من اغتال عرفات؟ فايسغلاس اهم مستشاري شارون يحاول تبرئة رئيسه من المسؤولية

ما زال الاسرائيليون، من ساسة ورجال استخبارات وصحافيين، يواصلون محاولة تشويه سمعة القائد الفلسطيني الراحل ياسر عرفات رغم مرور ست سنوات وثمانية شهور وثلاثة ايام على وفاته نتيجة تكسر صفائحه الدموية بسبب مرض لم يستطع الاطباء الفرنسيون تحديده ما دفعهم الى القول في ختام تقريرهم الطبي ان سبب الوفاة "غير معروف".
ويجدد صحافي اسرائيلي في صحيفة "هآرتس" في تقرير نشرته الصحيفة يوم الخميس استناداً الى تصريحات دوف فايسغلاس كبير مستشاري رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق ارييل شارون الاشارة الى اشاعة اطلقتها الاستخبارات الاسرائيلية وروج لها بعض الصحافيين تدعي ان عرفات كان مصابا بمرض الـ"ايدز".
وفي ما يأتي ابرز ما ورد في المقال مع حجج مثبتة لتفنيد الافتراءات الاسرائيلية:
ابتداءً لا بد من الاشارة الى ان كاتب المقال يوسي ميلمان لم يكلف نفسه عناء تجنب ايراد اخطاء اساسية في مقاله تزيد من الشك في بقية مضمون المقال. من هذا مثلاً قوله ان عرفات توفي في مستشفى "فال دي غراس" العسكري في باريس بينما الصحيح هو انه توفي في مستشفى" بيرسي" العسكري في كلامارت الى الغرب من باريس. اما مستشفى "فال دي غراس" فهو في المنطقة البلدية الخامسة في العاصمة الفرنسية.
يخصص ميلمان قسماً كبيراً من مقاله لمحاولة التقليل من شأن الروايات والتكهنات الفلسطينية حول سبب وفاة عرفات، خصوصاً نظرية التسميم بتدبير من الاستخبارات الاسرائيلية.
ويقول ميلمان ان من اسباب اتهام الفلسطينيين للاسرائيليين بقتل عرفات اعتقادهم "ان ارييل شارون اعتبر عرفات عدواً مريراً، وحاولت اسرائيل اغتياله مرات عدة منذ تشكيله منظمة التحرير الفلسطينية في ستينات القرن الماضي.
وسبب آخر هو العبارة التي همس بها (وزير الدفاع في ذلك الحين) شاؤول موفاز لرئيس الوزراء شارون في مؤتمر صحافي بعد سيطرة البحرية (الاسرائيلية) على السفينة كارين ايه في البحر الاحمر حاملةً اسلحة طلبها عرفات من ايران الى غزة. وهمس موفاز لشارون "يجب علينا ان نتخلص منه"، من دون ان يدرك ان الميكروفونات كانت شغالة وقد سجلت تعليقاته".
تعليق: عرفات لم يشكل منظمة التحرير الفلسطينية ولم يكن اول رئيس للجنتها التنفيذية.
وبعد ان يستعرض ميلمان بعض سوابق الاستخبارات الاسرائيلية في الاغتيالات ومحاولاتها تصفية قياديين فلسطينيين يقول:
"شدد فايسغلاس في مقابلة مع "هآرتس" على ان "من الصحيح ان شارون كان يمقت عرفات. اعتبره اكبر عدو لاسرائيل في ذلك الحين وكذلك عقبة في طريق أي صفقة سلام. وهذا هو السبب ايضاً في انه رفض بعناد ان يجتمع معه. ولكن بالرغم من ذلك كله فان شارون لم يتعامل قط مع امكانية الحاق اذى جسدي به". وماذا عن تعليق موفاز همساً؟ "يمكن ان يكون موفاز قد همس، لكن شارون تجاهل ذلك".
تعليق: شارون اقسم على تسويد سمعة عرفات في حياته وبعد مماته. وهناك تصريحات عديدة موثقة بهذا المعنى بعد اندلاع انتفاضة الاقصى في اعقاب فشل مؤتمر كامب ديفيد الذي شارك فيه عرفات ورئيس الوزراء الاسرائيلي آنذاك وزير الدفاع الحالي ايهود باراك. قبل ذلك كررت الطائرات الاسرائيلية محاولاتها استهداف عرفات في هجماتها على مقره والمباني التي كان يتردد عليها في بيروت الغربية في 1982 وبعد ذلك بشن غارة جوية على مقره في حمامات الشط في تونس يوم 1 تشرين الاول (اكتوبر) 1985.
