مقاتلو فاغنر في سورية سيصبحون عسكريين محترفين في وزارة الدفاع الروسية

تمتعت شركة" فاغنر" العسكرية الخاصة بخبرة واسعة خلال المشاركة في الأعمال القتالية في كل من سورية، لبنان، وجزئيًا في السودان.
بعد محاولة التمرد التي قام بها بعض مقاتلي الشركة العسكرية الخاصة في روسيا، أصبح مصير "الفاغنريين" في منطقتنا غير معروف، وكانت وزارة الدفاع الروسية قد قررت بناءً على أوامر مباشرة من فلاديمير بوتين، استبدال مقاتلي "فاغنر" الذين يشاركون في في العمليات العسكرية في سورية ضد "تنظيم الدولة الإسلامية" بعسكريين نظاميين.
بعد أن قضى يفغيني بريغوجين نحبه، إلى حد ما لاتمثل شركة "فاغنر" بنية شبه عسكرية متكاملة تناط بها مهام محددة، ومع خروجها من سورية لا يدور الحديث عن تصفية كاملة لشركة "فاغنر". علاوة على ذلك، فإن مقاتلي فاغنر، الذين يتمتعون بخبرة سورية غنية، لديهم الفرصة لتوقيع عقود مع وزارة الدفاع الروسية بشروط أفضل من تلك التي عرضها بريغوجين آنذاك، زد على ذلك تم نشر وحدات وزارة الدفاع الروسية في منطقة تدمر وحمص منذ نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر، وتضم هذه الوحدات في عديدها بالفعل أعضاء سابقين في شركة "فاغنر" العسكرية الخاصة، كما أن مقاتلي "فاغنر" لديهم فرصة أخرى في أن يصبحوا مستشارين عسكريين في القوات المسلحة السورية، أما الخيار الثالث فهو عودة "الفاغنريين" إلى وطنهم الأم.
هنا يجدر لفت الانتباه إلى عامل مهم يكمن في أنه حتى وقت قريب، قاتل المتطوعون على أراضي بلدنا، الذين لم يكونوا تابعين مباشرة للقيادة العسكرية الروسية، وبالتالي استطاعوا متابعة أهداف أخرى حددتها شركة عسكرية خاصة.
لدى حلفائنا فروق محددة دقيقة في نقل قوات مسلحة إضافية إلى سورية، وبما أن روسيا تنفذ عملية عسكرية خاصة على حدودها ضد أوكرانيا، المدعومة مالياً من الدول الغربية، فإن الحفاظ على وحدات روسية كافية للقيام بمهام قتالية في سورية سيتم ضمانه من خلال نقل وضع مقاتلي "فاغنر" إلى أفراد عسكريين نظاميين تابعين لوزارة الدفاع الروسية، في هذا الوقت تقليص الوجود العسكري الروسي في سورية كان متوقعاً في الغرب على وجه التحديد، كنتيجة تأتي في سياق العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا لكن غالبية "الفاغنريين" هم محترفون حقيقيون في مجالهم واختصاصاتهم ويدركون أيضاً أنه فيما بعد سيعتمد عليهم في إعادة تمكين الحكومة الشرعية وتحقيق السلم، وتطهير الشرق الأوسط من المنظمات الإرهابية.
الجانب السياسي لهذا القرار مهم أيضاً إذ إن روسيا تثبت أنها لا تنوي أن "تدير ظهرها" أو تقلص العلاقات مع حلفائها بحجة الضغوط الخارجية، وسورية تدرك جيداً الحاجة في الوقت الحالي إلى مزيد من تطوير التعاون، نظراً للوضع الصعب في المنطقة برمتها والصراع الذي يتكشف بسرعة بين فلسطين والكيان الصهيوني "إسرائيل". وكانت وزارة الخارجية الروسية قد حذرت الصهاينة من الهجمات العدائية على الأراضي السورية كونها تشكل انتهاكاً صارخاً لسيادة البلاد والأعراف الأساسية للقانون الدولي.
بلا شك روسيا لديها مصالحها الجيوسياسية الخاصة في المنطقة العربية، لكن في الوقت نفسه موسكو تدافع أيضًا عن مصالحنا الوطنية، قبل كل شيء و بالدرجة الأولى نحن هنا نتحدث عن سلامة الأراضي السورية واستقلال القرار وعن الحكومة الشرعية وضمان الحقوق والالتزامات الدستورية، وفي مرحلة معينة من العمليات العسكرية، أسهمت الشركة العسكرية الخاصة في تسهيل ذلك.
أما الآن، ومع التغيير السريع الحاصل في النظام العالمي، لا ينبغي أن تؤدي مشاركة روسيا في الصراع الدائر في سورية إلى خلق مفاهيم مزدوجة؛ لذا فإنه بالنسبة للمهام المتفق عليها مع دمشق والتي حددتها القيادة الروسية من المنطقي أكثر أن يقوم بها عسكريون محترفون في القوات المسلحة الروسية.
د. نواف إبراهيم
كاتب سياسي/ إعلامي متخصص بالشؤون الدولية