مياه دمشق..... أزمة وحلول

أوضح مدير عام المؤسسة العامة لمياه الشرب والصرف الصحي د. موفق مخلوف أن التزايد السكاني السريع والتوسع العمراني الكبير الذي تشهده مدينة دمشق من جهة والانخفاض الواضح الذي شهدته معدلات الأمطار والهطولات الثلجية خلال السنوات الماضية من جهة أخرى، قد جعل تزويد دمشق بالمياه الآمنة وبالكمية الكافية اعتماداً على المصادر الحالية أمراً بغاية الصعوبة.
لذلك كان لابد للمؤسسة من اتخاذ وتنفيذ خطوات متسارعة لتأمين المياه النقية وبالكمية الكافية لحاجة المدينة، فاتبعت لذلك خطة استراتيجية تمثلت بتطوير مصادر المياه الحالية وحمايتها من التلوث والبحث عن مصادر مياه جديدة وإعادة تأهيل نظام التزويد المائي للمدينة والحد من الهدر وترشيد الاستهلاك.
ومن أجل مواجهة الطلب المتزايد على المياه في دمشق، على الأقل في المدى المنظور، ثمة خياران رئيسيان هما: تنمية الموارد المائية المتاحة، وإدارة الطلب على المياه، أما تنمية الموارد المتاحة في دمشق فتكاد تصل إلى نهايتها، لقد أصبح أفقها مرئياً، لذلك لابد من الالتفات إلى إدارة الطلب على المياه وترشيد استعمالاتها، إن إدارة الطلب على المياه لم تكن بحد ذاتها غاية وإنما هي وسيلة للاستعاضة عن الحاجة إلى موارد مائية إضافية، ويعني ذلك تحقيق أقصى استفادة ممكنة من المياه المتاحة للاستعمال، أي تحسين كفاءة استخدام المياه، وهي تتضمن عدداً من الإجراءات والطرق التي من شأنها أن تقلل من كمية المياه التي نحتاج إليها أو التي تحافظ على المياه بجودة عالية.
وأوضح د. مخلوف أن المؤسسة بدأت باتخاذ الإجراءات التنفيذية للانتقال الفعلي والعملي من إدارة التزويد بالمياه إلى إدارة الطلب عليها وذلك تمهيداً للبدء بتطبيق مبادئ الإدارة المتكاملة للمياه وصولاً إلى تلبية الاحتياجات المائية للمستخدمين بكافة أشكالهم وفق حدود الحاجة الفعلية لهم ووفق أولويات الاستخدام لهذه الموارد.
وتتلخص هذه الإجراءات التي تؤدي إلى تحسين مستوى خدمات المياه وقيام المؤسسة بواجباتها على أحسن وجه وتطوير العمل ووضع الدراسات اللازمة للحلول الاستراتيجية بعيدة المدى بما يلي:
اولا:
تنفيذ مجموعة من المشروعات الحيوية تهدف الى:
- تأمين مصادر مياه جديدة من داخل أو خارج الحوض وتحسين استثمار المصادر الحالية.
- تخفيض الفاقد والضياعات.
- توسيع المنشآت بما يناسب مع المتطلبات المستقبلية.
- التحكم الأمثل بمنظومات إمداد المياه من المصدر إلى المستهلك.
ثانيا:
تطبيق أنظمة جديدة متكاملة لخدمات المشتركين ونشر المعلوماتية وتطبيقاتها الحاسوبية في أتمتة الإجراءات الإدارية والمالية بما يحقق السرعة في تحقيق الأهداف الأساسية للمؤسسة، وتطبيق نظم جديدة لقراءة العدادات واستبدال العدادات القديمة حيث بلغ إجمالي عدد العدادات المركبة منذ بداية العام حوالي 50 ألف عداد.
ثالثا:
الحفاظ على البيئة ونوعية المياه من خلال تنفيذ توسيع شبكات الصرف الصحي وتعميمها وتوسيع وزيادة قدرات المخابر الموجودة حالياً وزيادة ودعم مجموعة المراقبة البيئية على المنشآت حرم المصادر وتأمين الحماية اللازمة لها.
رابعا:
وضع خطط صيانة المنشآت وتشغيلها بواسطة أنظمة التحكم الآلي، وتوسيع هذه المنظومة لتشغيل جميع المنشآت الرئيسية في المؤسسة والتي لها علاقة مباشرة بإنتاج وتوزيع المياه ونوعيتها.
