مناطق الساحل السوري.. استديو دراما خارجي كبير!!

ربما لم يكن يتوقع أهالي قرية "السمرة" الحدودية أن "ضيعتهم الضائعة" وسط هذا الازدحام والتنافس بين المناطق السياحية المعروفة.. ستصبح واحدة من أهم مناطق الجذب السياحي في الساحل السوري... فالقرية التي تبعد عن كسب 1كم فقط أصبحت مقصد الآلاف من السياح العرب والأجانب من مختلف دول العالم بعد تصوير مسلسل "ضيعة ضايعة" الذي وضع القرية على خارطة السياحة السورية.. من خلال تسليط الضوء على جمال طبيعتها... عبر عدسة الليث حجو.. محاولاً توثيق أهمية هذا المكان..
ولا تعد "السمرة" استديو الهواء الطلق الوحيد الذي تستخدمه الدراما السورية في مسلسلاتها.. إذ هناك الكثير من المناطق والقرى الساحلية.. تلعب دور الجندي المجهول في اتمام العناصر الجمالية للمشاهد المتنوعة في مختلف المسلسلات.. الاجتماعية.. والتاريخية.. والكوميدية.. فقرية "مشقيتا" التي تمتزج فيها زرقة المياه مع خضرة الجبال.. وتتنوع فيها التضاريس والمناخ.. هي الأخرى اصبح لها مركزها على خارطة "اللوكيشنات" المهمة بعد مسلسل "الجوارح" للمخرج نجدت أنزور.. لتصبح بعدها مقصداً للتصوير من قبل أهم المخرجين.. وقِبلة للسياح على صعيد السياحة الداخلية والخارجية....
نطالب بـ"جزء ثالث"!!
أهالي قرية السمرة تداركو أهمية قريتهم متأخرين... لكن هذا لم يمنعهم من استغلال الوضع لصالحهم.. فالسيدة صاحبة المنزل الذي كان منزل "المختار" في المسلسل.. فرضت "دخولية" على الباب لمن يقصدها لمشاهدة المكان.. فأصبح الزائر يدفع تعرفة كمن يدخل إلى متحف أو مكان أثري...
من جهته يقول السيد محمد.م من قرية السمرة أنه لم يكن يدري أن قريته بهذا الجمال وهذه الروعة حتى شاهد المسلسل ورأى المناظر الطبيعية على التلفزيون وأضاف كنت أعلم أن قريتي جميلة ولكن ليس إلى هذا الحد ولكن ما يؤسفني أن أغلب أهالي القرية مغتربون ولا يفكرون بإقامة مشاريع تطور المنطقة ككل وأكثر من ذلك فهم لا يأتون حتى لزيارتها وعندما يفكرون بذلك فإنهم يفعلون ذلك كالغرباء حتى أن بعض الغرباء مكثوا في القرية أكثر من ذلك.
في حين تطالب السيدة هند ف. المخرج الليث حجو بعمل جزء ثالث من مسلسل "ضيعة ضايعة" لأن التصوير قد حرك القرية... وتضيف "لقد حزنت كثيراً عندما علمت أن لا جزء ثالث.. فنحن كنا مرتاحين جداً.. فالناس كانوا يأتون للقرية في الشتاء ويجعلون حركة البيع والشراء كبيرة.. والمسلسل أيضا جعل القرية جميلة.. واصبحنا نؤجر بيوتنا للسياح احيانا...
نحتاج لمشاريع تسندنا خارج أوقات التصوير!!
يختار معظم المخرجين أوقات التصوير في المناطق الساحلية بالصيف أو الفترات المناخية الانتقالية.. حتى لا يتم إلغاء التصوير بسبب مفاجآت رعدية أو مطرية... مما يجعل هذه المناطق خالية إلا من سكانها في الشتاء... ومحتارةً بكيفية تخديم الكم الهائل من السياح والممثلين والمخرجين.. والمتفرجين على آلية التصوير خلا فترات "الموسم" كما يطلقون عليها...
ويخبرنا محسن عيسى أحد سكان منطقة مشقيتا أن المنطقة بأغلبها سياحية وفيها الكثير من المشاريع السياحية حيث تعتبر مشقيتا نموذجاً لتداخل الأنواع السياحية فيها وجذبها السائحين من مختلف الفئات الاجتماعية وتنتشر على ضفاف البحيرة والأماكن المطلة عليها المقاصف والمطاعم الشعبية التي تستقبل الزائر بابتسامة أهل المنطقة، وفيها سياحة الغابات والسياحة الدينية والبحيرة، وكلها تصب في أحضان السياحة الشعبية، لكن ذلك يبقى دون المستوى المطلوب إذ لا توجد صناعة للسياحة في تلك المنطقة ولولا تصوير بعض الأعمال الدرامية فيها فإن إيراداتها تظل قليلة حتى أن بعض الأهالي ينتظرون قدوم فرق التصوير التلفزيوني للقيام ببعض الأعمال التي تعود عليهم ببعض المال جراء العمل ككومبارس أو لقاء تقديم بعض الخدمات للفنانين..
ويختم قوله بأن المنطقة بحاجة لمشاريع تساهم بتحريك القرية خارج "الموسم" فهي تكاد تكون خالية تماما إلا من سكانها في الشتاء.. مما يجعل الناس يبحثون عن عمل في قرى اخرى.. أو خارج المنطقة كلها.. مؤكداً أن هناك الكثير من شباب القرية والقرى المجاورة الذين هاجروا إلى الخارج بسبب سوء الأوضاع المعيشية...
من جهته يقول عمر أحد أهالي قرية السمرة أن الأهالي كانوا أكثر المستفيدين من تصوير المسلسل لأن الحركة السياحية في القرية أصبحت دائمة ومستمرة في كل الأوقات، وقريتهم أصبحت الوجهة الأولى والأساسية لمعظم الوافدين إلى الساحل السوري، واللافت للنظر أن أصحاب بيوت القرية استثمروا شهرة قريتهم السياحية بعد عرض المسلسل من خلال فرضهم أجرة (50 أو 100 ليرة سورية) لمن يرغب بالدخول لأحد هذه المنازل والتصوير بداخلها إضافة إلى مشاركة بعضهم في العمل ككومبارس .
ويضيف أن المسلسل ساهم بشكل كبير في الترويج للقرية سياحياً حيث أصبح يؤمها عشرات الآلاف في موسم الصيف لزيارة المنازل التي كان يعيش فيها أبطال المسلسل، وللتجول في طرقات القرية التي أصبح لها شهرة كبيرة...
"الدراما السورية بخير"... هذه الجملة التي تطرب آذان سكان المناطق الساحلية لسماعها... منتظرين أية اخبار عن تحركاتٍ جديدة للمخرجين السوريين.. متناقلين أخبار الفنانيين والمسلسلات.. وناشرين شائعات عن مصير أحداث حلقات المسلسلات.. كونهم شاهد على التصوير.. وواضعين أيديهم عل خدودهم بانتظار انقضاء الموسم الشتوي بسرعة حتى تعود الحياة لهذه المناطق التي لم يحاول أحد تغيير واقعها للأحسن.. لتبقى حبيسة توصيفها .. ربما إلى الأبد كاستديو للهواء الطلق!!
سامي زرقة- شام نيوز – المنطقة الساحلية