منزل بن لادن: 3 زوجات و9 اطفال وبقرة وارانب

هذه حكاية تصلح تماما لبرنامج التلفزيون الواقعي: اسامة بن لادن محصور في منزل في مدينة أبوت اباد لخمس سنوات على الاقل، مع ثلاث زوجات وعدد من الابناء.
ولم يكن بن لادن حينئذ مجرد رئيس لشبكة ارهاب دولية، بل كان رب عائلة تتكون من خمس زوجات على الاقل و20 او اكثر ابنا. وقد انحدر مستقبلهم، وفي بعض الاحيان ولاؤهم لقضيته، الى هوة من الشكوك. فقد كانت ثلاث من زوجاته وما يصل الى تسعة من ابنائه، واصغرهم طفل يحبو، يعيشون في مبنى سكني صغير في باكستان حيث قتل في نهاية الاسبوع الماضي، حسب قول وكالة الاستخبارات الباكستانية.
وقد رسم الضباط الذين اتصلت بهم "ذي غارديان" صورة للترتيبات العائلية لبن لادن خلف اسوار تحيط بالمبنى وترتفع خمسة امتار، حيث الاثاث متواضع والابناء يدرسون في المنزل والارانب والدجاج واحدى البقرات تجد من يرعاها. كانت عائلة بن لادن تعيش في الطابقين العلويين من المنزل الكبير الذي اقتحمته قوات خاصة اميركية. ولم تغادر المجمع السكني الذي اقيم فوق حوالي فدان من الارض، وربما لم يغادروا المنزل نفسه. وحسب قول امال احمد الصداح، زوجة بن لادن اليمنية، التي اصيبت بجراح خلال الهجوم الاميركي، فانها لم تغادر الطابقين العلويين من المبنى المكون من ثلاثة ادوار.
وقال احد كبار المسؤولين في ادارة الاستخبارات الباكستانية انه بالاضافة الى الصداح، عثرت السلطات المحلية على امرأتين اخريين في الطابق الثالث بعد ان غادر الاميركيون عُلم بانهما زوجتان لزعيم "القاعدة".
وقال احد كبار المسؤولين العسكريين الباكستانيين "احتُجزت الزوجات الثلاث. اصيبت احداهن بجراح. قالت لهم انهم كانوا يعيشون هناك منذ خمس سنوات. كما ان الابناء محتجزين في حمايتنا".
عاشت عائلة بن لادن مع شقيقين باكستانيين هما أرشد وطارق خان، وعائلتيهما في اوضاع مزرية. واظهرت الصور اثاثا متواضعا وفرشات رخيصة ومن دون تكييف للهواء (فيما عدا التكييف المركزي) واجهزة تلفزيون قديمة.
وظهر من الخرائط العمرانية ان عدة توسيعات اجريت على المنزل الذي بني قبل ست سنوات، وربما ان ذلك لايواء مزيد من افراد العائلة.
ويمكن لهذه التفصيلات ان تنسجم مع ما يعرف عن حياة اكثر الارهابيين المطلوبين عالميا. فهناك عدد من غرف النوم التي الحق بكل منها مطبخ وغرفة استحمام حسب قول احد رجال الامن الباكستانيين الذي دخل المنزل، بما يسمح لكل من يقيم في المنزل ان يظل مستقلا عن الاخرين فيه.
كما بدا ان افراد العائلة كانوا يحاولون ان يكفوا انفسهم بانفسهم ما امكن. اذ كانت هناك في الساحة الخلفية للمنزل حديقة خضروات كبيرة، بدا انها تحظى بعناية جيدة. وكان شامريز، وهو مزارع ويسكن في الجوار، يُستدعى لزرع خضروات ربما مرتين في العالم، حسب قول ابنه محمد قاسم.
