من أفلام الDOX BOX فيلم "سقف دمشق وحكايات الجنة"

 

"سقف دمشق وحكايات الجنة" فيلم تسجيلي للمخرجة السورية سؤدد كعدان، التي تحكي المدينة كما لو أنها حكاية شخصية حميمة تعود إلى قصص وأساطير وخيالات طفولية ارتبطت بالمدينة القديمة في دمشق، لكن لتحكي خوفها من أن تطوي الأبنية الحديثة تلك الحكايات، كما اختفى سقف سوق مدحت باشا.

لكن المخرجة قالت إن فيلمها "ليس وثيقة تاريخية، بل هو عن هؤلاء الناس وذكرياتهم، عنهم، وحتى عن رواياتهم الخاطئة للتاريخ والذكريات والامكنة والشخصيات".

تبدأ المخرجة الشابة من حكاية والد جدها الذي بنى سقفا في سوق مدحت باشا، وكيف اختفى ذلك الرجل عندنا اختفى السقف. تعود المخرجة لترمم ذلك السقف غرافيكيا، كما لو أنها تصر باستعادته على الاحتفاظ بحكايتها الخاصة عن والد الجد.

ومن هذا المكان يدلف الفيلم إلى بيوت دمشقية، وأهلها الذين يتحدثون عن سر الاطمئنان الهائل الذي كانت تشعر به بيوت المدينة القديمة. ستتحدث امرأة عن تلك الحية التي لها من العمر ألف عام، وحين تمشي في البيت ستترك رائحة المسك، "كأن تلك الحية حامية للمكان وتاريخه" على ما تقول المرأة.

ثم تروح تتحدث عن التعايش بين الأحياء والأموات. وتقول "نحن فخورون بأن بيتنا هو مثلث بين (مقام) السيدة رقية، ويوحنا المعمدان ونور الدين الشهيد". وتفسر "لذلك بيتنا محمي، لأنه مقدس".

سيتحدث الناس عن نهر الذهب، بردى، "النهر الذي كتب تاريخ الشام" كما تقول المخرجة، وكيف كان يحول المكان إلى جنة وفيض من الخير حيث يمر.

وهنا تعلق المخرجة الراوية "ليس سهلا العيش في مدينة مثل الشام، سكنتها حية عمرها ألف سنة، وتحت شوراع سبع مدن، وعقارب الساعة فيها لا تتحرك إلا كل مئة عام".

تضيف "يصبح الحمل ثقيلا، والحاضر لا معنى كبيرا له. هكذا يصبح من السهل ان تنسانا".

الحكايات والأساطير والذكريات القديمة تساق على ألسنة الناس فيما الكاميرا تجول بين الأزقة الحنونة، وتزحف برفق على الجدران، وتلتقط دفء التفاصيل. لكن الكاميرا لا تغفل، وهذه هي لعبتها هنا، عن تصوير المفارقات بين الذكريات الجميلة والحاضر الثقيل والصعب.

نهر الذهب الذي صنع الغوطتين يقلقه الزحام على باب الفرن. غرف النوم الطينية الوادعة، التي لم تكن تفسدها حتى الحية، تفسدها اليوم خوازيق (هكذا في الفيلم) البلدية، ونافورة الماء التي لم تعد تنساب، وأصبح مجرد تشغيلها أمرا عسيرا. وما تبقى من السور ستنهض حوله الأبراج العالية. ومن المفارقات أيضا أن يطالب رجل مسن ببناء برج سكني في ارض بيته، فيما احفاده الأطفال يرفضون الفكرة، معتبرين ان منزلا قديما كهذا هو الفسحة الوحيدة للعب.

للراوية بيتها وحكايتها أيضا، تقول "كان لدينا بيت وقصه الاوتستراد، مثل بيوت كثيرة في دمشق".

وتضيف "هذا ما حدث منذ جاء ايكوشار وأراد أن يصمم الشام على غرار باريس"، وتؤكد "في كل بيت تجد الحكاية نفسها".

ختام الفيلم سيكون في شارع شقه ايكوشار نفسه، سنرى الزحام وضجيج السيارات واختفاء العالم الحيميم للمدينة القديمة. وهنا ستقول الراوية "كنت أتمنى أن أنهي الفيلم بصورة عن الشام الجديدة، لكني وجدت أنهم جميعا يخرجون صورهم القديمة، فأخرجت صورة والد جدي الذي بنى أحلى سقف في العالم".

تنجح المخرجة إذا باستعادة جدها الذي اختفت حكايته، مع اختفاء السقف الذي بناه، ولكنها تبدو كمن يبني هو الآخر سقفه الخاص، هو هذا الفيلم عن "سقف دمشق وحكايات الجنة".

 

ميدل ايست اونلاين