نصر الله: لسورية قيادة وشعبا فضل كبير في حفظ وصيانة القضية الفلسطينية

رأى أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله أن "تضحيات الجيش اللبناني والمقاومين حوّلت القرى (الجنوبية) إلى رموز إنسانية ووطنية وأخلاقية، من ضمن هذه الرموز بلدة مارون الراس من خلال تضحياتها في حرب تموز، كما من خلال ما شهدته منذ أشهر قليلة من وقفة تاريخية لشباب فلسطينيين قالوا للعالم بالدم إن عشرات السنين لا يمكن أن تجعل فلسطين أرضاً منسيّة". وفي كلمة في "يوم القدس العالمي" الذي أحياه حزب الله في مارون الراس، قال نصرالله: "اليوم نلتقي هنا لنحيي مناسبة "يوم القدس العالمي" التي أرادها الإمام الخميني وبعده الخامنئي مناسبةً لإحياء قضية يحاول الاستكبار والغرب وعملاؤهم أن يحيلوها لدائرة النسيان، ونحن نحييها لتبقى في دائرة المسؤولية، وللتأكيد أن القدس وفلسطين هي جزء من ديننا وثقافتنا وحضارتنا وصلاتنا وصيامنا وبدونها تفقد الصلاة والصيام والجهاد والقيم الكثير من معناها وأصالتها".

 

وإذ لفت إلى أنه "في فلسطين فإن مسألة القدس يجب التنبه ورفع الصوت عالياً لها خصوصاً إزاء ما تتعرض له المدينة من عمليات تهويد وتعرّض المقدسات الإسلامية والمسيحية للتهديم وبناء كنيس يهودي وتهجير المقدسيين وبناء مستوطنات في محيط القدس"، أشار نصرالله إلى أنه "قبل أيام صدر تقرير يدعو للقلق إزاء مصير القدس، ولذلك يجب تحمل المسؤولية من شعوبنا العربية والإسلامية وجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، والتأكيد أن فلسطين هي من البحر إلى النهر"، مشددًا على أنه "لا يجوز لأحد أن يتنازل عن حبة تراب من فلسطين أو قطرة ماء من فلسطين ولا عن نقطة نفط من غاز فلسطين ولا عن حرف من اسم فلسطين، كما كان يحاول (الزعيم الليبي معمر) القذافي أن يسوق بإسم "اسراطين"، أما قيام دولة فلسطينية على حدود 67، فهذا شأن فلسطيني يقرر فيه شعبنا الفلسطيني"، وتابع: "نحن نضيف أن أي دولة فلسطينية لا يجوز أن تكون على حساب كل فلسطين، وطموحنا أن تقوم دولة فلسطينية على كل أرض فلسطين من البحر إلى النهر، ويجب أن نتذكر الأسرى الفلسطينيين وقطاع غزة والضفة التي تبنى عليها المستوطنات، وأراضي 48 التي يُعمل على تهويدها، وأن نتذكر كل اللاجئين في كل الشتات ولا سيما في لبنان".

 

وفي السياق ذاته، قال نصرالله: "يجب أن نلتفت إلى أن المشكلة هي الاحتلال لفلسطين، وبدل ان نذهب لحل المشكلات الناشئة بالتقسيط، يجب ان نذهب إلى معالجة السبب الرئيسي، فإذا نزعنا الاحتلال لن يعود هناك مشكلات، ولا تعود مشكلة الاحتلال، والإمام الخميني دعا لمعالجة السبب وليس النتائج تماماً كما في لبنان عندما عالجنا الاحتلال. وبعد انسداد أفق المفاوضات يوماً بعد يوم يؤكد الشعب الفلسطيني أن المقاومة هي خياره، وعملية إيلات هي شاهد على وهم العدو وعلى عزم هذا الشعب الفلسطيني الذي يقاتل ويعاني بعد كل عملية كما يجري مع أهلنا اليوم في قطاع غزة، فالشعب الفلسطيني اختار هذا الخيار، والأمة عليها أن تساعده، واللبنانيون كما تمكنوا من تحرير أرضهم بمساعدة أشقائهم، سيتمكن الفلسطينيون من تحرير أرضهم"، مؤكدًا أن "التحولات التي تجري في المنطقة هي لمصلحة فلسطين"، وتابع: "نحن علينا أن ندفع التطورات بشكلها الإيجابي باتجاه فلسطين، وإذا كانت التطورات سلبية فيجب أن نجبنها فلسطين".