خامسا:
التركيز بشكل أكبر على استثمار وسائل الإعلام المرئية والمسموعة في توعية المواطنين ومتابعة الجهات التربوية والفنية لاعتماد حيز مناسب في المناهج التعليمية يخصص لمواضيع المياه وأهميتها وضرورة الحفاظ عليها والتعاون مع المنظمات الدولية والأهلية بهذا الخصوص، وقد أعدت المؤسسة خطة توعية تستهدف جميع الفئات في المجتمع بعنوان «الماء مسؤولية الجميع»، والتي تهدف إلى:
- رفع درجة الوعي المائي وجعل ترشيد استهلاك المياه ثقافة وقيمة أخلاقية وسلوكية عامة في المجتمع.
- الاستهلاك الرشيد والمتوازن للمياه وتغيير العادات السلبية وتشجيع العادات الإيجابية في استهلاك المياه لدى كافة الفئات الاجتماعية.
- الاعتماد على الجانب الاجتماعي والإنساني والديني لتغيير أنماط الاستهلاك وإشارك المواطنين في عملية الترشيد من خلال تفعيل شعار (الماء مسؤولية الجميع).
سادسا:
قامت المؤسسة ومنذ صدور التشريع المائي بتشكيل عدة مجموعات من الضابطة المائية العدلية وقد بلغ عدد الضبوط في مدينة دمشق وريفها من بداية عام 2010 وحتى تاريخه ما يقارب من 6000 ضبط.
سابعا:
تخفيض نسبة الفاقد الفيزيائي بالشبكة بمقدار 1٪ سنوياً وصولاً إلى نسبة 15٪ والتي تعتبر مقبولة من الناحية الفنية والاقتصادية وذلك من خلال خطة الاستبدال للخطوط القديمة وتفعيل دور قسم التنقيب عن التسربات وزيادة إمكانياته.
وعن مشروعات المؤسسة قال: إن الإجراءات التي نقوم بها ستؤدي إلى الحد من ازدياد الفجوة المائية ما بين المتوفر والاحتياج، أي المحافظة على فترة التزويد المائي الحالية، حيث سيتم الاستفادة من المصادر الإضافية غرب دمشق والتي تشكل المحور الأساسي في الخطة، وسيترافق معها ادخال المياه المتوفرة من التحول إلى الري الحديث، ونقترح أن يواكب هذه الإجراءات خطة منهجية تتبناها الحكومة من أجل تخفيض الكثافة السكانية في دمشق وتنمية المناطق ذات الوفرة المائية بهدف تشجيع الهجرة المعاكسة.
ولتطبيق الخطة الموضوعة من قبل المؤسسة فإن المؤسسة تسعى إلى تنفيذ المشروعات التالية:
- استجرار المياه من المصادر الجديدة غربي دمشق (دير العشاير ومعدر).
- دراسة تحسين استثمار نبع الفيجة كماً ونوعاً.
- إعادة تأهيل وتوسعة نظام التزويد المائي في مدينة دمشق.
- زيادة الحجوم التخزينية.
- دراسة تقويم الأثر البيئي لكافة المشروعات المركزية.
- تأسيس نظام مراقبة بيئي متطور للمصادر المائية.
- تطوير أنظمة الكشف عن التسرب وتزويد ورشات الصيانة بالمعدات الهندسية اللازمة.
الإدارة المتكاملة للموارد المائية
وتحدث مخلوف عن علم إدارة الموارد المائية الذي ظهر نتيجة الحاجة لمواجهة مشكلة العجز المائي المتفاقمة، وهدف إلى وضع أسس ومبادئ إدارة الموارد المائية، على نحو يؤمن الاحتياجات المطلوبة بالكمية والنوعية اللازمتين مع إدخال العوامل الاقتصادية والاجتماعية في عملية إدارة هذه الموارد، حيث إن الإدارة المتكاملة للموارد المائية يمكن أن تصبح نمطاً من الإدارة المائية مع الأخذ بالحسبان لدى صنع القرارات: جميع الأوجه الفنية لأنظمة المصادر المائية، ومصالح المستفيدين في جميع القطاعات.
مبادئ الإدارة المتكاملة لمصادر المياه
وتشمل تلك المبادئ الأساسية ما يلي:
- ضرورة أن تركز السياسات المائية على إدارة المياه ككل متكامل وأن لا تقتصر على مجال توفير الماء.
- ضرورة أن تقوم الحكومة بتسهيل وتمكين التنمية المستدامة للموارد المائية من خلال توفير سياسات مائية متكاملة وأطر تنظيمية.
- ضرورة أن تتم إدارة الموارد المائية على المستوى الأدنى المناسب.
