من يضمن الحريات الديمقراطية في الشرق الاوسط؟

عندما أطلق رجال الأمن المصريين النار على المتظاهرين في ميدان التحرير لم يثر ذلك قلق الرأي العام العالمي كثيرا، وعندما سحقت دبابات على عبدالله صالح المدنيين في اليمن كان ذلك مجرد حدث عابر ولم يحظ بأهمية تذكر.. فلماذا استيقظت ضمائر الكثيرين فجأة للدفاع عن المعارضين للنظام السوري؟

من المعروف أن دوافع الاحتجاج في الدول الثلاث متقاربة. وعندما أدرك بشار الأسد أن المشكلة لن تُحل بالقوة قدم تنازلات كبيرة، وبحلول شهر نيسان الماضي كان عمليا قد استجاب لغالبية المطالب الأساسية للمحتجين، بل إنه كان على استعداد للتوصل الى تفاهمات أعمق حول مزيد من القضايا.

لقد بدا للوهلة الأولى أن موجة الغضب الشعبي ستهدأ، وأن المهزلة قد قاربت على نهايتها، لكن ذلك لم يحدث، وما حدث هو العكس، فكلما زادت تنازلات النظام كلما زادت رقعة الاحتجاجات، وذلك لم يكن بسبب ازدياد أعداد المعارضين، وإنما لوجود جهات خارجية تتدخل في شؤون سوريا الداخلية، وتسعى لتأجيج الأوضاع.

وتبين أن هناك مصالح تحرك الكثير من الدول، وتتمثل في إضعاف سورية، وما حماية الحقوق المدنية إلا ستار لتحقيق هذه الأهداف.

والحديث يدور هنا تحديدا عن دول حلف الناتو والسعودية وقطر وإسرائيل. ذلك أن استبعاد سورية عن المشهد، سوف ينعكس بشكل تلقائي على إيران التي تحولت إلى فزاعة مرعبة في المنطقة، وبالتالي يجب أن تكون هي المستهدفة بعد سورية.

لهذا السبب تبرع السعوديون والقطريون للإنفاق بسخاء على معارضي الأسد، والغرب ضغط بكل قواه لفرض عقوبات على سورية، لإحكام الطوق على النظام.

وفيما يتعلق بالدور التركي في الأزمة السورية، نجد أن أنقرة بعد أن فارقت حلمها بالإنضمام إلى الاتحاد الأوروبي، بدأت تُعد العُدة لتتزعم العالم الإسلامي، وإنشاء مايشبه الامبراطورية العثمانية الجديدة.

وكان من الضروري لتحقيق هذا الهدف أن تعمل على إضعاف جارتها الإيرانية القوية. لذلك بدأت تركيا بتسليح المقاتلين السوريين وبشكل علني، وقامت بأعمال استفزازية على حدودها مع سورية.

وفي حال استمرار الأوضاع على هذا المنوال، قد يضطر النظام عاجلاً أم آجلاً للاستسلام، لكن، هل سيصبح العالم بعد ذلك أفضل؟

من الواضح، كما هو الحال في الدول العربية الأخرى، أن السلطة ستنتقل مباشرة إلى أكثر القوى الإسلامية راديكالية. فهل هؤلاء هم ضامنو الديموقراطية والحرية، وهل هؤلاء هم أصدقاء إسرائيل وحلفاء الدول الغربية المرتقبين؟