مصطفى علي يستنطق جذوع الأشجار

"المقصلة" عنوان صادم اختاره النحات مصطفى علي لمعرضه الجديد في غاليري أيام للفنون التشكيلية الذي افتتح مساء السبت.
يستخدم علي في لوحاته التسع المشغولة بالخشب الخام المقطوع مباشرة من الأشجار تقنية تعبيرية تشي بتمكن النحات من أدواته وتحكمه بالمادة الخام التي يستخدمها مهما كانت صعبة.
ونقلت وكالة "سانا" عن الدكتور رياض عصمت وزير الثقافة الذي حضر افتتاح المعرض قوله: إن أعمال الفنان مصطفى علي ليست غريبة عني فأنا أعرفه منذ فترة طويلة وأعرف نمو تجربته وانفتاحها على الثقافات العالمية ومعارض وورشات النحت التي أقامها مع فنانين عالميين.
وأضاف الدكتور عصمت في هذا المعرض يمكن ملاحظة نقلة نوعية ومرحلة جديدة في عمل مصطفى علي بعد أن كان يشتغل على مادة المعدن ويقدم أعمالاً مستلهمة من الفنان جياكوميتي إلى حد كبير.
وأوضح وزير الثقافة أن أعمال الفنان علي في هذا المعرض تستخدم جذوعاً حقيقية لأخشاب وأشجار ولاسيما الصنوبر يستفيد منها ليقدم لمسات بآلات حادة تطرح رؤى متنوعة بين الأعمال الكابوسية كعمل المقصلة وبين أعمال فيها مسحة صوفية مشيراً إلى أن في هذه الأعمال تفرداً وخصوصية ترسم الهوية الفنية لمصطفى علي.
من جانبه أشار النحات علي إلى أهمية التجديد في التجربة الفنية وإلى ضرورة الجرأة في طرح الأفكار والمواد الجديدة لأنها تعطيه شيئاً جديداً يضاف إلى تاريخ التجربة الفنية والنحتية في العالم وقال: إن الفنان بحاجة بشكل دائم لمادة جديدة تحرضه وتمده بمفهوم جديد.
وأوضح علي أن المعرض يعالج موضوع الأفكار التي تدور في الرأس والتي لديها مقدرة على التغيير مشيراً إلى أن خطورة هذه الأفكار أنها تؤدي أحياناً إلى تخلي الرأس عن الجسد وهذا الأمر موجود في التاريخ فالتغيير يأتي دائماً من أصحاب الأفكار الجديدة.
وأكد علي أن الأفكار أقوى بكثير من الوجود المادي وبالتالي فإن المنحوتات التي وقفت على هيئة رؤوس ما هي إلا أفكار قوية بقيت موجودة بسبب قوتها وتجددها في الوقت نفسه.
وأشار الفنان علي إلى أن هذا المعرض يشكل نقلة جديدة تماماً في تجربته النحتية التي تصل إلى نحو 30 عاماً مبرراً ذلك بالقول: عندما يطرح الفنان مادة وفكرة جديدتين ويخلق حواراً بينه وبين هذه الثنائية فإن شيئاً مفاجئاً وجديداً يلمسه بين يديه تضاف إلى تجربته ومعرفته الفنية مضيفاً إن اشتغالي على الحجوم الكبيرة يرفد هذه المسألة ويؤكد رغبتي بإيصالي فكرتي لأكبر فضاء ممكن.
ويرى النحات أكثم عبد الحميد مدير الفنون الجميلة أن هذه المنحوتات تمد المتلقي بانطباع جيد ولاسيما أن الفنان علي قدم الخشب بطريقة بسيطة ومختزلة مع الحفاظ على سمة الخشب وإعطاء إحساس الحجر.
وقال عبد الحميد إن هذا التبسيط والاختزال ينم عن مقدرة وفهم الفنان علي لمادة الخشب وتمكنه من معالجته بطريقة تشكيلية مزج فيها بين الخط المنحي الناعم والخط القاسي فكانت الإخراجات النهائية جيدة وجميلة مضيفاً أن بعض الأعمال تحمل رائحة التاريخ لكنه قدمها بروح جديدة فعالج الرأس بنعومة الوجه ولم يدخل في التفاصيل بل اشتغل على الخطوط الخارجية التي تحدد من خلال السطوح للبورتريه.
فيما رأى النحات زكي سلام أن هذا المعرض يشكل خطوة جديدة يستكمل من خلالها الفنان علي مشروعه الإبداعي بعد أن اشتغل في هذا السياق عبر تركيباته مع المعدن وقال: في هذه التجربة يشتغل الفنان علي على مادة واحدة ومنطقه الأساسي هو التعبير إذ إنه كان يتراوح بين المفهوم التعبيري وبين سياق النحت المحلي والنحت العالمي.
وأضاف سلام أن الفنان علي أخذ البورتريه كنموذج والخشب كمادة واشتغل على موضوع واحد من زوايا مختلفة وكأن التلخيص الشديد في أعماله يوضح مقولته بأكثر ما يمكن ويعطي إضاءة على تجربة هي الأهم في تجارب مصطفى علي.
وفي إطار استحضاره للتاريخ في أعماله أشار سلام إلى أن هذا الأمر فرضه تأثير المكان وتأثير ثقافة هذا المكان فالفنان علي بدأ بالبرونز من تأثيرات أوغاريت ومن أعمال الفينيقيين محافظاً على مكانه الثقافي مشيراً إلى أنه استطاع أن يشتغل بأسلوبه المعهود أعمالاً مفهومة للإنسان العربي والغربي.
يشار إلى أن النحات مصطفى علي من مواليد اللاذقية 1956 خريج الفنون التشكيلية 1974 والفنون التطبيقية 1977 وكلية الفنون الجميلة 1979 وأكاديمية الفنون الجميلة بإيطاليا 1996.
شارك الفنان علي في عدد كبير من المعارض الفردية والجماعية وفي العديد من الملتقيات النحتية داخل سورية وخارجها كما حصل على جوائز عربية وعالمية مهمة بينها جائزة معهد العالم العربي في باريس عن منحوتة ضخمة تصل مساحتها الأفقية إلى 36 متراً مربعاً.
شام نيوز- سانا