"مغارة الرفيعة" .. جيب الأرض الذي ابتلع قيس!

لميس حسين - شام إف إم
بين نبع الدلبة وسد الدريكيش وتحديداً جنوبي نهر قيس.. تقبع مغارة "الرفيعة" على السفح الشمالي لجبل الدريكيش كثقب أسود يحرك الفضول البشري ويناديه..
ما هي طبيعة المغارة الجغرافية؟
بالمغارة المعقدة جداً وصف الباحث الجيولوجي د. سعيد ابراهيم لشام إف إم مغارة "الرفيعة" التي سميت بهذا الاسم نسبة لتفرعاتها الضيقة شارحاً بقوله التالي طبيعة المغارة الجغرافية: "تملك مغارة "الرفيعة" أربعة سراديب ضيقة ذات طبيعة معقدة، فعند دخولك من باب المغارة تكون المساحة واسعة للناظر حتى مسافة 15 متراً ومن ثم تضيق تدريجياً باتجاه الأسفل حتى 70 متراً حيث يوجد بهو صغير يحتوي على سراديب".
ما تفاصيل حكاية ضياع الشاب قيس؟
وصل الشاب قيس الزرزور صاحب الثمانية عشر عاماً إلى مغارة "الرفيعة" مع رفاقه، ليتجاوز قيس باب المغارة إلى الداخل على ضوء "قداحة" فقط وعند وصوله إلى بهو المغارة الداخلي فقد الشاب الاتجاهات الفعلية للمكان، وأكمل باتجاه بهو عكسي ظناً منه أنه سرداب الخروج بحسب ما أفادت به معطيات الباحثين عن الشاب خلال الأيام التالية لفقدانه، حيث أكد د. إبراهيم لشام إف إم أن الانسان بطبيعة الحال يفقد الاتجاهات الحقيقة عند دخوله للمغارات إضافة لتأثير الظلام الدامس وفقدان الاتصال مع العالم الخارجي، مبيناً أن الآثار المتكررة لكفوف الشاب قيس على الجدران وأقدامه على الأرض تثبت دخوله إلى السرداب العكسي عن طريق الخطأ ومحاولته الخروج دون نتيجة.
ما هي نهاية مغارة "الرفيعة"؟
تمتد مغارة "الرفيعة" لكيلومتر ونصف الكيلو متر داخل جبل الدريكيش وتنتهي بنهر جوفي تحت الأرض، وكما ذكر المتطوعون من القرية ممن دخلوا في السرداب العكسي فإن الشاب قيس وصل حتى مسافة 700 – 800 متر ومن ثم وقع في حفرة لم يستطع الخروج منها حيث وجدت جثته بعد 11 يوماً من فقدانه، هذا وبين الباحث الجيولوجي لشام إف إم أن كمية الهواء المتسرب من سقف المغر وفتحات جدرانها تمكن الإنسان من التنفس ولكن بصعوبة شديدة، ليصبح البقاء على قيد الحياة أمراً ميئوساً منه في حال استمرار احتجازه لفترة طويلة.
ما هو الأثر النفسي للوجود داخل المغارات لفترة طويلة؟
نقص الأوكسجين وعدم الحصول على الطعام والشراب والبقاء في منطقة مظلمة ومعزولة، كلها أسباب تؤدي لآثار نفسية سلبية على الإنسان وكذلك هو وضع البقاء الطويل في المغر، بحسب ما أكده لشام إف إم أخصائي الطب النفسي د. عمار شقير الذي بين أن فوبيا الدخول للمغارات تندرج تحت مسمى الفوبيا من الأماكن الضيقة، والتي تسبب نوبات الهلع لزيادة إفراز الأدرينالين واستنفار الجسد بسبب ضغط مشاعر الخوف والأفكار السلبية والحرمان الحسي، إضافة لرؤيته لتخيلات غير موجودة يسميها الطب النفسي بالـ " إهلاسات" سمعية وبصرية، وبين د. شقير أن الاحتجاز القسري كان يستخدم كواحد من أساليب التعذيب قديماً.
بجانب نهر يُكنى باسمه منذ سنين طويلة.. كانت مغارة "الرفيعة" .. حيث تملكت قيس دهشة المجهول.. فكان الصمت الرهيب عندما التوى داخل بطن الأرض.. ليبقى السرداب شاهداً على حكايات لن تروى!