من أفسد الآخر؟

من أفسد الآخر

زياد غصن – شام إف إم


سلامات

هل القطاع الخاص هو الذي أفسد موظفي المؤسسات الحكومية؟

أم أن البيروقراطيةَ الحكومية هي التي أجبرت المؤسسات الخاصة على اتباع سلوكٍ فاسد؟

هناك من يؤيدُ الفرضيةَ الأولى، على اعتبار أن جزءاً ليس بالقليل من ثروات القطاع الخاص تم جمعها من العمل مع مؤسسات الدولة، والتلاعب بأسعار ومواصفات الخدمات والسلع المقدمة لها.

وهناك من ينحاز إلى الفرضية الثانية، بالنظر إلى أن عدم وضوح التشريعات والقوانين أتاح المجال تدريجياً لشريحة من الموظفين لابتزاز القطاع الخاص من جهة، والتواطؤ معه على حساب مصلحة الدولة من جهة أخرى.

باعتقادي أنه لا يمكن الجزم بتغليب فرضية على أخرى، فالإفساد في بلادنا هو فعل مجتمعي غير محصور بجهة ما أو بقطاع معين. وعليه فالجميع يتحمل مسؤوليته، وإن كانت مؤسسات الدولة تتحمل الجزء الأكبر بحكم مسؤولياتها ومهامها وواجباتها.

هذا يجعل من عملية مكافحة الفساد والإفساد، مرهونةً بثلاثة عوامل أساسية:

العامل الأول، هو توفر الإرادة المجتمعية لمكافحة ظاهرة الفساد والإفساد بمختلف أشكالها وأساليبها. إذ لا تكفي الشعارات، ولا الخطط الورقية، ولا الحالات المعزولة، ولا الانتقائية.

العامل الثاني، يتمثل في العمل على نشر وتعزيز ثقافة رسمية وشعبية مضادة لثقافة الفساد والإفساد؛ ثقافة تغرس في العقول والأذهان سلوكيات جديدة لا تهادن الفساد ولا ترتهن له، ولا تجعل من الإفساد وسيلة لنيل المبتغى.

العامل الثالث، ويتعلق بتوفير البيئة المناسبة، إذ لا يمكن الحديث عن محاسبة الفاسدين والحد من صفقات الفساد، ودخول المواطنين تقلّ كثيراً عن متوسط إنفاقهم، أو مع استمرار شيوع الاستثناءات والمحسوبيات في تطبيق القانون، وما إلى ذلك.

باختصار... حتى نقضي على الفساد، نحن بحاجة إلى بناء مجتمعنا من جديد.