"مناعة القطيع" في مواجهة "كورونا".. لا تتحدى الفيروس الصغير!

"مناعة القطيع" في مواجهة "كورونا".. لا تتحدى الفيروس الصغير!

شام إف إم - عبير ديبة

في آذار/مارس الماضي تحدّى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون فيروس "كورونا" الصغير، واستخفّ به مجاهراً بزيارته أحد المشافي ومصافحته للجميع هناك بينهم مصابون بالفيروس الذي أصبح غنياً عن التعريف! كان المسؤول البريطاني الرفيع آنذاك لا يزال يؤمن بما يسمى "مناعة القطيع" في مواجهة الأوبئة.. لكن يبدو أنه خسر رهانه مع الفيروس المستجد في وقت قصيرٍ جداً، إذ سرعان ما تحوّل هو الآخر إلى مصاب ونزيل العناية المشددة في المستشفى .. ومتهماً في نفس الوقت بالتأخر في اتخاذ الإجراءات الخاصة بمواجهة الفيروس في بلاده التي تجاوز عدد المصابين فيها أكثر من ١١٤ الف مصاب وحوالي ١٦ الف حالة وفاة.

لاستراتيجية "مناعة القطيع" معنيين اثنين، الأول يقوم على استمرار الحياة بشكلها الطبيعي في ظل الوباء ودون القيام بإجراءات الحجر بحيث يصاب الجميع بالفيروس، وهكذا تتعرف مناعتهم عليه فتقوم بمحاربته إذا حاول مهاجمتها مجدداً، وهنا يرى أستاذ علم الفيروسات في جامعة كنت البريطانية جيرمي روسمان أن هذه الاستراتيجية غير فعالة مع "كورونا" بسبب تطور الفيروس جينياً وتطور سلوكه الأمر الذي قد يحتاج الى طرق جديدة لمكافحته، ولأن البيانات تشير إلى أن الحصانة الوقائية محدودة الأمد ما قد ينذر بعودة إصابة الشخص مرة ثانية بالفيروس وبالتالي يصبح معدياً مرة أخرى!

ويقوم المعنى الثاني لمناعة القطيع على اكتسابها من خلال الّلقاح لعدد كبير من الناس، ولكن للأسف فإن هذا الحل غير متوفر حالياً مع الفيروس الشهير فاللقاح الخاص به لن يكون متاحاً قبل سنة ونصف من الآن، بحسب تقديرات الخبراء.. في وقت يقول مختصون أن أي فيروس قادر على تحويل شيفراته الوراثية.. أو قادر على الاتحاد مع RNA البشري.. أو قادر أن يقوم بتناسخ لا محدود بالعضو البشري المصاب.. يكون من أنواع الفيروسات التي لا يمكن التصدي لها عن طريق اللقاحات.

وعلى عكس كل دول العالم اختارت السويد – رغم كل الانتقادات والتحذيرات - أن تواجه "كورونا" بهذه الطريقة معوّلة على إحساس المواطنين بالمسؤولية ومراعاتهم التباعد الاجتماعي والتطبيق الصارم لقواعد النظافة والعزلة في حال ظهور أية أعراض، إذ لا تزال المدارس والأماكن العامة والمطاعم مفتوحة بشكل طبيعي للناس، في البلد التي سجلت حتى الآن حوالي ١٥٠٠ حالة وفاة بالفيروس.

يبدو إذاً أن العالم الذي كان منشغلاً خلال العقود الماضية بتطوير أشد أنواع الأسلحة فتكاً بالبشرية، وبإنفاق الأموال الطائلة على تسليح أقوى الجيوش وشن أعنف الحروب، ليس مستعداً لحرب من نوع آخر، يشنها عليه كائن متناهي الصغر، واضعاً رصيد هذه الدول العلمي والطبي والاقتصادي تحت المجهر... والنتائج – حتى الآن – للأسف- لا تبشّر بحلول قريبة!