موسكو وحلف الناتو .. علاقات شائكة

تعتبر العلاقات الشائكة بين موسكو وحلف الناتو على عدة اتجاهات من أهم الأخطار والتحديات بالنسبة للأمن الروسي. أما التحدي الذي سيواجه الرئيس فلاديمير بوتين، فيكمن في محاولات واشنطن الدائمة للضغط على موسكو لكي تؤيد مواقف الولايات المتحدة.
وهذا ما يبينه بكل وضوح الوضع في سورية وحولها، إذ أن واشنطن تتهم دائما روسيا والصين بأنهما الدولتان الوحيدتان اللتان تقفان حجر عثرة بوجه حل المشكلة السورية. وقد أدلت هيلاري كلينتون بتصريح مفاده أن بشار الأسد لا يزال في السلطة بفضل الدعم الروسي حصرا. وتواصل سوزان رايس، مندوبة الولايات المتحدة في مجلس الأمن ، التصريح بأن روسيا تلعب دورا مثيرا للاشمئزاز في القضية السورية. ولكن واشنطن ليس لديها عمليا أي تأثير سياسي في سورية. وتظهر الوقائع أن الأمريكيين لا يستطيعون التأثير على النظام السوري، بينما روسيا هي القوة الوحيدة التي تؤثر على نظام الأسد.
وتحاول الولايات المتحدة تحميل روسيا مسؤولية ما يجري في سورية، علما بأن هذه المسؤولية تقع - وبقدر كبير - على عاتق من يسمون أنفسهم "أصدقاء سورية"، لأن هؤلاء دائما يشجعون المعارضة المسلحة على القتال، ويعطونها الأمل بأنها قادرة على إسقاط نظام الأسد بالوسائل العسكرية. إن "اصدقاء سورية" في واقع الأمر يرمون إلى الحط من أهمية بعثة كوفي عنان التي تهدف إلى تنظيم حوار سياسي داخل البلاد. إن السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية ترمي إلى استبعاد كافة العوامل التي تعرقل الاستراتيجية الكونية الأمريكية. ونتيجة ذلك خاضت الولايات المتحدة أربع حروب في مناطق مختلفة من العالم. ففي يوغسلافيا كان يزعجها ميلوشيفيتش، وفي العراق صدام حسين، وفي ليبيا القذافي. والان يزعجها الأسد في سورية.
يجري اليوم الإعداد لحرب جديدة، هذه المرة ضد إيران التي هي الأخرى تزعج أمريكا. وروسيا ايضا تزعجها. وتطمح الولايات المتحدة - دون جدوى - لعزل روسيا فيما يخص الشأن السوري، وتصويرها كدولة مارقة جديدة. غير أن من الأجدى للأمريكيين أن يفكروا مليا إن كان بوسعهم فعلا حل كافة هذه المشكلات دون مشاركة روسيا. إن طموحات الأمريكيين كبيرة، ولكن قدراتهم على تحقيق خططهم على صعيد السياسة الخارجية لا تترك انطباعا مشجعا. هذا وتتسع الهوة بين التطلعات الإيديولوجية الأمريكية وإمكانيات تحقيقها عمليا. وهذا الأمر بحد ذاته ينطوي على قدر كبير من الخطورة، لأنه يخلق نزوعا نحو حمل السلاح في كل مرة يتعذر على الطرف المعني إيجاد أساليب أخرى لإثبات صحة موقفه.