 

من جهة أخرى، رأى نصرالله أن "ما تشهده في مصر من وقفة رسمية وشعبية أياً يكن حجمها وحجم التوقعات، هي بالتأكيد مؤشر على المرحلة الجديدة"، معتبرًا أنه "لو كانت قيادة (الرئيس المصري السابق) حسني مبارك لا تزال مسيطرة لكان الغضب سيحل على الفلسطينيين وسيحملونهم التبعات، لكن اليوم الموقف الرسمي والشعبي المصري من الالاف الذي يطالبون بطرد السفير الاسرائيلي في مصر، وهناك فارق كبير بين ان تحذر مصر القيادة الاسرائيلية وبين ما حصل ابان حرب غزة في العدوان عام 2008، عندما تتحرك مصر يعني هناك تحول استراتيجي في المنطقة، وما حصل اسمّيه "تنحنحت مصر شوي" فاهتزت اسرائيل"، مشيرًا إلى أنه "بالرغم من الرد الفلسطيني على عملية ايلات خرج (رئيس حكومة إسرائيل بنيامين) نتنياهو ليقول: لا نستطيع ان نذهب بعملية عسكرية ضد غزة لأنها ستنتج ردة فعل عند مصر".

 

على صعيدٍ آخر، أشار نصرالله إلى أنه "في ليبيا لا شك أن نظام (معمر) القذافي ارتكب الكثير من الجرائم بحق شعبه وبحق القضية الفلسطينية، ومن جملة ما فعله القذافي احتجاز الامام موسى الصدر ورفيقيه في مثل هذه الايام"، معتبرًا أن "هذه الجريمة ارتكبت خدمة للمشروع الإسرائيلي"، وقال: "كلنا يعرف ماذا يعني موسى الصدر للمقاومة في فلسطين ولبنان وماذا تعني المقاومة والقدس له، فهو من قال "أحمي المقاومة الفلسطينية بعمامتي ومحرابي" في وقت كانت تتعرض لخطر التصفية"، وتابع: "لقد تم اختطاف الإمام وما جرى بعد اختطافه وهذه أكبر جريمة ارتكبت، فلو قُدّر بقاءه لكان هناك تحولات كبيرة على مستوى المنطقة"، مضيفًا: "اليوم نتطلع الى الأخوة الليبيين أن يضعوا حداً لهذه القضية المأساوية وهذا الاعتداء الاجرامي، وكلنا امل أن يعوم الإمام سالماً، كما أنه من جرائم نظام القذافي أنه أخذ ليبيا بعيداً عن العالم العربي وتنكّر للقضية الفلسطينية، والمرجو من الثوار أن يعيدوا ليبيا الى العالم العربي وإلى فلسطين فلا يمكن لشعب قاد حركة ثورية بقيادة عمر المختار إلا وأن يعود الى فلسطين"، وشدد على أن "الشعب الليبي اليوم بمسؤولية كبيرة عليه إعادة بناء الدولة، والاستحقاق الأكبر هو مواجهة الطمع بليبيا".

 

وفي سوريا ومن زاوية فلسطين في يوم القدس، شدد نصرالله على أن "الحق الذي يجب أن يقال إنه لا يجوز أن ينسى أحد هو حقيقة موقع سوريا وهذه القيادة السورية بالصراع العربي الفلسطيني". وتابع: "يكفي أن أتوقف أمام أمرين، أولاً تمسك سوريا من جيش وشعب وقيادة بالارض السورية، وتمسك القيادة بالحقوق العربية في مقابل الضغوط الاميركية"، معتبرًا أنه "بالرغم من الغزو الاميركي لمنطقة الخليج وانهيار كل ذلك لم تهتز القيادة ولا تمسكها بحقوق سوريا وبالحقوق العربية، ولو تنازلت سوريا "كانت مشيت التسوية بالمنطقة"، وكانت فلسطين محاصرة، لكن صمد السوريون"، وأضاف: "لذلك بحق يقال إن هذه القيادة السورية لها فضل كبير في منع تصفية القضية الفسلطينية التي كانت دائماً هدفاً للضغوط الاميركية، وبقاء الموقف السوري هو شرط اساسي لمنع تصفيىة القضية"، موضحًا أن الأمر الثاني هو "وقوف سوريا الى جانب المقاومة في لبنان وفلسطين ودعمهما"، مؤكدًا أنه "حتى الدعم الايراني فإن وصوله كان بسبب موقف سوريا"، وقال: "هذه البقعة في جبل عامل لما كانت تحررت لولا انتصار العام 2000، ومن جملة عوامل الانتصار موقف سوريا، فهذه الارض قاتلت وانتصرت بدعم من القيادة السورية، وليس دعماً معنوياً وسياسياً فقط، ولا اريد ان ادخل في تفاصيل كي لا احرج القيادة السورية، بالإضافة إلى أداء وفضل القيادة السورية في دعم فلسطين، وكل ذلك كان يستجلب على سوريا مزيد من الضغط".

