مطالب بالعودة إلى النظام الامتحاني السنوي «نظام الدورتين»؟

بداية إن خريجي كليّات العلوم الإنسانية ليسوا على قدر مُرضٍ من الكفاءة والخبرة، لأنهم ضحايا النظام الفصلي ووليده النظام الفصلي المعدّل الذي أضاف دورة امتحانية ثالثة.
لقد كان للنظام الفصلي أثر بارز في تقليص فترة دوام الطالب الفعلية التي تضاءلت بسبب فترات الامتحانات والعطلات التي تسبقها وتليها. وانعكس فشل النظام الفصلي على أداء الخرّيجين في المدارس وأسواق العمل، ولا ريب في أن أداءهم غير المرضي هذا ما هو إلا تبعة من تبعات النظام الفصلي الذي حرمهم التعلم في بيئة تعليمية صحية. لذلك يأتي هذا المطلب تلبية لنداء وطننا الحبيب الذي يستغيثنا لإعادة بنائه. وبما أننا ندرك أن أطفال الوطن هم أجيال المستقبل، فلماذا لا نتضافر على تأمين بيئة علمية صحية فنعد لهم معلمين نالوا القسط الكافي من الخبرة والتعلم. إذ ما ذنب أطفالنا الأبرياء حين يُعاقبون بدخول مدارس معلموها يفتقرون إلى الكفاءة الحقة.
وغنيّ عن الذكر هنا أن هذا المقترح مراجعة تندرج في إطار ما يُعرف في الأوساط الأكاديمية البريطانية بـ Feedback التي تقوم على إجراء تقويم علمي إثر أية تجربة أو ورشة عمل بغية تلافي نقاط الضعف والقصور.
سيئات النظام الفصلي
1- تقلصت فترة دوام الطالب الفعلية، فالفصل الدراسي الأول يبدأ بعد عطلة السادس من تشرين الأول وينتهي في الأسبوع الأول أو الثاني من كانون الأول، وهذا يعني أن فترة المحاضرات لا تزيد على شهرين وأسبوع على الأكثر. ويبدأ الفصل الدراسي الثاني فعلياً بعد عطلة الثامن من آذار وينتهي الدوام في الأسبوع الأول من أيار، وهذه الفترة لا تزيد على شهرين وأسبوع على الأكثر. يؤكد هذا أن فترة الدوام الفعلية لا تزيد على أربعة أشهر ونصف الشهر، وهنا علينا ألا نتناسى العطلات الرسمية الكثيرة.
2- قُزِّمت المقررات الدرسية، ففي أقسام اللغة الإنكليزية، على سبيل المثال، غداً مقرر اللغة لمقررين: اللغة (1) واللغة (2)، وطال المصير مقررات أخرى كالإنشاء والترجمة والأدب المقارن وغيرها. وتكمن خطورة شرذمة المقررات في عدم تمكن المدرس من تدريس المقرر على النحو المرجو، ففترة الدوام القصيرة لا تكفي للشرح والتحليل العميقين.
3- استحال المدرس الجامعي إلى ممتحن، وغدا تصحيح الكم الهائل من الدفاتر الامتحانية هاجسه اليومي، وزيارة كلية الآداب، في تلك الفترة، تُظهرُ أنها منشغلة من عميدها إلى أذنتها بعملية امتحان لا تستأهل الجهود المبذولة، لأن المقررات لم تنل القسط الكافي من الدرس والتحليل. وما من شك في أن كثرة الامتحانات وأعباءها ترهق الطالب والمدرّس والإدارة وتُخمد في نفوسهم روح الاندفاع للعمل الجاد.
وجاء النظام الفصلي المعدّل فزاد الطيّن بلةً، ويجدر التأكيد هنا أن إقرار النظام الفصلي المعدّل ضرب بمقترحاتنا السابقة عُرض الحائط، وإليكم بعض الأمثلة:
1- يثبط هذا النظام الامتحاني همم الطلبة فيتراخون ويتقاعسون، لأنه يسهّل عليهم عملية الترفّع والنجاح، فالنجاح بمقررين اثنين فقط في كل من الفصل الأول والفصل الثاني يمكن الطالب من التقدم للامتحانات الفصلية الثالثة، وهذا الأمر جدّ غريب، وأشك أن يكون له نظير في أصقاع المعمورة برمتّها.
2- يضيف النظام الفصلي المعدّل امتحاناً ثالثاً، وهذا ما يزيد انهماك العاملين الإداريين والعلميين بأعباء إضافية، فتمضي العطلة الصيفية، وأمّا العاملون العلميون فإن تضحيتهم مضاعفة لأنهم يشاركون في المهمات الامتحانية ويقومون بتصحيح كمّ كبير من الدفاتر الامتحانية، وبهذا يتفاقم الإحساس بالإرهاق والضجر في نفوس الجميع.
محاسن النظام الامتحاني السنوي
1- يبدأ العام الدراسي في الشهر التاسع وتتخلله عطلة مدتها أسبوعان، ويستمر الدوام حتى منتصف شهر أيار، وهذا دلالة جلية على المساحة الزمنية الكافية لتدريس المقررات وإشباعها، إذ ليس ثمة امتحان نصفي ولا عطلة قبله وبعده.
2- ينعكس هذا المتسع من الوقت إيجاباً على المقررات الدرسية، لأنها تعود إلى سابق عهدها، فمقررا اللغة (1) واللغة (2)، على سبيل المثال، يدمجان فيصبحان مقرراً واحداً (اللغة)، وتدمج باقي المقررات التي شُرذمت في ظلال النظام الفصلي. وهنا يتقلص عدد المقررات المطلوبة فلا يتجاوز الثمانية مقررات. وهذا يُريح كلا من الطالب والمدّرس على مدار السنة.
3- تبدأ الدورة الامتحانية الثانية في آب، ولا أتذكر شروط التقدم إليها، لأنني كنت أنجح من الدورة الأولى. ولكن يمكن الإطلاع على شروطها في شُعب الامتحانات في جامعتي دمشق وحلب. على ضوء ما تقدم نرى مثالب النظام الفصلي والنظام الفصلي المعدّل، فكثرة الامتحانات ليست مفيدة دوماً، فأعداد الطلبة هائلة، والفحوص العملية لحلقات البحث لا تعبّر عن مستوى الطالب، لأن المدرّس لا يستطيع أن يمتحن كل طالب ضمن التوقيت المثالي، بسبب ضخامة الأعداد.
شام نيوز - الوطن