نتنياهو يشطب القدس واللاجئين والدولة ويطلب تمزيق المصالحة

مدعوماً من الكونغرس الأمريكي وبحضور نائب الرئيس جو بايدن، أعلن رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو، شكلاً للسلام الذي يريده الكيان وبشروط أكثر صلفاً، وطالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس بتمزيق اتفاق المصالحة، وزايد على ثورات الشباب العربي بزعم أن “إسرائيل” واحة الديمقراطية . فقد ضمن نتنياهو كلمته أمام اجتماع مشترك لمجلسي الشيوخ والنواب الأمريكيين واحتفى بها بشكل غير مسبوق على مختلف وسائل الإعلام الأمريكية، شروط “إسرائيل” للسلام التي اجتازت محيط هذا السلام المفترض لتشمل إيران وما سماه “الإرهاب” الإسلامي .

 

وأعلن نتنياهو أنه مستعد لتقديم “تنازلات مؤلمة” من أجل تحقيق السلام وهي في رأيه التخلي عن بعض من “وطننا التاريخي”  حسب وصفه .


وأكد استعداده للاعتراف بدولة فلسطينية نظير اعتراف الفلسطينيين بيهودية “إسرائيل” .

وحدد نتنياهو جملة من شروط طالما كررها، على النحو التالي:


- إن موضوع القدس غير قابل للنقاش باعتبارها العاصمة الموحدة ل “إسرائيل” اليهودية .
- أن تتخلى السلطة الفلسطينية عن “حماس” وأن “إسرائيل” مستعدة لمحادثات سلام مع السلطة ولكن ليس مع “حماس” معتبراً الأخيرة النسخة الفلسطينية من “القاعدة”، حسب تعبيره .
- إن “إسرائيل” لن تقبل سوى بسلام قائم على الأمن وهو مشروط بقيام دولة فلسطينية منزوعة السلاح تماماً وبقاء القوات “الإسرائيلية” على طول الحدود مع الأردن .
- إن مشكلة اللاجئين ستحل خارج الحدود “الإسرائيلية” بمعنى رفض حق العودة تماماً وضرورة تخلي الفلسطينيين عنه وعلى أساس أن للاجئين الفلسطينيين حق زيارة الدولة الفلسطينية المفترضة، كما لليهود “حق” في “إسرائيل” اليهودية .
- إنه يجب على الفلسطينيين القبول بواقع ديموغرافي تم تثبيته على الأرض وأن أي “اتفاق سلام” لابد وأن يتضمن بقاء بعض المستوطنات .

 

وأكد نتنياهو بالنسبة لما قاله الرئيس الأمريكي باراك أوباما قبل أيام حول إعادة المفاوضات على أساس حدود 67 أن أوباما محق في قوله إن الحدود ستكون مختلفة عن الحدود الفعلية لعام ،67 وذلك في إشارة إلى تبادل الأراضي المقترحة أمريكياً، وبزعم أن حدود 67 الأصلية لن تمكن “إسرائيل” من تحقيق شرط الحفاظ على “أمنها” .


وذهب في شروطه إلى أبعد من طاولة المفاوضات ليطالب الفلسطينيين بالكف عن تعليم أطفالهم الكراهية وترديد خرافة أن “إسرائيل” سوف يسيطر عليها في نهاية الأمر أطفال اللاجئين الفلسطينيين، وقال: “هذا الأمر يجب أن ينتهي تماماً، أي أنه يدعو لصهينة الأطفال الفلسطينيين” .


وكان بعض المحتجين، ومن بينهم سيدة أمريكية قاطعت نتنياهو خلال كلمته، حاضرين في شرفة القاعة الرئيسة بالكونغرس الأمر الذي حاول نتنياهو بعد أن فوجئ باستخدامه لمصلحته، فزعم أن هذا ما لا يمكن حدوثه في دول غير ديمقراطية، بينما يتم في دول ديمقراطية كالولايات المتحدة قائلاً: “هذا لا يحدث في برلمانات طهران وطرابلس” . وأيضاً في الخطاب الطويل لوحظ ترحيب غير مسبوق من أعضاء الكونغرس بما جاء فيه لدرجة مواصلتهم الوقوف والتصفيق مطولاً منذ اعتلائه المنصة وحتى خروجه منها، وانضمت إليهم في التصفيق وقوفاً زوجة نتنياهو سارة .

وفيما اعتبر خطاب إعلامي بامتياز، فإن نتنياهو حرص في خطابه الذي كتب على ما يبدو بعناية فائقة، على مماثلة وقائع تاريخية عاشتها أمريكا حديثاً بما يحدث في “إسرائيل” وشبه “ديمقراطية” كيانه ب”ديمقراطية” أمريكا .

