مصادر تكشف تهديد اوباما لعباس باجراءات ضد السلطة

اعلنت القيادة الفلسطينية مساء امس الجمعة ان الفيتو الاميريكي ضد مشروع القرار العربي في مجلس الامن لادانة الاستيطان "يشجع اسرائيل على الاستمرار في الاستيطان"، مشيرة الى انها ستعيد النظر في عملية المفاوضات مع اسرائيل.
وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل ابو ردينة في تصريح لوكالة وفا الفلسطينية ان الموقف الاميركي "لا يخدم عملية السلام بل يشجع اسرائيل على الاستمرار في الاستيطان والتهرب من استحقاقات السلام".
واستغرب ابو ردينة استخدام الولايات المتحدة حق النقض الفيتو ضد مشروع القرار محذرا من ان "هذا الموقف سيزيد من تعقيد الامور في منطقة الشرق الاوسط".
واكد مسؤولون فلسطينيون امس أن الرئيس باراك اوباما هدد الفلسطينيين باتخاذ إجراءات ضدهم إذا أصروا على التوجه إلى مجلس الأمن لإدانة الاستيطان، محذراً من عواقب الإقدام على هكذا خطوة.
وكشف عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير احمد مجدلاني في تصريح إلى وكالة "فرانس برس" أن "أوباما هدد ليلة امس (الخميس) باتخاذ إجراءات ضدنا وهذا ليس جديداً، فمنذ اكثر من أسبوع ونحن نتلقى تهديدات أميركية". وأضاف لدى دخوله إلى اجتماع للقيادة الفلسطينية لبحث هذا الموضوع أن التهديدات التي تحدث عنها أوباما "مفادها انه إذا مضينا باتجاه مجلس الأمن سندفع أوساطاً من الكونغرس لإعادة النظر في المساعدات الأميركية التي تتلقاها السلطة الفلسطينية من الولايات المتحدة".
وأضاف أن اوباما قال لعباس: "ستكون هناك عواقب على العلاقات الفلسطينية - الأميركية إذا واصلتم خطواتكم للتوجه إلى مجلس الأمن وتجاهلتم مطلبنا في هذا الخصوص، خصوصاً أن لدينا مقترحات بديلة"، في إشارة إلى اقتراح إصدار بيان رئاسي غير ملزم عن مجلس الأمن يدين الاستيطان لكنه لا يرغم إسرائيل على وقفه. وأكد أن عباس قال لأوباما "إن وقف الاستيطان مطلب فلسطيني لا رجعة عنه لأنه سبب انهيار عملية السلام، وهذا قرار اتخذته القيادة الفلسطينية، والشعب الفلسطيني متمسك بهذا المطلب".
من جهته اعلن امين سر منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه ان القيادة الفلسطينية ستعيد تقييم عملية المفاوضات بمجملها اثر الفيتو الامريكي في مجلس الامن.
وقال عبد ربه ان القرار الاميركي "مؤسف للغاية ويمس مصداقية الولايات المتحدة لانها تعترض على قرار يؤكد على حرية الشعب الفلسطيني وحقوقه في الوقت الذي تعلن انها مع حرية شعوب المنطقة وضمان حقوقها".
واكد "سنعيد تقييمنا لكل عملية المفاوضات بمجملها لان الموقف الامريكي غير متوازن".
اما كبير المفاوضين الفلسطينيين المستقيل صائب عريقات فاعتبر ان الفيتو الامريكي "ضد القانون الدولي

وقرارات الشرعية الدولية".
وقال ان هذا القرار لا يمكن تبريره ونتمسك بحقنا بالتوجه الى المؤسسات الدولية لان الاستيطان باطل وغير شرعي".
واضاف "يبدو ان الادارة الامريكية لا ترى التحولات الهائلة في المنطقة من اجل الحرية والديمقراطية وعليهم ان يعرفوا ان القضية المركزية للشعوب العربية هي القضية الفلسطينية".
