ممرض يسرق كميات كبيرة من اللقاحات المخصصة للمدارس والمناطق النائية ويبيعها للأطباء

تم كشف عملية استجرار لقاحات أطفال من أحد مستودعات المناطق الصحية بحلب وبيعها لعدد من الأطباء الذين قاموا ببيعها في عياداتهم الخاصة للأطفال .
وفي التفاصيل فإن إحدى الجهات المختصة بحلب ألقت القبض منذ أيام على المدعو ( إبراهيم . ض 40 سنة ) وضبطت داخل سيارته الخاصة ( 34 ) علبة و( 12) أمبولة من لقاحات ( السل - الكبد- الشلل - الحصبة - الرباعي ) قام باستلامها من مستودع منطقة سمعان الصحية وذلك بينما كان في طريقه الى بيعها لأطباء أطفال ليقوموا بدورهم ببيعها في عياداتهم .
وخلال التحقيق معه اعترف ( إبراهيم ) الذي يعمل منذ حوالي ( 10 ) سنوات مسؤول الفريق الجوال في تلك المنطقة بأنه قام وعلى مدى سنوات عديدة باستجرار كميات كبيرة من اللقاحات من المستودع بذريعة إعطائها للأطفال في المدارس والريف لكنه كان يبيعها لعدة أطباء تم القبض عليهم حيث اعترف الطبيبان ( وحيد.م - محمد.ر.م ) بشراء لقاحات منه خلال السنوات الماضية وبكميات كبيرة وبيعها في عيادتيهما للمراجعين من الأطفال .
تفاصيل وملابسات
وللوقوف على آلية استلام اللقاحات وتوزيعها وإعطائها والرقابة على الكميات المسلمة والمنفذة على أرض الواقع وكيفية حدوث تلك السرقات دون أن يتم كشفها من قبل المديرية المعنية ليترك للمصادفة أن تتكفل بذلك التقت ( الجماهير ) الدكتور وضاح حسين رئيس دائرة الرعاية الصحية في مديرية صحة حلب الذي قال : تقوم وزارة الصحة بتوريد اللقاحات من خارج القطر حيث تؤمن حاجتها وحاجة القطاع الخاص إذ تدفع سنوياً أكثر من مليار ليرة سورية ثمن هذه اللقاحات ثم تقوم بحفظها وتخزينها ضمن آليات وشروط صحية محددة بعد استلامها من المطارات , بعد ذلك تقوم كل محافظة باستجرار الكميات من اللقاحات حسب الأهداف المعتمدة وعدد السكان والأطفال دون السنة , علماً أن محافظة حلب تستهلك حوالي ( 25 % ) من اللقاحات التي تستوردها الوزارة , كما يحق للمديرية استجرار كمية كاحتياط من اللقاحات تقدر بـ ( 25 % ) من الهدف المحدد , وبعد الاستجرار يتم تخزينها في مستودع المديرية بعدها توزع على مستودعات المناطق الصحية حيث توجد ( 14 )منطقة بالمحافظة ( 10 في الريف و4 في مدينة حلب ) وذلك بوساطة سيارات مبردة أو صناديق خاصة ومن ثم تتم عملية توزيعها على المراكز الصحية التي يبلغ عددها ( 212 ) مركزاً بحلب ( 35 بالمدينة و177 بالريف ) بكمية تزيد عن حاجة كل مركز لمدة شهر شتاء و( 15 ) يوماً صيفاً .
طرق إعطاء اللقاحات
وعن الطرق المتبعة لإعطاء اللقاحات قال رئيس الدائرة : تقدم خدمة اللقاحات من خلال المراكز الصحية والفرق الجوالة العائدة لمديرية الصحة , والمراكز الصحية الخيرية التي تستجر اللقاحات من المديرية مجاناً وتعطيها مجاناً أيضاً وفق ضوابط تضعها المديرية , والقطاع الخاص الذي يستجرها من مؤسسة التجارة الخارجية ( فارمكس ) بموجب التسعيرة الرسمية الحكومية ليتم إعطاؤها في العيادات حسب أسعار يقوم الأطباء بتحديدها علماً أنه لا توجد آلية للرقابة على العيادات من حيث التأكد من جودة اللقاحات وطرق تخزينها وأسعارها , وأنه يوجد لقاح ( التهاب الكبد a ) في هذه العيادات وهو غير معتمد ضمن برنامج وزارة الصحة , لافتاً إلى أنه يتم التواصل من قبل المديرية مع وزارة الصحة لتأمين اللقاحات بشكل دائم للقطاع الخاص دون حدوث انقطاعات , إضافة إلى حث هذا القطاع على التقيد ببرنامج التلقيح من حيث طريقة إعطاء اللقاحات والفواصل الزمنية فيما بينها , والمعتمدة منها في البرنامج , والإبلاغ عن الأمراض المشمولة في البرنامج .
