نجاح الفلسطينيين في جذب الاستثمارات

 

نشرت مجلة "فورين افيرز" الامريكية مقالا بقلم فانيسا زعبي المديرة المشاركة لبرامج الشرق الاوسط في معهد آسبن جاء فيه ان الفلسطينيين استطاعوا بفضل وجود قوى عاملة متعلمة لديهم ان يجذبوا شراكات دولية في مجال الاستثمارات الى فلسطين. وتقول: "واقفا على قمة المسرح العالمي خلال قمة الامم المتحدة حول الأهداف الإنمائية للألفية الشهر الماضي، كشف الرئيس الاميركي باراك أوباما بشجاعة وحزم عن العناصر الجوهرية للسياسة التنموية العالمية الجديدة لإدارته – وهي سياسة من شأنها أن "تطلق العنان للتغيير التحولي". ويبقى أحد أكثر الأماكن ذات الحاجة الماسة لذلك التغيير متمثلا بالأراضي الفلسطينية المحتلة، التي تشكل محورا رئيسا لجهود الإدارة الأميركية.

وقال أوباما موضحا أمام مئات الممثلين في الجمعية العامة: "نعلم أن الدول التي تملك احتمالية أكبر للازدهار حين تعمل على تعزيز روح المبادرة، وحين تستثمر في بنيتها التحتية، وحين يعملون على توسيع التجارة ويرحبون بالاستثمار". ولتسهيل هذه القوى، تعهد أوباما بشراكة بين الولايات المتحدة وهذه الدول "من أجل خلق بيئات العمل التي تجذب الاستثمار ولا تخيفه أو تبعده".

هذه المكونات – تعزيز الاستثمار والمبادرة والشراكة الاقتصادية- هي بلا شك عوامل مهمة للتنمية المستدامة. والتحديات التي تواجه النمو في الظروف الطبيعية كبيرة، أما في ظل ظروف من الصراع منخفض الحدة فهي تبدو مستعصية. لكن على الرغم من السوق الأسيرة بالمعنى الحرفي، فإن الأعمال الأميركية والفلسطينيين يجدون طرقا لبدء القيام بهذا التغيير.

بوجود قوى عاملة متعلمة، وقطاع تكنولوجي منافس، وعقلية مبادرة إبداعية، جذبت فلسطين خلال عدة سنوات الشراكات في مجال الاعمال والفرص الاستثمارية من جانب منظمات دولية معروفة، وعدد من الشركات والمنظمات غير الحكومية، منها أنظمة "سييسكو"، و"غوغل"، و"انتل" و"هيوليت باكارد". وبهذه المعايير، ليس من المستغرب أن تقول جيزيل هيزكوك، مديرة تطوير الأعمال في شركة "غوغل" خلال اجتماع الشراكة الأميركية- الفلسطينية السنوي في معهد اسبن أن "غوغل تقوم بالأعمال في الأراضي الفلسطينية بنفس الطريقة التي تنفذ فيها الأعمال في أي دولة أخرى في المنطقة".

هناك معيقات واضحة- سياسية ومادية- لكن الفلسطينيين يستمرون في العمل على الرغم من التحديات اليومية. وما نتج هو حس من المرونة، وعقلية إبداعية وإيمان لا يتزعزع في الإمكانات الامر الذي كان واضحا في حزيران (يونيو) الماضي خلال مؤتمر الاستثمار الفلسطيني حيث صرح الممثل الاميركي نائب وزير المالية نيل وولين بقوة أن "الاقتصاد الفلسطيني مفتوح أمام الاعمال".

لطالما كان هذا الشعور الكامن موضع الإيمان في الشراكة الأميركية- الفلسطينية، التي أسست عام 2007 على يد المدير التنفيذي توني فيرستاندغ، من أجل إيجاد شراكات وفرص استثمارية للشعب والاقتصاد الفلسطيني. وإدراكا للتحديات التي تواجهها التنمية الاقتصادية في فلسطين بالإضافة إلى الفرص، تركز الشراكة على بناء علاقات في مجال الاعمال بين الاميركيين والفلسطينيين في حقول التكنولوجيا والفندقة والسياحة، والتنمية الشبابية. ومرة واحدة سنويا، في أيلول (سبتمبر)، يجتمع الرؤساء التنفيذيون مع قادة في مجال الاعمال والمنظمات غير الحكومية ذات العلاقة من أجل مراجعة أنشطة العام الفائت، ومناقشة ووضع أجندة المشاريع ذات الاولوية التي سيتم السعي لتنفيذها في العام التالي.