وهكذا فان شامريز كان احد القلائل الذين دخلوا الى الارض التي تحيطها الجدران العالية للمبنى السكني، لكنه لم يدخل قط الى المنزل ذاته. وقد اتسع اطار زراعة الاشتال، وقبل ايام من عملية الاقتحام استدعي شامريز لاعداد ارض واسعة تربط بين المجمع السكني حتى يمكن زراعة محاصيل زراعية.
وقال والده زين محمد (80 سنة) "قام شامريز بفلاحة ارض الحديقة للقضاء على الحشائش مستخدما جرارا". وكانت في المنزل بقرة واحدة على الاقل وبعض الارانب وحوالي 100 دجاجة في الباحة. وقال محمد اسحق، الذي يقيم في الجوار، ان ارشد خان أحضر بقرة قبل حوالي 18 شهرا لكي تحمل من الثور الذي يملكه اسحق. وكان الشقيقان الباكستانيان يترددان باستمرار على الدكاكين المحلية، ويصحبهم عادة اطفال صغار، كان السكان يعتقدون انهم ابناؤهم، ولم تكن لديهم الرغبة في اجراء اي تحاور مع الاخرين فيما عدا التحية.
كانا يشتريان الحلوى والمشروبات المرطبة للاطفال من مخزن رشيد على الزاوية الذي يبعد دقيقة واحدة مشيا من المنزل، بينما كان الشقيقان يقومان بشراء السلع الاكبر من مخزن ساجد العام على بعد قليل ويشترون الخبز الطازج من الدكان التي بها فرن تندور على مقربة من المخزن العام.
لم يلتحق اطفال المنزل بالمدارس قط. وبدلا من ذلك كانوا يتلقون العلم في المنزل باللغة العربية، في احدى غرف الطابق الاول التي كانت تستخدم كصف مدرسي حيث عثر فيها على لوح ابيض واقلام وكتب دراسية. اما الطعام الذي شاهده رجال الامن الباكستانيون فكان بسيطا: تمور، جوز، الكثير من البيض، زيت زيتون ولحوم مجففة. وقد تزوج بن لادن خمس مرات على الاقل.
وزوجته الاولى سورية الاصل، تركته في افغانستان اسابيع قبل هجمات الحادي عشر من ايلول وعادت الى وطنها. اما الزوجة الثانية فقد طُلقت في اوائل التسعينات. اما الصداح التي تزوجها في العام 2001، فكانت هبة له في سن الخامسة عشرة. وهذا يترك الزوجتين الثالثة والرابعة، وكلتاهما سعوديتان، تزوج منهما في الثمانينات. ويقضي العرف العام في المناطق المحافظة من باكستان بابقاء النسوة في عزلة تامة.
وقد اثيرت تساؤلات عما يمكن للسلطات المحلية ان تكون قد عرفته فيما يتعلق بموقع بن لادن او عائلته على الاقل، نتيجة علامة تعداد النفوس على مداخل منزل بن لادن. حيث يجري التعداد حاليا في باكستان. وبالاضافة الى الشقيقين الباكستانيين، اللذين قتلا كلاهما، ازال الاميركيون جثة حمزه بن لادن، الذين يعتقد انه كان في الثامنة والعشرين من العمر. وكانت امه اولى زوجات بن لادن. وكانت هناك ايضا جثة اخرى، ربما لاحد ابناء بن لادن الاحد عشر.
وقد وصف معارف سابقون وافراد من العائلة بن لادن بانه أب وزوج. وقال ابن احد كبار المسلحين الذين عايش بن لادن في افغانستان في اواخر التسعينات، في وصفه للرجل الذي كان وراء هجمات الحادي عشر من ايلول التي ادت الى مقتل حوالي 3 آلاف، على انه "انسان. كانت له خلافات مع زوجته ومع ابنائه..خلافات مالية كما تعرف. فالابناء يصمون اذانهم، ولا يفعلون هذا الامر او ذاك".