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس اعلن قبيل التصويت في مجلس الامن في كلمة القاها في مقر السلطة في رام الله ان "الشعب يريد انهاء الاستيطان ويريد انهاء الاحتلال".
وقال مخاطبا متظاهرين تجمعوا في مقر الرئاسة "اننا لن نقبل بالاستيطان باي شكل من الاشكال لانه منذ ان بدأ على ارضنا غير شرعي ومرفوض".
وخرج الاف الفلسطينيين ليل الجمعة في تظاهرات في شوارع رام الله قبل التصويت في مجلس الامن على مشروع القرار العربي.
من جانبه قال عضو مركزية حركة فتح جمال محيسن "لن نتوقف عند الفيتو الاميريكي وسنواصل خطواتنا باتجاه مجلس الامن والامم المتحدة ومحكمة لاهاي وكل المؤسسات الدولية جنبا الى جنب مع حركة شعبنا في الشوارع لانهاء الاحتلال والاستيطان وسنلجا لكل البدائل".
واستخدمت الولايات المتحدة حق النقض الفيتو الجمعة في مجلس الامن ضد مشروع قرار المجموعة العربية فيما صوت اعضاء مجلس الامن ال14 الاخرون جميعا لصالح القرار.
واوضحت السفيرة الاميركية لدى الامم المتحدة سوزان رايس بعيد عملية التصويت ان القرار كان يمكن في حال تبنيه ان "يشجع الاطراف على البقاء خارج المفاوضات"، مشيرة في الوقت نفسه الى ان الاستيطان يقضي على "الثقة بين الطرفين" ويهدد "امكانات السلام".
وبعد التصويت شكرت اسرائيل الرئيس الاميركي باراك اوباما ودعت الفلسطينيين الى الاستئناف الفوري للمفاوضات المباشرة بدون شروط مسبقة
وقال الأمين العام لحزب الشعب الفلسطيني النائب بسام الصالحي الذي يشارك في اجتماعات القيادة الفلسطينية "إن المساعي التي تبذلها الإدارة الأميركية، بما فيها الاتصال المطول الذي أجراه أوباما ... تهدف إلى الالتفاف على عزم القيادة الفلسطينية على المضي في توجهها إلى مجلس الأمن لاستصدار قرار يدين استمرار الاحتلال والاستيطان". وأضاف في بيان "أن القيادة الفلسطينية عازمة على المضي قدماً في توجهها هذا مدعومة من المجموعة العربية وعدد كبير من دول العالم".
وبعد اقل من 24 ساعة من اتصال اوباما، تلقى عباس امس اتصالاً من وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون. وقال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة في بيان أن "عباس بحث مع كلينتون موضوع التوجه إلى مجلس الأمن في خصوص النشاطات الاستيطانية"، مضيفاً أن "الموقف الفلسطيني والعربي في شأن المشروع المقدم لمجلس الأمن لإدانة الاستيطان في الأرض الفلسطينية لا تغير فيه".
وكانت كلينتون اعتبرت اول من امس أن قرارات مجلس الأمن "ليست السبيل الصحيح" للتقدم نحو تحقيق الحل القائم على دولتين في النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي. ودرجت الولايات المتحدة على استخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن ضد أي مشروع قرار يدين إسرائيل، إلا أنها تجد نفسها في وضع حرج هذه المرة كونها تطالب هي أيضاً إسرائيل بوقف الاستيطان لإعطاء فرصة لاستئناف عملية السلام.
من جهة اخرى عزا دبلوماسيون أجانب وموظفون إسرائيليون كبار العزلة الدولية المتسعة رقعتها التي تتعرض لها إسرائيل منذ أكثر من عام، إلى عدم ثقة زعماء العالم بنوايا رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في شأن عملية السلام مع الفلسطينيين, حسب جريدة هاارتس الاسرائيلية التي نقلت عن وزير الخارجية النروجي يونس ستوره انه أبلغ نتنياهو هذه الحقيقة في لقائهما قبل شهرين في القدس المحتلة عندما قال له: "أنا شخصياً أعتقد أنك جاد في عملية السلام، لكن كثيرين من نظرائي في اوروبا يعتقدون عكس ذلك، ما يحتم عليك التقدم في العملية السياسية".