 

وتابع نصرالله مؤكدًا: "نعم كلنا يؤيد الاصلاحات لتحقيق مزيد من الدعم كي تتطور سوريا وتصبح افضل، ونحن نريد في سوريا القوية بالموقف القومي، الاصلاحات والتطوير، وبالتالي يجب ان يعمل كل من يدّعي أن سوريا دولة صديقة وأنه حريص على شعبها ووحدتها الوطنية لتضافر الجهود لتهدئة الاوضاع ودفع الامور الى حوار فيها"، معتبرًا أن "أي دفع باتجاه آخر هو خطر على سوريا والمنطقة"، وسأل: "هل من يريد دخول قوات "ناتو" يعمل لمصلحة سوريا؟ وهل الذين يدعون الى تعصب طائفي ومذهبي هم مع سوريا؟ هم يريدون سوريا كلبنان مجزّأة طائفية، فلبنان دائماً يعيش على حافة حرب اهلية تحضّر له من الخارج واحياناً من بعض السيّئين في الداخل، ومن يحرض في سوريا ويحضّر النعرات يريد تفتيتها من أجل خدمة مشروع الشرق الأوسط الجديد".

 

وإذ رأى أن "الاخلاص للقدس ولفلسطين وللبنان يقضي بدعم سوريا"، أضاف نصرالله: "حتى أولئك الذي يرسلون السلاح من لبنان الى سوريا هؤلاء لن يبقوا اذا حصل تطور سلبي في سوريا لأن اي تطور سلبي فيها سيؤثر على المنطقة"، واعتبر أن "آخر ما يهم اميركا هو الاصلاحات، فالمسألة ليست مسألة إصلاحات بل تنازلات"، وتابع: "علينا أن نقف جميعاً مع سوريا كي لا تتنازل وكي تقوم بالاصلاحات، وتحت الضغط لا يمكن ان تمشي الإصلاحات، فسوريا بحاجة الى الطمأنينة والهدوء والحرص على الوحدة الوطنية، ونعرف مدى جدية القيادة بالاصلاح".

 

نصرالله، الذي رأى أن "موقع لبنان اليوم في القضية الفلسطينية والصراع أصبح موقعاً مختلفاً تماماً عمّا كان دائماً"، قال: "كان هناك خشية لدى اللبنانيين أنه عند أيّ معالجة أو تسوية في المنطقة تكون على حساب لبنان، لكن اليوم لا، لأن لبنان لم يعد الحلقة الأضعف في المنطقة، بل لبنان قوي يحمي مصالحه، وعندما يتحدث البعض عن مخاوف التوطين، فببقاء لبنان قوياً لن يحصل توطين، والفلسطينيون يرفضون التوطين في لبنان، ودماؤهم الذكية في مارون الراس شهادة على انهم يرفضون هذا التوطين".

 

وأضاف نصرالله: "اللبنانيون إذا كانوا ملتفين حول معادلة الجيش والشعب والمقاومة فلن يحصل التوطين، نعم اذا كان بعض اللبنانيين متواطئين مع الاميركيين وكانوا في السلطة، نعم يمكن ان يوافقوا على التوطين، لكننا لن نسمح بحصول ذلك"، مشيرًا إلى أنه "دائماً كان يُخشى ان يحصل تنفيس الوضع الاقليمي على حساب لبنان، ودائماً كان هناك خشية أنه عند حصول خلاف بين سوريا واسرائيل او ايران أو فلسطين فيتم تنفيس ذلك في لبنان"، مشددًا على أن "هذا لم يعد ممكناً، لأن لبنان اصبح مأزقاً لإسرائيل تهرب منه ولا تهرب اليه، وأصبح فخاً لإسرائيل تقع به ولا توقع به احد"، وقال: "هذا الواقع الجديد فرضته معادلة الجيش والشعب والقاومة وهي معادلة كُتبت بالدم والتضحيات ودفع فلذات الأكباد، ومسؤولية اللبنانيين هي المحافظة على هذه المعادلة، فيما هناك من يعمل في الخارج ومن يساعده في الداخل لتفكيك المعادلة واستهداف كل واحد من عناصرها، وإذا امكن ضربها، فلطالما استُهدفت المقاومة".

