من هذا القبيل».
لكن هذه المعلومات نفتها مصادر من فريق المعارضة السابقة، منها من هو شديد القرب من سوريا، إذ أكدت أن التواصل مستمر بين القيادتين السورية والسعودية، وأن المسعى الذي تقودانه جدي جداً، من دون أن يعني ذلك أنه تم التوصل إلى خلاصات أو صياغات. ولفت مصدر رفيع في المعارضة السابقة إلى أن «من يتحدثون بتفاؤل مفرط يتصرفون كما لو أن (مساعد وزيرة الخارجية الأميركية) جيفري فيلتمان قد مات، علماً بأننا لم نقرأ ورقة النعي».
وفيما جرى الحديث في بيروت عن زيارة يقوم بها مستشار الملك السعودي، ابنه عبد العزيز بن عبد الله، برفقة مستشار الأمن القومي بندر بن سلطان، رفض زوار دمشق تأكيد حصول الزيارة أو نفيها، مؤكدين عدم حصول تقدم جدي في ما يخص «المسعى السوري ــ السعودي المستمر في جديته».
وفي داخل لبنان، لن يُعقد مجلس الوزراء في وقت قريب، إلا أنّ الرؤساء الثلاثة والوزراء سيلتقون اليوم في القصر الجمهوري ببعبدا، وكذلك في الحفل الذي سيقام لمناسبة عيد الاستقلال في منطقة المرفأ، والذي سيتخلله عرض عسكري للقوى المسلحة. وفي خطابه المتلفز إلى اللبنانيين في ذكرى الاستقلال، أكد رئيس الجمهورية ميشال سليمان أن «الانكفاء عن هيئة الحوار الوطني في المبدأ، يبدو بمثابة انكفاء عن الذات وعن الخصوصية اللبنانية». وذكّر سليمان بما تنص عليه الفقرة «ياء» من مقدمة الدستور اللبناني لناحية القول إنه «لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك». ومن موقعه «كرئيس للدولة ورمز لوحدة الوطن»، دعا رئيس الجمهورية الشعب اللبناني إلى العمل معه، «تلافياً للأزمات، لتغليب الثوابت التي أقرتها وثيقة الوفاق الوطني، والالتزام بخط التوافق والحوار والتسامح والتآخي».
من جانبه، وفي قداس أقيم لمناسبة الذكرى الرابعة لاغتيال الوزير والنائب بيار الجميّل، أكد رئيس حزب الكتائب أمين الجميّل عدم السماح «بوقف مسيرة العدالة مهما كانت الظروف»، رافضاً «أيّ مساومة على حساب دم شهدائنا». أضاف الجميل إنّ لبنان ليس «بحاجة الى ميثاق ثان وإلى طائف ثان أو دوحة ثانية، بل الى حُكْم أول بحق الذين قتلوا شهداءنا، وبعد ذلك لكل حادث حديث، وألف مرحباً بكل مبادرة محلية أو عربية أو دولية».
في المقابل، شدّد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد على أنّ «أيّ اتهام مفبرك وكاذب سيرتد على أصحابه في الداخل والخارج، ولن تسمح المقاومة للعابثين بأن يعبثوا بصورتها النقية الناصعة». ورفض رعد الكشف عن كيفية تنفيذ ما يقوله. ووضع رعد قرار انعقاد مجلس الوزراء عند «الفريق الآخر»، إذ إن من «يعطل انعقاد مجلس الوزراء هو الذي لا يريد أن يحسم قضية ملف الشهود الزور». وفي السياق ذاته، وضع النائب نواف الموسوي ما يثار عن خطة إسرائيليّة للانسحاب من الجزء الشمالي من قرية الغجر في إطار عمل «الإدارة الأميركية على تنقية ملف
إسرائيل مع مجلس الأمن من خلال ابتداع صيغة لمسألة بلدة الغجر لا تعيدها الى السيادة اللبنانية، بل تحاول تبرئة العدو المحتل من جريمة الاحتلال». وشدد على أن «المساعي السورية ـــــ السعودية جادّة في الوصول الى تسوية تجنّب لبنان ما يدبّره البعض من مكائد تمس الاستقرار فيه»، كاشفاً عن «وعود أعطيت لمرجعيات سياسية ودينية بأنها إذا مشت في تأييد المحكمة الدولية فسيجري تعديل الدستور وتغيير اتفاق الطائف للعودة الى صيغة عام 1943». وفي رأيه، فإن «هذه الوعود كانت سبباً في التغرير ببعض المرجعيات لدفعها نحو أخذ مواقف لا تأتلف ومصلحة لبنان والاستقرار فيه، وهذه الوعود ليست إلّا سراباً لأن من يعد بذلك غير قادر على الوفاء».
من جهته، حذّر الوزير السابق وئام وهاب «مَن لديهم خطة وبرنامج لاستهداف لبنان والمقاومة»، مِن «المراهنة على أن الأمور قد تمر على خير، ومن يدخل في مؤامرة فعليه أن يتحمّل نتائج ما يفعله، كائناً من كان». وأكد أن «قوى المعارضة لديها شروط للتسوية، ومن يفكر في أن بإمكانه أن يعود إلى أخذ القضاء كما في السنوات الماضية، وأن يمارس الرقابة الأمنية علينا فلن نسمح له بذلك، ومن يعتقد أنه يمكن أن يعود إلى صيغة الملف الاقتصادي مقابل الأمن، ويعود ليرتب علينا 50 مليار دولار ديناً، فهو مخطئ». وفي الوقت عينه، طمأن وهاب إلى أن الأوضاع في منطقة الجبل «جيدة جداً، ونحن نعمل على التنسيق بين كل القوى، تنسيقاً أمنياً وميدانياً وعلى كل المستويات، وسيكون الوضع ممتازاً».
من جانبها نقلت صحيفة "الديار" عن مصادر سياسية مطلعة أن رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب وليد جنبلاط العائد من الخارج قد "عاود حركة اتصالاته تمهيداً للقيام في الأيام القليلة المقبلة بحراك داخلي مكثّف في إطار ملاقاة مساعي المظلة العربيّة وتحديداً السعودية - السورية لتسوية الأزمة اللبنانية التي ستظهر طلائع بوادرها بعد الاستقلال".
وأشارت المصادر إلى أنه "سيكون لجنبلاط جملة إتصالات ومواقف تصبّ في خانة تحضير المناخ السياسي والأرضيّة المناسبة في الداخل اللبناني لتلقف مشروع الحلّ السوري - السعودي". ولم تستبعد هذه المصادر أن يكون هناك دور سيلعبه جنبلاط من أجل إتمام عقد لقاء بين الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله ورئيس الحكومة سعد الحريري لاسيما أن هذا اللقاء يبقى أساسياً وضرورياً لبلورة الإطار العملي لبنود الحل السوري - السعودي الذي في نهاية المطاف يتطلب إجماع الفرقاء التزام العمل بمندرجاته التي ستكون مكتوبة مع ضمانات سعودية وسورية ومباركة عربية واسعة وايرانيّة"، متوقعة أن "يتم اللقاء بين نصرالله والحريري بعد زيارة الأخير لطهران".
فيما أكد مصدر واسع الاطلاع لصحيفة اللواء": ان لا صحة لخبر زيارة الامير عبد العزيز بن عبد الله دمشق، موضحاً ان لا موعد محدّداً لزيارة، سيقوم بها الى دمشق في اطار المبادرة السعودية - السورية المشتركة المدعومة عربياً وإيرانياً.
شام نيوز