مصر بين الحقد و العدل

صالح. شام نيوز
شهد العالم بأسره في الثالث من اب 2011 ظهور الرئيس السابق لجمهورية مصر العربية حسني مبارك و هو يدخل قفص الإتهام ممددا على سرير مرضه ، و ولداه علاء و جمال معه يحاولان صدّ الكاميرات عن والدهم ، ولكن عبثاً ذهبت محاولاتهم ...
مشهد وقف عنده الكثيرون منّا حائرون لما انتابهم من شعور بالحزن على هذا الرجل، ربما لأننا لم نعتد الشماتة و التشفي ، رغم يقيننا من أنه لا بد من محاكمته جزاء ما اقترفت يداه بحقّ دولة بحجم مصر ولعقود ثلاث ، وبعد أن حولها محميةً تابعةً للإحتلال الإسرائيلي ...
و لكن ما الفائدة من الإصرار على ظهور حسني مبارك على شاشات التلفزيون بهذا الشكل المهين ؟
و هل يعتقد الثوار المصريون بأنّ المحكمة إذا كانت على العلن لن يتم التلاعب بقراراتها ؟
أم هو مجرد إستعراض لا فائدة ترجى منه سوى إمتصاص غضب الشارع المصري ( حسب ما يعتقدون ) ؟
أم أن العدل لن يأخذ مجراه إذا لم تتشفّى القلوب المحقونة بالغضب و الكره ، برؤيته على هذه الشاكلة ؟
و هل كانت هذه المسرحية كافية ليعتقد المصريون بأنهم بدأوا بإنهاء عقود من الظلم ، و فتح صفحة جديدة مع العدل و المساواة ،
أم أنهم فتحوا بها أبواب جهنم بسبب انشغالهم بالإنتقام و التشفّي بينما أزلام النظام السابق ما زالوا يمسكون بمفاصل الدولة و علاقاتها مع الخارج و سيعملون جاهدين بعد الذي رأوه على إجهاض الثورة و هي ما تزال في مهدها هشّة و غير متوازنة ، فتتحول مصر الى عراق جديد تتناهشه الصراعات بين من يعتقد بأنّه الأحق بنشر العدل و إحقاق الحق و بين من تمّ إقصائه و ملاحقته لوضعه في المكان الذي رأينا فيه حسني مبارك
هاهي الكلمات فيما ذكرت تمتلأ بمفردات عاطفية كحالنا نحن العرب
( الغضب و الإنتقام و الحقد و الكره ) ، فهل تستوي هذه المشاعر مع السعي لبناء دولة جديدة يسودها العدل ؟ وهل الإنشغال بتسوية الحسابات على العلن سيفضي بأشقائنا في مصر إلى إنجاح ثورتهم ؟
أم أن العاطفة غلبتنا من جديد، لنفكر ونتحاور بالقلوب لا بالعقول ؟