 

وبشأن المحكمة الدولية، قال نصرالله: "أنا تحدثت وعلّقت على القرار الاتهامي وبعد ذلك عُقد مؤتمر قانوني سياسي وآخر فنّي عالجا من الناحية القانونية ومن الناحية الفنية هذا القرار"، معتبرًا أنه "يوماً بعد يوم يتكشف كم هذه المحكمة مسيّسة ولماذا أُسّست وكيف شُكّلت وكيف تم تعديلها لتحاكم غيابياً وكيف استهدفت سوريا، وكيف سُرّب التحقيق، وشهود الزور، وكيف يُحمى شهود الزور الى الآن، وكيف تُرفَض اي قرينة ضد اسرائيل"، معتبراً أن "كل ذلك يؤكد طبيعة الاستهداف"، وأضاف: "عندما نخرج لنشرح ونوضح فلا لنقنع اميركا ومجلس الأمن و(المدعي العام الدولي دانيال) بلمار و(رئيس المحكمة أنطونيو) كاسيزي او بعض الشخصيات السياسية في لبنان، لأن هؤلاء ركبوا المشروع و"مكفّيين فيه للآخر"، بل نحن نخاطب الراي العام ووعي شعبنا الذي ساعد المقاومة"، مشددًا على أن "هذه المحكمة وما صدر عنها لا قيمة لها، ومن اتُّهموا هم مظلومون وسيؤجَرون في يوم القيامة على ما تبعهم من ظلم وهم يتحملون تبعات انتصارات المقاومة".

 

واعتبر نصرالله أن "الحكومات المتعاقبة لم تدعم الجيش، وإسرائيل تعمل حتى لا يُدعَم الجيش"، مشيرًا إلى أن "الطعن بالجيش يخدم إسرائيل"، ومشددًا على أن "الجيش يبقى هو المؤسسة الضامنة لوحدة البلد، وعندما يُستهدف فهو لخدمة إسرائيل"، وقال: "نحن نعلم ان استهداف الجيش ليس توجّهاً شخصياً بل توجّه تيارات سياسية بعضهم يعبّر وبعضهم قاتله في سابق الايام وصولاً الى التحريض عليه والدعوة للتمرد عليه من قبل العناصر والضباط"، وسأل: "لمصلحة من ذلك؟ وعندما يُعمل على احياء الغرائز والتحريض المذهبي، فلمصلحة من هذا؟ وعندما يأتي فريق للتعامل مع الخارج وبعد "ويكليكس" تبين ان ثورة الارز كان يحركها فيلتمان "وكانوا يروحوا يحكوا على بعضن، يا عيب الشوم"، فلمصلحة من هذا؟".

 

وإذ اعتبر أن "مسؤولية الجيش ان يحمي المقاومة وأن يضع حداً لكل واحد في البلد يحرض على المقاومة"، أكمل نصرالله: "كل من يحرض على المقاومة هو يخدم إسرائيل، وكل من يحرض على الجيش يخدم اسرائيل، أنا لا أتهم أحداً بالعمالة لكن أنتم تخدمون اسرائيل من حيث تعلمون او لا تعلمون، ومن يمنع اسرائيل من الاعتداء على لبنان هي معادلة "الجيش والشعب والمقاومة"، والذي يستطيع أن يجعل لبنان شريكاً في يوم من الايام هي هذه المعادلة، وهذا ما نتطلع اليه وسوف يأتي الزمن الذي نتشنق فيه رائحة فلسطين في قلب فلسطين وليس على تلال مقابلة لفلسطين وسوف نصلي في بيت المقدس".

 

وختم نصرالله بالقول: "بإسم المقاومين والجرحى وشرفاء العالم أقول إن هذه الارض الطيبة ستعود لأهلها وهذه مشيئة الله، وقد قال الامام الصدر لأبي عمار (ياسر عرفات) في الأونيسكو ان "شرف القدس يأبى أن يتحرر إلا على ايدي المؤمنين"، وها هم المؤمنون في كل عالمنا العربي يتهيئون لليوم الذي يستعيدون به الارض لشعبها وليكتمل دينهم وصلاتهم وقيامهم".