مصادر وزارية للوطن: توجيه رئاسي وراء تراجع الحكومة عن قرار تعليق الاستيراد

علمت «الوطن» من مصادر وزارية أن تراجع الحكومة عن قرارها جاء نتيجة توجيه رئاسي بإعادة النظر بالقرار ودراسة نتائجه على المواطنين والتجار والصناعيين في آن واحد.
وقالت المصادر في تصريحات خاصة لـ«الوطن» إن الرئيس بشار الأسد ذكّر الحكومة نهاية الأسبوع الماضي بضرورة دراسة آثار كل قرار يصدر عنها على معيشة المواطنين والتنسيق مع أصحاب الشأن قبل صدور القرار وليس بعده ووجه بإعادة دراسة القرار والاجتماع مع أصحاب الفعاليات الصناعية والتجارية والشعبية وإعادة تقييمه بما يخدم المواطن والصناعي والتاجر.
وأضاف المصدر إن الحكومة تلقت العديد من الاقتراحات من تجار وصناعيين ومصدرين واجتمع وزير الاقتصاد مع غرف التجارة والصناعة وبناء عليه ونظراً لارتفاع الأسعار السريع قامت الحكومة بالتراجع عن قرارها.
وخاطب الرئيس الأسد الوزراء بعد توليهم مسؤولياتهم في نيسان الماضي، مؤكداً ضرورة توسيع المشاركة عند اتخاذ القرار وأشار إلى أن المشاركة في القرار تعني أولاً «مشاركة داخل المؤسسة وثانياً مع المنظمات والنقابات التي يعنيها القرار، فهناك أصحاب مصالح لديهم وجهة نظر، وعندما نوسع دائرة القرار نتأكد أن هذا القرار يحقق مصلحة تلك الفئة ولن يتناقض مع مصالحها في جوانب أخرى».
وخاطب الرئيس الأسد الحكومة قائلاً: «المواطن هو البوصلة ونحن نسير معه بالاتجاه الذي هو يحدده، المهم أن نكون نحن والمواطن طرفاً واحداً وليس طرفين».
وأصدرت الحكومة بشكل فجائي قبل أسبوعين قراراً علقت بموجبه استيراد كل السلع التي تزيد رسومها الجمركية على 5 بالمئة ما أثار الكثير من اللغط في الأسواق وارتفعت الأسعار بشكل جنوني إضافة إلى غضب التجار وغرف الصناعة والتجارة التي رأت أن منعكسات القرار على الاقتصاد الوطني ستكون سيئة للغاية ولن تحقق أهداف الحكومة التي أعلنتها لتبرير قرارها.
وأعلنت الحكومة أمس تراجعها عن قرار تعليق الاستيراد، فنص القرار الجديد على أن يقتصر تمويل المصرف المركزي للحاجات الأساسية التي تبلغ نسبتها بين 25 إلى 30 بالمئة من حجم المستوردات في سورية، ما سيساعد في الحفاظ على مخزوننا من القطع الأجنبي بنسبة تقارب 75 بالمئة على الأقل من النسبة التي كانت تصرف على مستوردات القطاع العام.
واعترف وزير الاقتصاد والتجارة محمد نضال الشعار في مؤتمر صحفي عقب جلسة الحكومة أمس بأن القرار جاء استجابة للمواطن ولطلبات التجار والصناعيين، وقال: نحن لا ندّعي أننا نمتلك ناصية الحق، فالقرارات الاقتصادية بطبيعتها قرارات تشاركية ولها منعكسات سلبية وإيجابية ونحن نفاضل اليوم بين الأفضل بينها.
وأشار الوزير إلى عزم الحكومة استخدام جزء من القطع الأجنبي الذي تم توفيره في إطار القرار الجديد للحفاظ على توازن سعر صرف اللّيرة بالتوازي مع الحفاظ على انسياب السلع والخدمات إلى سورية ملمحاً إلى أنه لم يعد هناك مبرر لرفع الأسعار سوى جشع وطمع البعض.
ولم يفت الوزير توجيه كلمة إلى المضارب الذي قد يفكر باستغلال هذا الظرف ليحقق مكاسب على حساب سعر صرف الليرة، مؤكداً أن تحرير وتوفير كمية هائلة من العملة الأجنبية هو بهدف التدخل في أي لحظة لتحقيق التوازن في سعر عملتنا الوطنية.
وفي ردود الفعل على القرار الجديد الذي ولد انفراجاً عند جميع الصناعيين والتجار قال رئيس غرفة صناعة حلب فارس الشهابي في تصريح لـ«الوطن»: إن الرجوع عن الخطأ فضيلة، مشيراً إلى أنه يمثل استجابة سريعة لمطالب الشارع الاقتصادي بما يعكس ويدل على أن الثقة الاستثمارية لا تزال قوية في الاقتصاد السوري، بدليل أن هناك تفاعلاً حقيقياً بين الحكومة ومطالب الاقتصاديين.
وأمل الشهابي عدم تكرار هذا الخطأ مرة ثانية، وأن تعتمد الحكومة على التشاركية في صنع القرارات، والعمل على بناء رؤية اقتصادية تنموية شاملة بعيدة الأمد تكون القرارات فيها أجزاء متمّمة لبعضها في صورة متكاملة، وألا تأتي القرارات بشكل اعتباطي أو بشكل لا تنسجم مع بعضها.
وختم الشهابي: نحن نريد سياسات اقتصادية متكاملة تكون واضحة ومفهومة وتكون فيها التنمية الصناعية هي العمود الفقري.
وفي مؤتمره الصحفي وضع وزير الاقتصاد نهاية لكل ما أثير أخيراً حول تعليق اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا ووقف استيراد المنتجات التركية كلها وليس فقط تلك التي تزيد رسومها على 5 بالمئة، وقال: نحن بصدد مراجعة اتفاقياتنا مع كافة الدول دون أي استثناء، وفي حال وجدنا أن هناك موقفاً غير عادل مع دولة ما سنقوم بالتفاوض معها ضمن بنود الاتفاقية الموقعة بيننا وبينها بهدف تحقيق العدالة الاقتصادية.
وتابع: أتوقع أن جميع مفاوضاتنا ستكون إيجابية لأنه ما من طرف إيجابي يقبل أن تكون هناك مواقف غير عادلة مع دولة أخرى، وهو أساس منظومة التجارة العالمية.
شام نيوز - الوطن