معاون وزير العدل: نتائج لجنة مكافحة الفساد ستُعلن على الملأ


قال الدكتور نجم الأحمد معاون وزير العدل وعضو لجنة مكافحة الفساد إن اللجنة المشكلة بقرار من رئيس مجلس الوزراء مطلوب منها وخلال فترة زمنية محدودة البحث في أسباب الفساد العامة والخاصة والقانونية والأخلاقية وكل العوامل التي تؤدي إلى نشوئه ووجوده في المجتمع السوري.
وبين الأحمد في تصريحات لصحيفة البعث أن اللجنة اطلعت على تجارب الدول الأخرى، مضيفاً: إنه تم الاطلاع على تجارب دول عربية وأجنبية بهذا الصدد، وعلى تجارب دول أخرى سبقتنا في إحداث هيئات ولجان لمكافحة الفساد، كما تم الاطلاع على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وما تضمنته من الأحكام والالتزامات التي تقع على الدول بهذا الخصوص، كما اطلعت اللجنة على الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد وعلى القرار العربي الاستشاري تحديداً لمكافحة الفساد الذي ساهمت سورية في إعداده، خلال السنتين الماضيتين من خلال موفديها إلى جامعة الدول العربية، لإبداء الملاحظات عليه لكي تستخلص بالنتيجة رؤية شاملة وموحدة دقيقة وشفافة إزاء مكافحة الفساد وإيجاد آليات وضوابط قانونية تسهم في مكافحة الفساد وتعزيز مبدأ النزاهة وتكافؤ الفرص.
وعن الآليات التي تستند إليها اللجنة في عملها لتعزيز مفهوم النزاهة والشفافية في الجهات الحكومية قال: من الواجب أن نجسد المبادئ على أرض الواقع بصورة صحيحة وفعلية و يأتي في مقدمتها وضع الرجل المناسب في المكان المناسب وإسناد الاختصاص إلى من سيقوم به بكفاءة ودراية عالية والبحث عن الأشخاص الموهوبين أو ممن يمكنهم أن يؤدي العمل بكفاءة ممكنة وتفعيل آليات المحاسبة وأن نجسد قولاً وفعلا مبدأ "من أين لك هذا "، فلم يعد اليوم ممكناً لشخص ما أياً كان هذا الشخص أن يكدس الثروات بالطريقة التي يشاء ثم يرسلها للخارج أو الداخل، لذلك علينا أن نجسد بصورة عملية مبدأ "لكل شخص بقدر ما يستحق"، وبالتالي للفساد أسبابه فحينما نريد أن نصل إلى علاج ناجع يجب تشخيص هذه الأسباب وتحليلها بدقة لكي نستطيع وصف الدواء اللازم، لأننا نكون كالطبيب الفاشل الذي يشخص المرض بطريقة خاطئة الأمر الذي ينتهي إلى وصف دواء لا يناسب الحالة المرضية المعروضة عليه وهذا ما يؤدي إلى نتائج عكسية أيضاً.
وعن ما يتم تداوله بشأن لجوء اللجنة إلى نسخ قوانين دول أخرى تخص مكافحة الفساد رد الأحمد قائلاً:الآليات التي يصاغ فيها أي مشروع قانون تتبنى إعداده الحكومة أو يبادر مجلس الشعب إلى اقتراحه، تتم وفق الآليات الدستورية الموجودة في سورية، فاطلاعنا على تجارب الدول الأخرى أمر مفيد، لكن هذا لا يعني أننا نأتي بهذه القوانين ونأتي بها كما هي "مصنعة" إلى سورية، بل على العكس فنحن ندرس القوانين ونأخذ أفضل ما فيها وبما يتلاءم مع ظروفنا السياسية والاقتصادية والثقافية والتربوية أي أن القانون سيصبح بثوب وطني بما ينسجم مع البيئة القانونية القائمة في سورية، ولكن كل قانون مهما بذل له من جهود وكان هناك عناية فائقة في صياغته حتى وإن كان موجوداً في دولة عربية قريبة منا في كل شيء إلا أننا بحاجة لدراسة كل مشروع على حدى ولا يوجد مانع من الاستفادة من تجارب دول الغير ولكن بالقدر الذي يخدم مصلحتنا الوطنية، فيجب أن تعكس القوانين واقعنا السوري بدرجة أساسية.
