مصر تحل الحزب الوطني وتصادر ممتلكاته

قررت المحكمة الادارية العليا في مصر السبت حل الحزب الوطني الديمقراطي الذي كان حاكماً في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك وتصفية، ممتلكاته وإعادة مقاره إلى الدولة المصرية.
وقال مصدر قضائي ليونايتد برس انترناشونال إن المحكمة الادارية، وهي أعلى سلطة قضائية في مصر، استندت في حكمها على ان الحزب الذي تأسس عام 1978 خرج عن المبادئ والقيم التي كان قد اتخذها ركيزة لتأسيسه، وهو ما ترتب عليه حدوث خلل اجتماعي وفساد سياسي وإهدار للحقوق والحريات التي يكفلها الدستور المصري.
وأضاف المصدر ان المحكمة رأت أيضاً "أن الحزب الوطني حرص على الإمساك بمقاليد السلطة والهيمنة عليها والسعي لإضعاف القوى السياسية والأحزاب المناهضة له بتقييد حرية التعبير واعتقال أصحاب الآراء السياسية المخالفة له والتمييز بين أفراد الشعب المصري".
وتابع ان المحكمة استندت أيضاً في قرارها على فكرة ان الحزب كان مقرباً من الحكومة واحتمى بالأجهزة الأمنية لملاحقة واعتقال أنصاره.
إلاّ أن المصدر قال إن قرار حل الحزب لا يمنع قيام باقي أعضائه بتكوين حزب آخر جديد يتفادى المخالفات السابقة عملاً بمبدأ حرية تكوين الأحزاب، على أن يتوافر للحزب الجديد الشروط المنصوص عليها في قانون الأحزاب السياسية.
وكان المكتب التنفيذي للحزب الوطني قرر الشهر الحالي تغيير اسمه الى "الحزب الوطني الجديد"، وانتخاب طلعت السادات إبن أخ الرئيس المصري الراحل أنور السادات رئيساً جديداً للحزب بدلاً من مبارك الذي أسقطته ثورة شعبية في 11 فبراير/شباط.
وأسس السادات الحزب عام 1978، قبل أن يرأسه مبارك بدءاً من عام 1981 واحتفظ منذ ذلك الحين بالأغلبية في البرلمان، ويقول مراقبون ان الحزب كان يعتمد على علاقته بأجهزة الدولة الإدارية في الحكم وتوزيع الرشى الانتخابية، وظل يفتقد لإيديلوجيا واضحة وقدرات على التعبئة السياسية.
ويقول مراقبون ان الحزب اعتمد في العقدين الأخيرين على البلطجية من أجل حشد الأصوات ومحاربة المعارضين خلال فترات الانتخابات.
من جهة اخرى حذر ناشط بارز في الانتفاضة المؤيدة للديمقراطية بمصر من ان اقتصاد البلاد المتعثر يمثل خطرا على الحريات السياسية الجديدة بالبلاد وطالب بمزيد من المساعدات من المجتمع الدولي.
وقال وائل غنيم مسؤول التسويق بشركة جوجل لمنطقة الشرق الاوسط والذي ظهر كقائد اسمي للاحتجاجات التي اندلعت في القاهرة اوائل هذا العام إن المتظاهرين الذين اطاحوا برئيس البلاد ربما يتخلوا عن الضغط من اجل المزيد من الحريات اذا ظل الاقتصاد في حالة تراجع.
وقال غنيم "30 عاما" لرويترز "كمصري اشعر حقا بالقلق من امكانية حدوث ثورة مضادة اذا لم يتمكن الناس من تلبية احتياجاتهم الاساسية."
وساهم ارتفاع الاسعار وزيادة معدلات البطالة في اندلاع الحركة الاحتجاجية الحاشدة التي اسقطت الرئيس حسني مبارك بعد ان امضى 30 عاما على رأس السلطة في اكبر الدول العربية من حيث عدد السكان.
