نساء الخيال

 

ديانا جبور. بلدنا

بعد منجز إبداعي لافت، يختار الروائي السوري ممدوح عزام صيغةَ المشروع المُزمع إنجازه لروايته الجديدة، وهي بعنوان «نساء الخيال». ولهذا الاختيار أسبابٌ تقنية وموضوعية؛ فقد أتاحَ للكاتب (من جهة) تجريب تكنيك جديد، يلبّي طموح المبدع في ريادة أشكال سرد جديدة، تتمرَّد على وصفات سابقة لنجاحات مؤكدة بلغت ذروتها في عمله الملحمي «قصر المطر».

 

أما على الصعيد الموضوعي العام، فيترجم هذا الخيار الفني قلقَ المحيط وتحوّله، بما لا ينسجم مع ترف الاستئناس، إلى كسل الاستقرار.

 
 الروائي هنا شريك وجودي في تشريح استعصاءات الحاضر وفي صياغة أسئلة المستقبل بالإصرار على تهديم الأنساق الثابتة.  لن أختصر الرواية، لكني سأتوقف عند ذريعة إشادتها وحجر تأسيسها؛ أي تشكيل أربعة مراهقين عصابةَ عشاق، استنسخت أشهر قصائد الحبّ، ونثرتها رسائل مغفلة التوقيع على صبايا المدينة المحافظة.. فإذا بقادة أحزابها السياسية، كما بأجهزتها الأمنية، وكذا سدنة الأخلاق والدين، يتحفَّزون للقبض على الفعلة، كما لو أنهم من عتاة المجرمين وأخطر المخرّبين.

 

 


أما الجرم فهو الحبّ!.. بل شبهة ارتكاب عاطفة الحب؛ لأنه وحده القادر على «منع الجزع، وتخريب الممنوع، وتلوين الاعتراف، ونسخ الهواجس، وخلق التحديات، وتصعيد الرفض..». دون الحبّ لاينبثق الدافع للرفض والتغيير، فلا تهتزّ العروش، ولاتميد الأرض.
 

بلادٌ ساكنة؛ لأنَّ سكانها يخشون، إن تحركوا، أن تورق ضغينتهم، فيأتي من يقطف ثمر فسادهم. أما بالحبِّ فتتطهر الأرواح، وتسمو الغايات، وتتنزّه الوسائل، فيخاف السماسرة والمزوّرون من قيامة السادة الأصلاء والحقيقيين.

 

 


«نساء الخيال» روايةٌ تحاول أن تزعزع اليقينيات، وتُغوي بالتجربة ولو غلَّفتها المحنة. وأجزم أنَّ هذه الرواية كانت لمؤلفها، كما ستكون لقارئها، تجربةً جديدةً، حتى لو شابَها ألمُ التخلّي عن المألوف.