ورداً على سؤال يتعلق فيما إذا كانت اللجنة تتبع إحدى الجهات الحكومية أو كونها جهة مستقلة، نفى الأحمد تبعيتها لأحد قائلاً: هذه اللجنة لدراسة ظاهرة الفساد وآليات مكافحته وليست لجنة لمكافحة الفساد، وهي شأن كل اللجان التي أحدثها السيد رئيس مجلس الوزراء، فهي لجنة مستقلة تماماً وقد انتهى دور الحكومة عند تشكيلها الآن، هذه اللجنة تعمل باستقلالية تامة ولا يوجد أي شيء يمكن أن يملى عليها أو أن يطلب منها أن تسير في اتجاه دون اتجاه آخر، كما ستبدي آراءها بمنتهى الوضوح والشفافية وستعلن النتائج على الملأ ويدفعها شيء واحد لتحقيق الواجب الوطني ولتحقيق مطالب شعبنا في استئصال هذه الآفة من جذورها في مجتمعنا وعدم العودة إليها تحت أي ذريعة كانت، فهي ليست مرتبطة بأي جهة على الإطلاق.
وحول دور وسائل الإعلام في الكشف عن مكامن الفساد، وعن إمكانية استفادة اللجنة مما ينشر من تحقيقات صحفية في هذا المجال، أجاب الأحمد قائلاً: تستفيد اللجنة من الدراسات والأبحاث التي تقدم إليها، حيث أنها تتلقى أي مقترح أو دراسة بهذا الشأن بعد أن يقدم إلى الأمانة العامة لرئاسة مجلس الوزراء لتعرض فيما بعد وتدرس من قبلنا لتأخذ نصيبها الكافي من الاهتمام، ولا يوجد شيء يأتي من الفراغ حيث أننا نتابع وسائل الإعلام والصحف الرسمية ونهتم بكل الآراء التي تطرح ولا يمكننا أن نهمل أي رأي من الآراء إذا كان موضوعياً، ليصب في خدمة الهدف الذي أحدثت لأجله هذه اللجنة.
وأما فيما يخص بيان إقرار الذمة المالية لكل مسؤول فقد بين نجم الأحمد أن بيان إقرار الذمة المالية هو أحد الموضوعات المطروحة الآن أمام اللجنة في اجتماعها.
وأما عن طبيعة علاقة اللجنة مع الأجهزة الرقابية الأخرى كالهيئة المركزية للرقابة والتفتيش والرقابة المالية قال الأحمد: لجنة مكافحة الفساد لن تحل محل أي منهما، فللجنة مهمة محددة في إطار زمني محدد، فهي تبحث وتدرس ما كان قائماً من واقع قانوني يغطي هذا الموضوع وما يجب إحداثه من مؤسسات أو رؤى قانونية يجب أن تجسد على أرض الواقع بشكل فوري، فعمل اللجنة لا يتعارض مع الأجهزة الرقابية الأخرى كونها أحدثت كما تحدث أي لجنة في أي دولة في العالم إزاء بحث ظاهرة ما أو قضية ما وستقدم الحلول الناجعة إزاء هذه الظاهرة ولربما ستسند هذه المهمة برؤاها الجديدة ومهامها الجديدة إلى الأجهزة الرقابية القائمة حالياً أو ربما يتم اقتراح جهات أخرى متخصصة في هذا الموضوع ونحن بدورنا سنختار الأفضل لبلدنا ومجتمعنا بما يؤدي إلى مكافحة ظاهرة آن الأوان لاجتثاثها من مجتمعنا باعتبارها تتنافى مع عاداتنا وتقاليدنا وثقافتنا وحتى مع ديننا الإسلامي والمسيحي وبالتالي قد حانت الساعة لوضع حد لهذه الظاهرة التي أهدرت وتهدر أموال السوريين إلى غير موضعها الطبيعي، هذا فضلاً عن تأثيرها السلبي على الاقتصاد الوطني مما ينعكس بصورة سلبية على الخدمات التي تقدمها الدولة من مرافقها العامة ومن خلال مشاريعها.
