نحن المجرمون بمواردنا ونقاط قوانا ...وهاكم الدلائل!!
قد يكون من العبثية الاقتصادية بمكان التفكيربمنافسة مايكروسوفت في التكنولوجيا ومقارعة جينرال موتورز بالسيارات، وهذا لا يعني منذ البداية، الدعوة للاعتماد على الاستيراد واجهاض توطين المشروعات الصناعية، ولكنها- الدعوة لاستثمار الامكانات المتاحة والمتوفرة والتي لنا فيها باع وتراكم ..وفيها قيم مضافة تسعف موارد الخزينة التي أعياها تناقص انتاج النفط وتراجع فوائض المؤسات الاقتصادية .
دونما اطالة، سورية تنتج- أو كانت تنتج - نحو مليون طن قطن، وتنتج من الزيتون ما وضعها في المرتبة الخامسة عالمياً، وكذا بالنسبة للزراعات الصناعية التي لم نعرف طريقاً لاستثمارها بعد، كالحبة السوداء واليانسون والكمون، ولعل في الأسعار التي شهدتها هذه الزراعات منذ سنوات، وقت تراجعت المواسم في شرق آسيا دليل على هذه الكنوز التي ندفنها .
بيد أن ما سنرمي إليه اليوم هو الأهم، ليس لجهة السعر والعائدية، بل لجهة ما تسببه الخسائر وعدم الاستثمار من خسائر وخيبات .
الحمضيات، التي انتقلنا بها من الندرة والاستيراد إلى الوفرة وعدم الدراية بالتصريف، مصادر مكتب الحمضيات تقول عن انتاج متوقع يصل إلى نحو 1ر1 مليون طن، وتحمل المؤشرات الإنتاجية الصادرة عن الجهات المعنية في القطاع الزراعي تزايداً مستمراً في إنتاج سورية من هذا المحصول قياساً إلى المواسم السابقة، وأما مؤشرات التسويق فمازالت على حالها المتدنية ودون أي تحسن في الأسعار ليكون المزارع المنتج هو الحلقة الأضعف في زراعة الحمضيات فسعر الكيلو وسطياً لايتجاوز 15 ل.س في أحسن الأحوال ولأفضل الأصناف بالجملة في سوق الهال، لكنه يقفز إلى نحو 30 ل.س عند شراء المستهلك له ولأن المتاهة التسويقية تكرر ذاتها في ظل غياب دور الجهات المعنية والوصائية وتواضع الحراك المسجل لها على هذا الصعيد، فإن التوازن السعري لهذا المحصول لن يتحقق إلا إذا أخذت الجهات الحكومية والتعاونية على عاتقها دعم خطوات إحداث أماكن الفرز والتوضيب والتخزين وتشجيع إقامة مصانع للعصائر السائلة والجافة وإعادة النظر في مستلزمات الإنتاج الزراعي وتكاليفه وإجراء دراسة واقعية وممنهجة للأسواق الخارجية ومعرفة حاجتها كماً ونوعاً.
أما لماذا الاجرام في القضية..ببساطة لأننا لا نعرف طرائق إلى التصنيع، حتى ولو قدمنا ميزات ومزايا لمن يرغب بالاستثمار في تصنيع الحمضيات ويغنينا عن استيراد العصائر المكثفة، بل و لم نتعلم نعد أن نخلق أنماط استهلاك في داخل القطر، لأن كل اسرة سورية لو استهلكت كيلو حمضيات كل ثلاثة أيام لما فاض الانتاج وخسر المزارعون وتحكم التاجر بمصائر عائلات تعيش على المواسم الزراعية .
للاشارة ليس إلا، لشدة ما يتحكم التاجر في الموسم...هناك العديد من المنجين لا يجنون ثمار الحمضيات...ألسنا مجرمون إذاً ؟!
شام نيوز