ثم يقول ميلمان ان الصحافي الصديق لشارون "اوري دان لمح الى ان عرفات قد اغتيل، اذ قال: "كانت نظرة شارون الى عرفات وموقفه منه واضحين. لقد صدق على حرب دبلوماسية ضده، لكنه لم يوافق على هجوم جسدي عليه. كان ذلك مهماً بالنسبة اليه بالنظر الى الانتفاضة المستمرة من اجل عزله جسدياً ووظيفياً، لكنه لم يوافق، تحت أي ظروف، على ايائه جسدياً".
تعليق: كان الصحافي اوري دان صديقاً لشارون لعقود من الزمن وشديد الاعجاب به وكرس جزءاً كبيراً من عمله للدفاع عن شارون وتمجيد اعماله في المجالين العسكري والسياسي، والف كتاباً عنه عنوانه "ارييل شارون – صورة عن قرب" ما كاد ينتهي من تأليفه ونشره حتى توفي، تاركاً الكثير من الاسئلة التي كان يمكن ان توجه اليه بخصوص شارون من دون اجابات.
واذا كان ميلمان يقول ان دان لمح الى ان عرفات قد قضى غيلةً، فمن من الممكن ان يكون قد اغتاله؟
من هي الجهة التي كنت له العداء والكراهية بل كانت تصرح بهما جهاراً نهاراً؟ ومن هي الجهة التي كانت لها مصلحة في التخلص منه، وتملك الوسائل اللازمة لتصفيته؟ الجواب هو اسرائيل التي تمتلك اسلحة بيولوجية وجرثومية وكيماوية وسموماً خفية واخرى معروفة طورت بعضها في مختبرات "نيس زيونا" على بعد 20 كلم من تل ابيب.
اما بقية مقال ميلمان فيتعلق بمصيدة السفينة "كارين ايه" وكيف استغلت حكومة شارون الاستيلاء عليها لاقناع الرئيس الاميركي جورج دبليو بوش بمقاطعة عرفات والمطالبة باقصائه كقائد للشعب الفلسطيني.
ويروي ميلمان انه بعد ان طلب الفلسطينيون من خافيير سولانا مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي في ذلك الحين خلال زيارته اسرائيل في تشرين الاول 2004 تسهيل نقل عرفات الى اوروبا للعلاج، "اعترض الجيش الاسرائيلي ومسؤولو الاستخبارات وجادلوا بان حالته ليست خطيرة.
ساورهم شعور بان عرفات سيتعافى بسرعة ويسافر متجولاً في الخارج ويجند الرأي العام ضد اسرائيل التي ستجري مطالبتها بعدئذ باعادته الى رام الله.
وقرر شارون معارضة موقفهم. (وقال فايسغلاس): "حتى قبل ذلك، في احدى المناسبات اثير احتمال توجه قوة من الجيش الاسرائيلي الى المقاطعة واخراج عرفات بالقوة ثم وضعه في طائرة متجهة للخارج.
ولكن عندما ادرك اريك (شارون)ان العملية معقدة وقد تواجه مشكلات وتنتهي باصابة عرفات بجروح، استبعدها.
والآن، بالنظر الى طلبات سولانا والفلسطينيين، قرر اريك السماح بنقل عرفات فوراً بطريق الجو الى فرنسا لتلقي العلاج الطبي. كان قلقاً من ان موت عرفات داخل المقاطعة سيسبب ضرراً دبلوماسياً جدياً لاسرائيل لانها منعته من تلقي العلاج الطبي الذي كان يمكن ان ينقذ حياته".
تعليق: كان شارون ناقماً على عرفات الى درجة انه اتخذ قراراً ضمن المجلس الوزاري المصغر باعتباره رسمياً العدو رقم واحد لاسرائيل. وقد قامت وزارة الخارجية الاسرائيلية بتعميم القرار على البعثات الدبلوماسية الاسرائيلية في الخارج. لكن الاهم هو ما يمكن ان يكون قد اتخذ من اجراءات سرية عملية لوضع مضامين القرار موضع التنفيذ.
ماهر عثمان - القدس