من توت عنخ آمون إلى كيم جونغ ـ إيل.. زعماء محنطون

عندما أعلنت السلطات الكورية الشمالية أن جثمان كيم جونغ ـ إيل سيحنط ويعرض في قصر كومسوزان التذكاري الى جانب «مومياء» أبيه كيم إيل ـ سونغ، كانت تضيف بذلك معنى جديدا الى أحد ألقابه الرسمية في حياته وهو «الزعيم الأبدي».
وبهذا ينضم كيم جونغ ـ إيل الى ناد خاص للنخبة، أعضاؤه بعض أصحاب السلطة منذ قدماء المصريين الذين ابتدعوا هذا الفن باعتبار الفرعون (مثل توت عنخ آمون) إلها لا يموت، على الأقل على طريقة ممات البشر. لكن الملاحظ انه بعد حكام مصر القديمة، لم تتخذ هذه العادة شكلها السياسي إلا خلال القرن العشرين. وخلافا للاعتقاد السائد فهي ليست حكرا على الزعماء الشيوعيين.
فبعد وفاة إبراهام لينكون «المؤسس الثاني» للولايات المتحدة، طاف جثمانه بسبب مقامه الرفيع، على مختلف أنحاء البلاد في قطار خاص، ولهذا السبب قيل إن العمليات المتتالية للحفاظ على جثمانه سليما «أدى الى تحنيطه عددا من المرات مما جعل منه مومياء».
سر لينين
وهناك بالطبع الروسي فلاديمير لينين الذي رقد جثمانه «مخللا» منذ مماته في 1924 وكان بوسع الزوار من الجمهور إلقاء نظرة عليه يوميا لثلاث ساعات بين العاشرة صباحا والواحدة بعد الظهر.
وتنقل «واشنطن بوست» عن ماري روش، مؤلفة كتاب Stiff «متيبس» الذي يوصف بأنه «موسوعة الموت الحديث»، قولها: «لا يسعك وانت تنظر الى جثمان لينين الا أن تسأل نفسك، كيف فعلوا هذا؟ وتشرح «ما تجده هو لينين نفسه وكأنه حي، يخامرك شك في أن ما تراه خليط من بقايا بشر وشيء آخر ربما كان هذا «الشيء الآخر» هو الإجابة فعلا، لكن الحقيقة هي أنه حتى 1999 لم يكن في علم أحد، غير قلة مختارة، كيف احتفظ بجثمان أبي الشيوعية الروسية على ذلك النحو.
وفي ذلك العام نشر القائمون على أمر الجثمان كتابا بعنوان «محنطو لينين» جاء فيه أن السر يتشعب ويشمل، بين أشياء أخرى، غمسه لفترات مطولة في مزيج من المبيض المخفف وخلات البوتاسيوم والغليسرول، والاحتفاظ به على درجة حرارة ثابتة هي 16.1 مئوية (61 فهرنهايت).
تينة مجففة
هذا التخليد نفسه وجده الزعيم الفيتنامي هو شي مين الذي ظل جثمانه المحنط يرقد للعيان لما يربو على ثلاثة عقود، مثلما هو الحال مع الصيني ماو تسي تونغ.
والثابت أن الفيتناميين سبقوا الصينيين الى تحنيط زعيمهم الأكبر، لكنهم أنفسهم تتلمذوا على أيدي الروس الذين أمضوا ايضا لتحنيط جوزيف ستالين خمسة ايام من مماته في 1953.
ويتوقع الآن أن يلجأ اليهم الكوريون الشماليون مجددا لتحنيط كيم جونغ - إيل كما فعلوا مع أبيه.
على أنك إذا تركت الزعماء السياسيين جانبا، وجدت أن الإنجليز أيضا خاضوا في هذا المجال، فهناك المفكر جيريمي بينثام (1748 - 1832) الذي صار أول شخص خارج دائرة السلطة السياسية ينال هذا الشرف، وقد ظل جثمانه جالسا على كرسي في جامعة يونيفيرستي كوليدج لندن على مدى 150 سنة على الأقل قبل أن يزاح الى خزانة خاصة غير مفتوحة للجمهور في كلية الآثار بالجامعة نفسها.
لكن ما لا يعرفه كثيرون هو أن الرأس الجالس على جثمان هذا المفكر مصنوع بأكمله من الشمع، والسبب في هذا هو ان المحنطين في إنجلترا، خلال القرن التاسع عشر، كانوا يفتقرون الى مهارات أساسية كانت نتيجتها أن الرأس صار «مثل تينة مجففة» كما قيل، وما زاد الطين بلة أن اللصوص سرقوه، فصنع رأس من الشمع ليحل مكانه.
شام نيوز - ايلاف