اما عبد الرحمن خضر، الذي احتجز في افغانستان في العام 2001، فوصف اطفال بن لادن بانهم "عاديون". وقال في احدى اللقاءات "انهم يحبون الاحصنة، وقد وعدهم والدهم ان يحضر لهم حصانا اذا هم حفظوا القرآن الكريم".
وتردد ان افرادا من العائلة في ابوت اباد أعطوا أرانب الى اطفال محليين. وقد نشر عمر، الابن الرابع لبن لادن من زوجته الاولى، كتابا استعاد فيه ذكرى اب متشدد لا يسمح بالالعاب ولا بمراوح للابناء الذين كانوا يعانون من الربو، وصحب عائلته في جولات في الصحارى من دون مياه ليشد عودهم.
وحسب قول الحارس الشخصي السابق ابو جندل، الذي اعتقل في العام 2001 اثناء محاولته الفرار من افغانستان، فان زوجات بن لادن الثلاث كن يعشن سعيدات معا في ذات المنزل. وكانت العائلة تخرج برمتها سوية في قافلة من السيارات والحافلات الصغيرة، حسب قول ابو جندل. وفي اعقاب هجمات الحادي عشر من ايلول، تردد ان بن لادن ارسل الكثير من افراد عائلته الى خارج افعانستان.
وقد احتجزت السلطات الافغانية حوالي 20 من افراد العائلة، ولا يزالون محتجزين تحت الاقامة الجبرية في المنازل. وتواجه النسوة الثلاث والابناء مشاكل دبلوماسية ولوجستية بالنسبة لباكستان.
ولم يتضح ما اذا كانت المملكة السعودية ستقبل بعودتهم. ورغم ان الاشاعات ذكرت ان بن لادن يملك ثروة شخصية هائلة، فان مسؤولين باكستانيين قالوا لوكالة انباء "اسوشييتد برس" ان الرجل (54 سنة) كان متمنطقا بالنقد. وقيل انه عُثر على مبلغ من المال يعتقد أنه يوازي 500 يورو (440 جنيه استرليني) مخيطا في ملابسه.
وخلصت ادارة الاستخبارات الى ان بن لادن لم يكن يملك ثروة كبيرة بعد الحادي عشر من ايلول، وانه حرم من وراثة عائلته الثرية في منتصف التسعينات. وحسب التقاليد العربية فان الاقربين من رب العائلة المتوفى وهم عادة اشقاؤه الذين يتحملون مهمة رعاية ابناء وزوجات المتوفى.
وهو ما يعتبر بعيد الاحتمال على ضوء الهوة التي تفصل بين بن لادن وعائلته، التي تعتبر احد اكثر العائلات ثراء في المملكة السعودية. كما ان من غير المحتمل ان يتولى عبد الله الابن الاكبر لبن لادن القيام بهذا الدور. ورغم انه انفصل عن والده منذ اكثر من عقد من الزمن ورفض تطرفه، فان من المعتقد انه يدير اعمال شركة اعلانات في جدة. كما ان جنسية الابناء تبدو غامضة حيث ان بن لادن سحبت منه الجنسية السعودية في العام 1994.
كان بن لادن في السابعة عشرة من العمر عندما تزوج لاول مرة من نجوى غانم، السورية، البالغة من العمر انئذ 15 عاما. وقد انجبت له 10 من ابناء الـ20 او اكثر لكنها تخلت عنه قبل وقت قصير من هجمات الحادي عشر من ايلول (سبتمبر) وقد سار على هدي بن لادن اثنان على الاقل من ابنائه، هما حمزه وسعد، على ما يبدو. فقد ترعرعا كزعيمين متطرفين في فترة مبكرة من حياتيهما. وقال بن لادن في احدى اللقاءات انه يأمل ان تحمل السلاح ابنته صفيه، البالغة من العمر 12 عام في الوقت الحاضر. وهي الان محتجزة في باكستان وقالت انها شاهدت والدها يقتل خلال الاقتحام، حسب قوله احد كبار رجال المخابرات الباكستانية.
شام نيوز - صحف - وكالات