وهنأ أوباما بمقتل أسامة بن لادن، مقارناً بين حركة “حماس” وتنظيم “القاعدة” واستخدام فزاعة ما سماه “الإرهاب الإسلامي”، والخطر النووي الإيراني، وطالب الكونغرس بالوقوف ضد لجوء الفلسطينيين للأمم المتحدة للاعتراف بدولتهم، إلا إذا اعترف الفلسطينيون بيهودية الكيان وذهبوا إلى مفاوضات بشروطه .

وزعم نتنياهو أن “إسرائيل” ليست دولة احتلال كما كان الحال بالنسبة للبريطانيين في الهند والبلجيك في الكونغو، زاعماً أن “إسرائيل” هي أرض اليهود التاريخية .

ودشن فصلاً جديداً في فصول تزييف التاريخ حين زعم أن جوهر النزاع هو الأقرب بيهودية “إسرائيل” وليس إقامة دولة فلسطينية .

ولم يظهر هذا التوجه الصهيوني الجديد إلا مؤخراً وبعد أن افترض يهودي روسي هو شارانسكي وزير الإسكان “الإسرائيلي” السابق حلاً للمشكلة الديمغرافية إلى جانب تنشيط حركة الاستيطان والهجرة إلى “إسرائيل” .

وزايد نتنياهو على ثورات ربيع العرب وجادل بأن هذه الثورات تمثل وعداً بفجر جديد من الحرية، مذكراً الأمريكيين بأن هذه الثورات في القاهرة وتونس أشبه بما حدث في براغ في الماضي في تذكرة للأمريكيين بأجواء الحرب الباردة التي انتهت بتفكيك الاتحاد السوفييتي وذلك قبل أن يعرج على ذكر إيران والتلويح مجدداً بفزاعة الإسلاميين الذين “حولوا ربيع ثورة 79 في إيران إلى طغيان لا ينبغي السماح باستمراره”، ومحذراً من نظام إسلامي سياسي يحصل على سلاح نووي يهدد العالم .


واعتبر أن صمت وغياب غضب المجتمع الدولي حيال ما وصفه بالتهديد الإيراني هو أسوأ من “الإرهاب” .

ووجه أوباما الشكر إلى أمريكا قائلاً: “لستم بحاجة لتصدير الديمقراطية إلى “إسرائيل” فقد حصلنا عليها ولستم بحاجة لإرسال القوات إلى “إسرائيل” فنحن نستطيع الدفاع عن أنفسنا” وذلك قبل أن يوجه شكره لأوباما لالتزامه بأمن “إسرائيل” حتى رغم الأزمة الاقتصادية .

وكان خطاب نتنياهو قوبل بترحيب أمريكي سياسي لاسيما في الكونغرس، في الوقت الذي تظاهر أمريكيون وعرب ينتمون لمنظمات حقوقية ضده، وتجلى ذلك خلال إلقائه لخطاب أمام “إيباك” أول أمس حيث هتف بعض الحضور الذين تسللوا للمكان ضده وجرى إخراجهم .


ووجه حزب “كاديما” “الإسرائيلي” انتقادات شديدة إلى نتنياهو في أعقاب خطابه وقال إن نتنياهو طرح صورة كاذبة أمام الكونغرس .


ونقلت وسائل إعلام “إسرائيلية” عن عضو “الكنيست” يونيل حسون من “كاديما” تعقيبه على الخطاب بالقول إن “الخطاب لم يكن أكثر من بث انتخابي ومحاولة من جانب نتنياهو لرسم صورة كاذبة حول استعداده للدخول في مفاوضات (مع الفلسطينيين)” .

من جهتها، رفضت السلطة الفلسطينية وحركة “حماس” وحركة الجهاد الإسلامي، طروحات نتنياهو، حول السلام والمصالحة الفلسطينية .


وقال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، في بيان “ما طرحه نتنياهو لا يؤدي إلى سلام، وإنما وضع مزيداً من العراقيل أمام عملية السلام” . وأضاف: “بالنسبة لنا فإن السلام يجب أن يكون بإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 والقدس الشرقية عاصمة لها” . وقال: “إننا لن نقبل أي وجود “إسرائيلي” في الدولة الفلسطينية، خاصة على نهر الأردن” .


ووصفت الحكومة المقالة التي تديرها حركة “حماس”، خطاب نتنياهو بأنه “تزوير للتاريخ وتضليل للرأي العام الدولي” .
فيما اعتبرت حركة الجهاد الإسلامي خطاب نتنياهو “استمراراً لسياسة التضليل والكذب والتزوير التي تنتهجها الحركة الصهيونية”