وتشير ارقام صندوق النقد الدولي الى ان الاقتصاد المصري بات الان في حالة اشبه بالجمود مع توقعات بألا تتخطى معدلات النمو واحد في المئة هذا العام بعد ان كانت التوقعات تشير إلى خمسة في المئة قبل الثورة.
وقال غنيم لرويترز في وقت متأخر الجمعة على هامش اجتماع صندوق النقد الدولي الذي تحدث فيه عن الشباب والوظائف والنمو في الشرق الاوسط "أريد التأكد كواحد من الشبان الذين شاركوا في هذه الثورة من اننا نبذل قصارى جهدنا."
وقال "انه التزام لمساعدة الاقتصاد على الانتعاش وان يؤدي كل شخص واجبه."
وقلصت الانتفاضة الشعبية في مصر عائدات السياحة لشهر فبراير شباط بأكثر من النصف ومن المقرر ان تتراجع في عام 2011 ككل بنحو 25 في المئة.
وتعتمد مصر على السياحة كأكبر مصدر للعملة الاجنبية وتمثل أكثر من عشر الناتج المحلي الاجمالي للبلاد وتوفر واحدة من بين كل ثماني وظائف.
وقال وزير المالية المصري لرويترز يوم الخميس ان مصر تحتاج إلى عشرة مليارات دولار للمساعدة في مواجهة الضغوط المالية المتزايدة بعد الانتفاضة الشعبية.
وقال غنيم ان الاموال وحدها ليست الحل . وتابع "احيانا ما يكون المزيد من المال يعني المزيد من الفساد وعدد اقل من الحلول." وقال ان مصر تحتاج الى خبرة مؤسسات مثل صندوق النقد الدولي لمساعدة رجال الاعمال في دعم المشروعات الصغيرة وتوفير فرص العمل.
وقال ان الاستثمار الخاص في السياحة والتصنيع امر ضروري على نحو عاجل ايضا لتعزيز النمو وازالة مشاعر الاحباط بين الفقراء في مصر بتغييرات في الكيفية التي تدار بها الدولة.
وكان غنيم قد احتجز ثم افرج عنه بسبب دوره في الانتفاضة وساعدت خطبه المؤثرة خلال الاحتجاجات في شحذ همة الحركة المؤيدة للديمقراطية.
ويدير المجلس الاعلى للقوات المسلحة شؤون البلاد منذ الاطاحة بمبارك واجرى المجلس تعديلا على الدستور لتوفير المزيد من الحريات. ومن المقرر اجراء الانتخابات البرلمانية في سبتمبر ايلول لكن بعض الاصلاحيين يشعرون بالقلق من انهم لن يكونوا مستعدين بحلول ذلك الموعد.
وفي لجنة صندوق النقد الدولي قال غنيم الذي كان جالسا بجوار المدير الاداري للصندوق انه شعر بانه ليس في مكانه وانه يشترك في وجهة نظر الكثيرين من ابناء بلاده "بأن صندوق النقد الدولي كان جزءا من المشكلة لانه ساهم في بقاء الكثير من هذه الانظمة."
وقال غنيم "مصر كانت مصابة بالسرطان والمجتمع الدولي يقدم لنا البنادول." وحث الحكومات الاجنبية والجهات المقرضة على "الضغط من اجل القيم التي يؤيدونها وليس من اجل المصالح التي يحمونها."
وقال "العالم عليه التزام لإنجاح "هذه الثورة" لان هذا يبعث بأفضل رسالة "للحكام المستبدين" في انحاء العالم. انظروا كيف كان الناس مسالمين من اجل تحقيق حريتهم. يجب الا يفسر هذا على نحو خاطيء."
وتابع "لماذا يكون من السهل جدا توفير الميزانيات لقصف الدول في حين يكون من الصعب للغاية زيادة الميزانيات لبناء دولة عندما يفترض ان تكون النتيجة النهائية هي نفس الشيء وهي الحرية والديمقراطية ؟."
شام نيوز - وكالات