مطبخ "السين ـ سين" ينجز الطبخة والوليمة بعد العيد

انفرجت نسبيا في العراق، والتسوية السياسية هناك قيد الإنجاز بالتفاصيل الدقيقة، على الرغم من انسحاب رئيس "القائمة العراقية"، وبالتالي نعيه للاتفاق، فيما كانت غالبية كتلته تعلن مضيها في خيار حكومة نوري المالكي.

والواقع أنه بعد أن وضع كل فريق لبناني نقاطه على حروف الخلاف السياسي المحتدم، حول المحكمة وقرارها الاتهامي، باتت صورة التسوية الممكنة تحتاج إلى جهود وجولات مكوكية على غرار تلك التي كان يقوم بها المبعوثون العرب أيام احتدام الأزمات في لبنان، وخصوصاً أيام الموفد العربي الأخضر الإبراهيمي في أواخر الثمانينيات، وهذا ما ساهم في سحب مشروع التسوية من أيدي اللبنانيين لصياغته عربياً، قبل عرضه على كل الأطراف كوجبة جاهزة يمكن للأطراف الداخليين اختيار طريقة تقديمها إلى اللبنانيين، أو إضافة بعض النكهات من المطبخ اللبناني كي تكون مستساغة.

ما هي المعلومات المتوافرة عن صيغة التسوية؟

تؤكّد مصادر سياسية مطّلعة أن "العجنة" الأولى وضعها الرئيس نبيه بري بالتعاون مع النائب وليد جنبلاط وجرى إطلاع رئيس الجمهورية ميشال سليمان على فحواها، ثم عمل كل من موقعه على محاولة تسويقها في العواصم الثلاث: دمشق والرياض وباريس، وكانت تنصّ على آلية تستبق القرار الاتهامي وتؤدّي إلى «تجميد» عمل المحكمة الدولية من خلال محاولة تعديل نظام عمل المحكمة بقرار من مجلس النواب في لبنان، إلا أن هذه الفكرة ما لبثت أن اصطدمت بإصرار أميركي على عدم المسّ بالمحكمة الدولية، ما أدى إلى تعديلات أساسية فيها تركّز على مخارج أخرى تأخذ بالاعتبار أيضاً أن القرار الاتهامي سيصدر حتماً ولا إمكانية لإلغائه، وربما لم يعد ممكناً تأجيله أبعد من نهاية العام الجاري، وهو ما زاد في حرارة السباق بين الجهود السعودية ـ السورية وبين الموعد الافتراضي لصدوره.

ويبدو أن الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله ومعاونه السياسي الحاج حسين الخليل والرئيس سعد الحريري ودائرة ضيقة حوله، على علم بتفاصيل المسعى، وإلا لما كان تورط أحدهما (نصر الله والحريري) في تأكيد ذلك علنا أو ضمن الدوائر الداخلية.

وبحسب ما يتردّد، فإن المشاورات الجارية بين الرياض ودمشق أثمرت بداية الشهر الحالي إلى وضع ورقة من خمس نقاط:

ـ استمرار التهدئة وتعزيزها في لبنان تمهيداً لتلقي صدمة القرار الظني بأقل قدر ممكن من التوتّر، وقد جاءت جلسة مجلس الوزراء الأخيرة لتترجم هذه النقطة بعد أن جرى تأجيل البت بملف شهود الزور برغم كل ما سبقها من حديث «عن جلسة مفصلية».

ـ إحالة ملف شهود الزور على القضاء اللبناني العادي في انتظار مضمون القرار الظني الذي قد يسمح بالتوسّع في الملف أو وضع الحكومة يدها عليه مجدداً بإحالته على المجلس العدلي.

ـ مبادرة رئيس الحكومة بعد صدور القرار الاتهامي مباشرة إلى موقف استيعابي من شأنه منع أي ارتدادات، وعلى الأرجح يعلن براءة المقاومة من الاتهام.

ـ عقد لقاء بين الحريري ونصر الله يساهم في احتواء القرار الاتهامي وتبني الحريري مواقف تنوّه بالمقاومة ودورها في تحرير وحماية لبنان من العدوان الإسرائيلي، والإعلان عن تشكيل لجان عمل مشتركة لقطع الطريق على أي محاولة للإيقاع بين الطرفين.

ـ إطلاق عجلة العمل الحكومي بما يؤدي إلى دعم الحريري لحمايته من تداعيات الخطوات التي سيتخذها لحماية المقاومة.

وثمة من يتحدّث عن بند ملحق حول إجراء الإصلاحات الضرورية المتعلّقة بالصلاحيات الإجرائية لرئاسة الجمهورية ووضع قانون انتخابي جديد استنادا إلى الطائف ووضع مشروع اللامركزية الإدارية على سكة التنفيذ وبدء الخطوات الضـرورية لإنشاء مجلس الشيوخ.

واستنادا إلى مصادر لبنانية متابعة، فإن الصياغة النهائية لهذه الأفكار ـ التسوية ستتبلور خلال عطلة عيد الأضحى المبارك بعد اطلاع المعنيين في لبنان عليها، على أن تبدأ ترجمتها بعد عطلة العيد مباشرة. وستكون جلسة مجلس الوزراء المقبلة أولى الترجمات العملية لهذه التسوية عندما يجري البت بملف شهود الزور، وبعدها تكرّ سبحة التطورات المفترضة، وإن كانت هناك خشية فعلية من سباق يجري بين محاولة إنتاج التسوية المذكورة وتسريع مسار صدور القرار الاتهامي.

 

 

 

 

 

السفير