مصر: مسؤولو الحكومة ورجال الاعمال نهبوا 3.4 مليار دولار

حين وصلت مديرة منزل الى القاهرة يوم الخميس للعمل بدت في عينيها نظرة حالمة فوفقا لحسبة سمعت بها انه اذا تمت استعادة كل الأموال التي نهبها رجال الأعمال ومسؤولو الحكومة وتقسيمها فإن كل مواطن من ابناء مصر البالغ عددهم 80 مليون نسمة سيحصل على 250 الف جنيه مصري "42500 دولار".
وتنهدت قائلة "ماذا يمكن أن أفعل بكل هذا المال."
واذا كان هذا الرقم صحيحا فسيعني أنه تم نهب 3.4 تريليون دولار اي نحو 15 مثلا للناتج المحلي الإجمالي المصري السنوي.
ويشترك موظفون حكوميون وعمال أضربوا عن العمل في شركات ومصانع بأنحاء البلاد في فكرة إمكانية استعادة مبالغ مالية طائلة في وقت تمر فيه الحكومة بأسوأ أوضاعها المالية.
وايا كان من سيحكم مصر فإن أحد اكبر التحديات سيكون التعامل مع توقعات العمال الذين جرى تمكينهم في الآونة الأخيرة.
ويقول محللون إن هذا سيشكل ضغطا على الجيش حتى يسرع بضم شخصيات من المعارضة ذات مصداقية لتوصيل رسالة لا يريد الكثير من المصريين أن يسمعونها وهي أنه ليس في وضع يسمح بتلبية مطالب بزيادة الأجور.
ورزحت أموال الحكومة تحت ضغط بالفعل. وفي العام المالي حتى يونيو حزيران 2010 مولت نحو ربع ميزانية مصر بالجنيه المصري البالغة قيمتها 367 مليار دولار عبر الاقتراض من الداخل والخارج.
ويساوي هذا 8.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وكانت الحكومة قبل الاحتجاجات تأمل بخفض العجز المالي هذا العام الى 7.9 من الناتج المحلي الإجمالي. وهي تقول إنه قد يصل الآن الى 8.4 في المئة.
وقال جون سفاكياناكيس الاقتصادي بالبنك السعودي الفرنسي "اذا بدأوا الرضوخ لهذه المطالب في فترة قصيرة فاعتقد أنه سيكون هناك مستوى ثان من التأثيرات الصادمة على الاقتصاد."
وأضاف "زيادة الرواتب ستزيد من التضخم لأنها ستترجم الى استهلاك إضافي مباشر من قبل العمال المصريين. سينفق الناس المال ويرفعون الأسعار."
وسينخفض دخل الحكومة من الضرائب انخفاضا كبيرا في الأشهر القادمة نتيجة انهيار السياحة وانخفاض تحويلات العاملين بالخارج وتراجع الاستثمار الأجنبي على المدى القصير.
واذا اقترضت لتمويل اي زيادة في الرواتب فإنها ستفعل هذا حين تكون تكلفة الاقتراض في أعلى مستوياتها بسبب المخاطر السياسية التي يضعها المستثمرون على ديونها.
وقفز العائد على أذون الخزانة لأجل 91 يوما نقطة مئوية كاملة منذ اندلعت الاحتجاجات الشهر الماضي الى 10.95 بالمئة.
ولن يكون من السهل شرح هذا لمن هم مثل صفاء جودة "52 عاما" وهي أرملة لها خمسة ابناء شاركت في الإضراب امام مبنى التلفزيون الأسبوع الماضي.
وقالت صفاء وهي نائبة رئيس تحرير إنها تجني 700 جنيه شهريا بما في ذلك الحوافز على الرغم من أنها تعمل بالتلفزيون الحكومي منذ 22 عاما.
وأضافت "اذا وزعوا المليارات التي سرقها مبارك على 80 مليون مصري فإنها ستكفي."
ويوم الجمعة حذر المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير مصر من أن الإضرابات العمالية تهدد الأمن القومي وقال إنها يجب أن تتوقف لكن محللين قالوا إنه ما لم يتم الإسراع بضم وجوه من المعارضة الى الحكومة فإن هذه التحذيرات قد لا تلقى آذانا صاغية.
ومن المتوقع أن يعلن الجيش عن حكومة جديدة خلال الفترة الحالية.
وتقدر شخصيات بارزة كثيرة حجم المشكلة. ويوم الجمعة دعا الشيخ يوسف القرضاوي رجل الدين المقيم في قطر وأحد أوائل المؤيدين للثورة المصريين الى العودة للعمل.
وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها وسط جمع من مئات الآلاف من المصريين في ميدان التحرير وبثها التلفزيون لكل من توقف عن العمل او أضرب عنه او شارك في اعتصام إن دعم هذه الثورة يكون من خلال العمل وناشدهم الصبر.
ويقول محللون إن تحديد اي أموال تم جنيها بشكل غير مشروع سيكون مهمة صعبة جدا ناهيك عن تتبعها واستعادتها.
وقال سفاكياناكيس "استشرى الفساد في مصر على نطاق واسع. ما كنت تستطيع القيام بأعمال دون الضلوع في صفقات فاسدة. اذا بدأوا توجيه الاتهامات للجميع فإنه سيكون عليهم توجيه الاتهام لمجتمع الأعمال في مصر بالكامل."
وحتى تعقب أموال عائلة مبارك لن يكون سهلا ويقول محللون إنها قد تكون عدة مليارات من الدولارات.
وقال سفاكياناكيس "إنها مسألة منهكة ستستغرق وقتا كبيرا جدا لتعقبها "الأموال" والعثور عليها وإعادتها."
وأضاف "قد تكون في شركات ورقية... لن تكون مجرد نقود في سويسرا بانتظار أن تطلبها السلطات."
شام نيوز - العرب اونلاين - وكالات