ضعاف النفوس لايتورعون عن استغلال الفرص
وعن طريقة مديرية الصحة في إعطاء اللقاحات أوضح الدكتور حسين أنه تتم من خلال مراجعة الأهالي للمراكز الصحية وقيام الفرق الجوالة بتخديم التجمعات السكانية البعيدة عن تلك المراكز , إذ تقوم كل منطقة صحية بحصر التجمعات وعدد السكان والأطفال دون السنة بعدها يتم استجرار كميات اللقاحات استناداً الى ذلك مع العلم أنه يوجد في منطقة سمعان ( 2 ) فريق جوال كل واحد مؤلف من ( 3 ) عناصر فنية مدربة , حيث يقوم الفريق الجوال بتحديد القرى المراد زيارتها وعدد الأطفال المتوقع تلقيحهم ثم يسلم أمين المستودع وبموجب مذكرة أو وصل استلام رسمي تحدد فيه أنواع اللقاحات وكميتها الى عنصر الفريق المختص باستلامها وذلك في سيارة حكومية مفرزة للفريق , علماً أنه يتم استلام كمية تعادل الهدف المتوقع إضافة الى زيادة 25 % نظراً لوجود هدر أو إمكانية زيارة قرى أخرى لدى توفر الوقت , وبعد زيارة الفريق الجوال بكامل عناصره الى القرى المستهدفة يتم إعطاء اللقاحات حسب البرنامج المعتمد ثم يعودون الى المنطقة الصحية ويسلمون تقريراً عن المهمة والمنفذ والمتبقي من اللقاحات إذ يتم في نهاية الجولة جرد شامل للقاحات في المستودع .
متابعة عمل الفريق الجوال
وعن متابعة عمل الفريق الجوال قال حسين :تتم من قبل المنطقة الصحية ودائرة الرعاية الصحية من خلال جولات إشرافية على القرى التي استهدفها الفريق ولقاء الأهالي والسؤال عن بطاقات التلقيح للتأكد من تنفيذ المهمة , وإنه من خلال الجولات التي قامتا بها لم تتم ملاحظة أو ضبط أية مخالفات أو تجاوزات لعمل الفرق الجوالة بالمحافظة التي عددها ( 7 ) ومنها الفريق الذي كان الممرض ( إبراهيم ) وعلى عدة سنوات مسؤولاً عن استلام اللقاحات من مستودع المنطقة حيث لاتوجد أية شكاوى ولم يتم ضبط أية تجاوزات بعمل هذا الممرض خلال تلك المدة .
عدم كشف السرقات خلال سنوات ؟!
وعن سبب عدم كشف عملية السرقة المرتكبة من قبل هذا الممرض خلال سنوات عديدة قال رئيس الدائرة :توجد عدة طرق للتلاعب بكمية اللقاحات دون أن يجري كشفها منها أن يقوم ببيع الكميات المحددة كنسبة هدر والتي تقارب 25 % من الكمية المسلمة علماً أنه يتوجب عليه إعادتها الى المستودع حصراً لإتلافها لأن العبوة وبعد فتحها يجب إتلافها في نهاية الدوام ولايعاد استعمالها مرة ثانية , كما يمكن تسجيل أسماء أطفال وهميين قام بتلقيحهم بشكل وهمي ليقوم في التصرف بالكميات المخصصة للقاح , إضافة الى التلاعب بكمية الجرعة من خلال إنقاصها , وتسليم المستودع عبوات فارغة بدلاً عن العبوات الممتلئة المتبقية معه حيث من المستحيل أن يدقق أمين المستودع بداخل كل عبوة إذ يقوم بعدِّها فقط , وبإمكانه أيضاً إعطاء لقاحات غير محفوظة بالشروط النظامية أي التي تفقد صلاحيتها ثم يسرق ما يعادلها من لقاحات مسلمة حديثاً .
لا يمكن حصر الكميات المسروقة
ورداً على سؤال قال حسين إن الكميات التي سرقها ذلك الممرض خلال السنوات الماضية لا يمكن حصرها أوتقديرها , نافياً ضبط أي عنصر في المراكز والفرق الجوالة قام بسرقة اللقاحات خلال هذه المدة . وحول الإجراءات التي ستقوم الدائرة باتخاذها لمنع حدوث سرقات مماثلة خلال الفترة القادمة قال إنها تتضمن التشديد على تنفيذ التعليمات المتعلقة بعمل المراكز والفرق الجوالة من حيث استلام الكميات وفق الهدف دون زيادة أو نقصان والتدقيق أثناء مراجعة تقرير نهاية الجولة وتسليم الكميات المرتجعة والمسافات المقطوعة للسيارة , وتكثيف المتابعة الميدانية أثناء وبعد تنفيذ مهمة الفرق من قبل المنطقة ودائرة الرعاية الصحية وهي رغم صعوبتها إلا أنها يمكن أن تحد من السرقات والمخالفات لا أن تمنعها بشكل كامل , إضافة الى متابعة وزارة الصحة بشكل حثيث من أجل تأمين اللقاحات للقطاع الخاص دون أي انقطاع .
كلمة لابد منها
ما تم إيراده من معلومات سابقاً يفتح المجال أمام العديد من التساؤلات حول مدى وجود أشخاص آخرين في الفرق الجوالة والمراكز الصحية يقومون بسرقة لقاحات على وجه التحديد أو أدوية بشكل عام , وضعاف نفوس من أطباء يقدمون على شرائها , والعقوبات الصارمة والمشددة التي ستتخذ بحقهم ليكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه الدنيئة والخسيسة التلاعب بصحة وحياة المواطنين ولاسيما الأطفال مقابل لهاثهم المحموم خلف المال.
شام نيوز- الجماهير