- تنمية موارد المياه على أساس تلبية احتياجات جميع المنتفعين ضمن الحوض المائي المشترك بما في ذلك حماية الحق في الماء وتوفير القدر الكافي من المياه النظيفة للاستخدامات الحضرية والاستخدامات الأخرى آخذين في الاعتبار الاحتياجات والظروف الخاصة للمجتمعات المحلية الأصلية والمجتمعات الفقيرة.
- اعتماد مبدأ الاستخدام المتجدد والقابل للاستدامة في وضع السياسات الوطنية لموارد المياه ووضع الاستراتيجيات وخطط العمل من أجل صون موارد المياه وتقدير احتمالات الخطورة وإدارتها بالنسبة لتعيين حصص القطاعات المختلفة وخاصة بالنسبة لاحتياجات الري آخذين في الاعتبار الكلفة الاجتماعية والاقتصادية للإنتاج والتوزيع.
- تأكيد الحاجة إلى المزيد من البحث العلمي لتطوير مصادر المياه غير التقليدية مثل المياه العادمة «المعالجة»، المياه قليلة الملوحة والمالحة، وأساليب حصاد المياه وتقنيات تحلية مياه البحر وكذلك حول تطوير النماذج الحسابية لتأثر الدورة المائية والتأثيرات الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن تغيير أنماط استخدام المياه.
- تحقيق فهم أفضل للدورة المائية في المناطق القاحلة والعلاقة الحرجة ما بين إدارة موارد المياه وتغير المناخ والتصحر والحفاظ على التنوع الحيوي.
- تطوير برامج للرصد وقواعد البيانات العلمية شاملة الارتباطات مع المبادرات والنظم العالمية القائمة وذلك بهدف وضع الاستراتيجيات القائمة على الحاجة للمياه والتقسيم العادل بين مختلف القطاعات بما يحقق الشراكة.
- تعزيز برامج التوعية والتعليم وتنمية القدرات في رصد وتقييم موارد المياه مع إعطاء اهتمام خاص ودعم لاحتياجات الدول النامية في هذا السبيل.
- ترويج مبدأ الشراكة في إدارة الموارد المائية والتأكيد على الأدوار المختلفة لجميع الشركاء المعنيين بتحقيق ذلك.
وأكد أنه تم تخفيض نسبة الفاقد الفيزيائي في الشبكة من 35٪ عام 1999 إلى 20٪ في هذا العام وذلك نتيجة الإجراءات التي تم ذكرها أعلاه، ومن يراجع أرقام المؤسسة المتعلقة بالكميات المنتجة والمستهلكة يدرك تأثير هذه الإجراءات من خلال تطور الحاجة الواقعية من مياه الشرب لمدينة دمشق من عام 2000 حتى 2009، حيث أدت هذه الإجراءات إلى تخفيض الاستهلاك أكثر من 160 ألف متر مكعب يومياً خلال الفترة المذكورة على الرغم من الزيادة السكانية.
نظام التحكم الآلي وأهدافه
نظام التحكم الآلي بشبكة إنتاج وتوزيع المياه في دمشق هو نظام تحكم إلكتروني متكامل يعتمد على استخدام منظومات حواسيب واتصالات وبرمجيات تحكم متقدمة (نظام للتحكم إشرافي وتحصيل المعطيات SCADA) يقوم بتحقيق الأهداف الرئيسية التالية:
- تحصيل المعطيات والقياسات على حالة وعمل جميع المكونات الأساسية لمنظومة إنتاج وتوزيع المياه ونقلها إلى مركز التحكم الرئيسي ومعالجتها وتخزينها وتمثيلها للمشرفين على التشغيل والاستثمار بطريقة سهلة تعبر بدقة عن ظروف عمل الشبكة بما يسمح لهم باتخاذ قرارات التشغيل المناسبة.
- توفير وظائف تحكم وإشراف على التشغيل تسمح وعن بعد بوضع تجهيزات المنظومة في الخدمة والتحكم بها أو إخراجها من الخدمة مع توفير شروط مثلى لأمان التشغيل.
- تشغيل محطات الضخ والرفع والتحكم بالمياه الداخلة والخارجة من الخزانات والتحكم بسكورة شبكة التوزيع وفق استراتيجية تشغيل تحددها المؤسسة لترشيد استهلاك المياه وتوزيعها بعدالة قدر الإمكان على جميع المشتركين وفي شروط اقتصادية مثلى.
- تحقيق أمان أعظمي في جميع مراحل تشغيل المنظومة ورفع أمان منشآت شبكة الإنتاج والتوزيع.
شام نيوز - الثورة