وعن كيفية مكافحة الفساد الخفي إلى جانب الظاهر أجاب نجم الأحمد قائلاً: الفساد الخفي ليس هاجساً كبيراً لأن لجنة مكافحة الفساد لجنة متخصصة قانوناً بحكم خبرتها وبحكم اختصاصها لن تقف عند مظاهر الفساد الظاهرة كالاختلاس والرشوة وإساءة النفوذ وإنما تبحث أيضاً في العوامل غير المباشرة التي تؤدي إلى الفساد وقد بحثتها بإسهاب أيضاً وسيصار إلى تضمين النصوص القانونية ما من شأنه أن يؤدي إلى القضاء على الفساد الظاهر أو الخفي. وأما فيما إذا كانت الحصانة ستحمي المسؤول من المساءلة القانونية أمام اللجنة قال: إن الحصانة عندما تمنح لجهة ما أو شخص ما -كالحصانة التي تمنح لعضو البرلمان في أي دولة من الدول أو الحصانة القضائية التي تمنح للقاضي- فهي تمنح ليتمكن صاحب الاختصاص من النهوض باختصاصه دون تدخل أحد لا أن تحميه من ارتكاب الجرائم وأن يفعل ما يشاء بعيداً عن الرقابة، فالحصانة عندما تمنح فهي تقيد من الإجراءات التي بمقتضاها تتم الملاحقة بشكلها العادي وبالتالي عندما يرتكب من اكتسب الحصانة الجرم الذي يعاقب عليه القانون فهذا لا يعني أنه تحت الحصانة وباستطاعته أن يفلت من العقاب، فجرائم الفساد جرائم جزائية لا يمكن لأي أحد أياً كان أن يرتكبها مستفيداً من حصانته مهما كانت تلك الحصانة وإن كانت آليات الملاحقة والمتابعة القانونية قد تختلف تبعاً لنوعية الحصانة الممنوحة، فالحصانة لا تحمي من ارتكاب الجرائم.
وأما فيما يتعلق بمسألة الإفصاح أو التشهير بأسماء المفسدين قال الأحمد: لن أجيب عن اللجنة ولكني سأطرح رأيي الشخصي في هذه النقطة تحديداً لأقول إن مبدأ الشفافية مبدأ مهم، فمن يرتكب الفساد يضر المجتمع بأكمله وبالتالي لا ضير من الإعلان عن التحقيقات أو الإجراءات المتخذة بحقه ولربما ذلك يشكل رادعاً أدبياً للمجتمع. ورداً على سؤال يتعلق بإمكانية وضع حد للفساد والحيلولة دون استشرائه في حال تم تطبيق أو تفعيل قانون الكسب غير المشروع قال الأحمد: إن المشكلة ليست في النصوص القانونية، فقانون الإثراء أو الكسب غير المشروع الذي طبق أثناء الوحدة مع مصر، توقف بسبب ظروف الانفصال ولم يتم إلغاؤه إلى يومنا هذا، ثم أنه ليس هو القانون الوحيد الذي يعالج مشكلة الفساد وإنما ثمة قوانين أخرى ومن هنا يتوجب على كل دولة أن تستفيد من تجاربها وواقعها وعلينا الآن أن نسلط الضوء على هذه الظاهرة بشكل موضوعي لا أن نقول لو أننا فعلنا كذا لكان كذا، فما حدث حدث وظاهرة الفساد ظاهرة عالمية لا تقتصر على مجتمعات بعينها ولكننا نريد أن يأتي فيه يوم تصبح فيه ظاهرة الفساد من منسيات هذا المجتمع وأن يشار بأصابع الاتهام والاستهجان إلى كل فاسد في هذا المجتمع وأعتقد أن المسألة ليست مرتبطة بقضاء ما إنما يجب أن نشيع مفاهيم الأخلاق والتربية الصحيحة بين أبنائنا وأن نتعاون جميعاً في هذا المجتمع فالمسؤولية هي مسؤولية الجميع لا يمكن لأي جهة مهما أوتيت من قوة أن تنهض لوحدها بهذه المهمة، فيجب أن يشارك المجتمع بكل شرائحه وأطيافه وأن يكون له دوراً مهماً وفاعلاً في مكافحة الفساد واستئصاله من جذوره، لأن الفائدة ستعود على الجميع وعلى الوطن بكل ربوعه.