وقالت جين كايس، الرئيسة التنفيذية لمؤسسة كايس وعضو الهيئة الإدارية للشراكة: "القطاع الخاص لا يمكنه القيام بالكثير للتأثير في الدبلوماسية أو الأمن في الشرق الأوسط، لكن يمكن أن يقوم بإسهام على نفس القدر من الاهمية في الاستثمار المالي والاجتماعي. قادة القطاع الخاص قد تقدموا كثيرا في خضم الجو العام من عدم اليقين لأن لديهم اعتقادا قويا بأن هناك إمكانيات كبيرة للعائدات الاستثمارية- سواء في مجال اعمالهم أو في الأمل من أجل شرق أوسط يتمتع بالسلام والازدهار".

ومن ضمن البرامج العديدة للشراكة الأميركية-الفلسطينية كان صندوق راس المال في الشرق الأوسط (MEVCF) الذي يهدف للاستثمار في الشركات التكنولوجية الفلسطينية في مراحلها الاولى. ويملك المؤسسان سعيد الناشف ويادين كوفمان هدفا أوليا بوضع 25 مليون دولار في الاستثمار. ويشمل المستثمرون الحاليون بنك الاستثمار الاوروبي، وصندوق "سوروس" للتنمية الاقتصادية، ومؤسسة "سكول" وجين كايس.

كما تدعم الشراكة مبادرة سيسكو لترويج العقود التكنولوجية في الشركات الفلسطينية. وقد تعاقدت سيسكو مع 40 شركة بالتعاون مع وزارة الخارجية الأميركية والشراكة الأميركية- الفلسطينية، وتأمل القيام بزيادة هذا العدد من خلال تشجيع الشركات التكنولوجية الكبرى الاخرى على أن تحذو حذو سابقاتها.

ويعد تقدم الفرص التعليمية وبناء المهارات الاحترافية أمرا اساسيا في التنمية الاقتصادية. وعلى الرغم من القوى العاملة التي تتمتع بالتعليم العالي، إلا أن الطلاب الفلسطينيين ما زالوا يفتقرون إلى مصادر للتدريب الاحترافي والمهني، والخبرة الدولية والمهارات اللغوية، التي تعد اساسية لتوسيع القطاع الخاص.

وبالشراكة مع مجموعة (تيلوس)، قامت الشراكة بتسهيل قيام تعاون جامعي بين كلية الفندقة في جامعة هيوستن وكلية الفندقة في جامعة بيت لحم. وستوفر هذه الشراكة للطلاب في مجال الفندقة والضيافة فرصة للتبادل الطلابي والتدريب وخبرة دولية أوسع. وتسعى الشراكة الأميركية- الفلسطينية إلى توسيع نطاق أعمالها مع جامعات وقطاعات أخرى".

ومع تقدم الشراكة الاميركية-الفلسطينية في مساعيها، سيتم التركيز على دعم المستثمرين ومصالح الاعمال الصغيرة ,الآخذة بالنمو. وعلى سبيل المثال، سنعمل للتعرف على زبائن وشركاء اميركيين لشركة "ريتش"، وهي اول مركز للمكالمات في فلسطين وتوظف 500 شخص في الضفة الغربية. وقال غسان عنبتاوي المدير التنفيذي لشركة "ريتش": "بالنظر الى نقص فرص العمل في الاقتصاد الفلسطيني، فان نسبة عالية من العاملين عندنا متعلمون اكثر مما هو معتاد في مركز للمكالمات. والغالبية، 96 في المائة، خريجون حديثون من كليات او جامعات يحاولون اعمار بيوت لهم. يضاف الى هذا ان شركتنا معروفة باجواء العمل الجيدة فيها والفرص التي نتيحها للعاملين ليتحسنوا علمياً ويترقوا في الشركة. وهذا يجعلنا مستخدمين مطلوبين في المنطقة. وكوننا قادرين تنافسياً في السوق العالمية ومجهزين باحدث التقنيات يجعلنا وجهة جيدة يمكن ان تتوجه اليها الشركات الاميركية".

وبالنسبة الى الفلسطينيين، يعتبر بناء شراكات قابلة للاستمرار، وتشجيع روح الاستثمار وتوسيع العلاقات بين مصالح الاعمال من الامور الحيوية لتطوير أي قطاع خاص. وكما لاحظ البنك الدولي ورئيس الوزراء سلانم فياض، فان خطوات كهذه يمكن ان تساعد الى حد كبير الفلسطينيينالذين يعيشون في الظروف الحالية وستوفر في نهاية الامر اساساً ونطلقاً نحو اقتصاد فلسطيني نابض بالحياة.ويثبت الفلسطينيون انهم قادرون، بالرغم من العقبات الحالية، على الاتجار والارتباط بعلاقات عمل مع بقية العالم، وستدعمهم في ذلك الشراكة الاميركية-الفلسطينية.

 

شام نيوز - صحيفة القدس