وأفادت الصحيفة بأن اتساع العزلة الدولية تمثل العام الماضي بتراجع عدد الزيارات التي قام بها نتنياهو خارج إسرائيل إلى ثمان فقط شملت ست دول "منها زيارة واحدة فقط مهمة كانت لباريس"، بينما في العام الذي سبقه قام بـ 13 زيارة لتسع دول. وأضافت أن نتنياهو بات يشعر بضغط العزلة الدولية المتزايدة، وأن دولاً كثيرة لم تستجب طلبه زيارتها، وفي مقدمها الهند والأردن، على رغم التوجهات المتكررة من مكتب نتنياهو لترتيب زيارة للأخير الى البلدين. أما الصين، فما زالت غاضبة من نتنياهو على إلغاء زيارته لها وتفضيله المشاركة في مؤتمر للمنظمات اليهودية في الولايات المتحدة، وعليه فإنها لا تنوي الاستجابة قريباً لطلب مجدد لزيارته لها. وزادت ان نتنياهو سيغادر بعد شهر إسرائيل لزيارة كل من بلغاريا وتشيكيا، "وهما دولتان من مجموعة دول قليلة لا تنتقد إسرائيل على خلفية الاستيطان". ولفتت إلى أن نتنياهو يتفادى زيارة دول مثل بريطانيا وألمانيا وإسبانيا لئلا يتعرض لانتقادات أو ضغوط سياسية في المسألة الفلسطينية.
وتابعت الصحيفة ان عدم ثقة العالم بنتنياهو انعكس في الزيارة الأخيرة للمستشارة الألمانية انغيلا ميركل لإسرائيل، التي تعتبر أبرز أصدقاء إسرائيل في اوروبا، عندما لم تخفِ خيبة أملها من نتنياهو بتوجيهها سؤالاً له عن مشروعه السياسي. ولم يعجبها رد نتنياهو بأنه يعتزم إلقاء خطاب سياسي في المستقبل، بل طالبته باتخاذ خطوات عملية وعدم الاكتفاء بتصريحات فضفاضة. ولفتت إلى أن ميركل ألقت غداة لقائها نتنياهو خطاباً شديد اللهجة في تل أبيب ضد سياسة الحكومة، ما أثار حفيظة نتنياهو الذي كان طالبها بعدم نشر الخلافات بينهما على الملأ.
وأشار المراسل السياسي للصحيفة إلى أن علاقات نتنياهو تردت أيضاً مع الرئيس نيكولا ساركوزي ورئيس الحكومة الايطالية سيلفيو برلسكوني، وكلاهما اعتُبر من أصدقائه القريبين، اضافة الى وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين آشتون التي "أبلغت نتنياهو انه لا يمكنه مواصلة تضييع الوقت"، محذرة من أن سياسته تتسبب في خسارة إسرائيل أهم أصدقائها في اوروبا.
ورفض مكتب نتنياهو الربط بين تراجع عدد زيارات رئيس الحكومة لدول العالم والعزلة الدولية، وقال معقباً إن رئيس الحكومة منشغل في القضايا الداخلية الملحة. وأضاف ان زيارة ميركل لإسرائيل تنفي تعرض نتنياهو لعزلة دولية، وأن رؤساء بولندا وإيطاليا وتشيكيا واليونان يعتزمون زيارة تل أبيب مع وزراء حكوماتهم، كما أن نتنياهو تلقى دعوات لزيارة عدد كبير من الدول مثل استراليا والصين وانكلترا وفرنسا وهنغاريا ورومانيا وروسيا وهولندا والولايات المتحدة واليابان والبرازيل وغيرها.
شام نيوز - وكالات - جريدة القدس - HAARETZ