نعيم قاسم للمراهنين على متغيرات في سورية تمس بالمقاومة: "لا تتوهموا كثيراً"

أكد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الاثنين 15/8/2011 عدم قدرة إسرائيل على "شن أي حرب جديدة على لبنان نتيجة التخبط والأزمات داخل كيان العدو وفي الدول الغربية الحليفة له"، مشيراً إلى "أن المقاومة لا تتأثر بأي وضع سياسي داخلي أو إقليمي مهما كان"، ناصحاًُ المراهنين على متغيرات ما في سورية أو المنطقة العربية للمس بالمقاومة "ألا يضيعوا وقتهم وألا يتوهموا كثيراً".
ودعا قاسم في ذكرى الانتصار على إسرائيل بحرب تموز في حديث لصحيفة "السفير" إلى أن "نوجه البوصلة مجدداً إلى العدو الإسرائيلي لنعلم انه وراء خفايا كثيرة لها علاقة بالمشاكل والفتن والتحركات الداخلية التي تستهدف إقلاق لبنان وجعله في مهب الريح بعد أن فشل هذا العدو في استخدام آخر ورقة كان يتوقع أن يستخدمها وتنتج له حلاً وهي ورقة العدوان الكبير في تموز 2006، فقد أصبح واضحاً للجميع أن استعدادات إسرائيل في وقتها إلى شهر أيلول من العام 2006 كانت استعدادات تستهدف القضاء على "حزب الله" وبالتالي القضاء على مشروع المقاومة ورمز المقاومة ومشروع المقاومة في لبنان والمنطقة".
ورأى انه "مع فشل إسرائيل من خلال الانتصار الكبير بتلاحم الشعب والجيش والمقاومة انتقل لبنان من موقع المستجدي إلى موقع العزيز الصامد الذي يحافظ على مواقعه ومطالبه والذي يستطيع فيه أن يقول نعم أو لا بما ينسجم مع متطلباته أو خصوصياته"، وتابع انه "على هذا الأساس، فإن لبنان ما بعد الانتصار يختلف عما قبله، وكل ما حصل بعدها من إثارة للفتن، كانت تهدف إلى استجداء وسائل تهدف إلى تخريب الوضع اللبناني من الداخل، والرد من وجهة نظرنا يكون بتصحيح البوصلة باتجاه العدو الإسرائيلي ولدينا إمكانات مهمة لذلك ونستطيع أن ننجح كما نجحنا سابقاً".
واعتبر قاسم وفقاً لـ"السفير" أن "السبيل لتصحيح البوصلة هو أن تخرج بعض الجماعات اللبنانية من الهرطقات الداخلية ومن التكالب على السلطة، وأن تقدم مصلحة لبنان على المصالح الخاصة وعلى منطق المزارع والوصايات الأجنبية الخارجية المختلفة"، ولفت إلى انه "قد أصبح واضحاً أن إمكانية الفصل بين المقاومة ولبنان بشعبه وجيشه إمكانية غير متاحة، لذلك نرى التحركات الأميركية والإسرائيلية في المنطقة العربية عموما تخرب البلدان واحدة تلو الأخرى وتتحرك لإعادة صياغة منطقة معدومة القوة والقدرة".
وشدد على انه "آن للجميع في لبنان أن يضع الأمور على السكة الصحيحة وذلك بالفصل بين أمرين الأول، له علاقة بحسم أن العدو واحد لا غير وهو إسرائيل، وهذا ما يستلزم أن نكون مستعدين كي لا يباغتنا هذا العدو في يوم من الأيام. الثاني، أن ينصرف الجميع إلى قضايا الناس الداخلية ومصالحهم".
وأشار نائب الأمين العام لحزب الله إلى انه "قبل التطورات التي حصلت في المنطقة العربية هذا العام، كان العدو في وضع صعب ولم يكن قد حسم قدرته في أن يخوض مواجهة عسكرية مع "حزب الله" برغم كل المناورات التي أجراها والتي كانت تستهدف تمتين الجبهة الداخلية المدنية، ولم يتمكن من معالجة فارق القدرة ولا تطوير القدرة بما ينافس وضع تموز 2006، أي أننا لو قارنا قدرات العدو وإمكاناته في تموز وقارنا تطور المقاومة إعداداً واستعداداً خلال الفترة ذاتها، يتبين تفوق "حزب الله" من الناحية النظرية على العدو والعدو يعلم ذلك تماماً".
وأوضح أنه "قبل التطورات العربية وقبل التطورات المرتبطة بالوضع الفلسطيني واحتمالات إعلان الدولة الفلسطينية وما شابه من تطورات، كان الإسرائيلي حائراً ومتردداً ولم يكن لديه قرار بالحرب، فكيف الآن مع وجود أزمات جديدة تواجهه، منها تطورات الوضع المصري والوضع الفلسطيني وانسداد أفق التسوية ومنها الشؤون الاجتماعية والمعيشية المعقدة داخل الكيان الإسرائيلي، فضلاً عن أننا أمام وضع إسرائيلي أضعف من الناحية السياسية مما كان عليه قبل ستة أشهر".
ورأى انه "إذا كان في تلك الفترة غير قادر على اتخاذ قرار الحرب فأعتقد انه ليس في وارد اتخاذ قرار الحرب الآن، أما فكرة الهروب إلى الخارج فهذا يكون عندما يستبطن العدو احتمال أن ينتصر أو يحقق إنجازاً معيناً في الحرب. ومع عدم وجود احتمال النصر يصبح الهروب خسارة حتمية لذلك نستبعد أن يكون هناك أي مغامرة إسرائيلية ضد لبنان"، مؤكداً انه "مع ذلك نحن نبني دوماً على أن العدو يمكن أن يعتدي ونحن من حيث الجهوزية على أتم الاستعداد".
ولفت قاسم إلى انه "قد تفاجأ إذا قلت أننا من بداية المقاومة جعلنا في أدائنا مسارين لا يؤثر أحدهما على الآخر، مسار المقاومة في إعدادها وتجهيزها وعملها ومتابعاتها، ومسار العمل السياسي والشؤون السياسية والداخلية والاجتماعية، وبالتالي مهما كانت التعقيدات الداخلية على المستوى السياسية ومهما حصل من منازعات وخلافات وبالونات إعلامية وتطورات إقليمية، فإن مسار المقاومة يتابع خطته بشكل عادي وطبيعي جدا من دون أن يتأثر بكل هذه الملفات الأخرى، لذا نحن نتكلم دوما عن جهوزية لأنها غير مرتبطة بالتطورات السياسية سلباً أو إيجاباً، سواء كانت داخلية أو خارجية".
وأضاف قاسم أن "الوضع السوري يحتاج إلى بعض الوقت حتى يستقر أكثر، لكن لا أعتقد أن المراهنين على تغييرات في سورية تؤدي إلى تغييرات في لبنان سينجحون، لان الوقائع تقول غير هذا"، إضافة إلى أن "واقع لبنان يتأثر بخصوصياته وظروفه ولديه نوع من التماسك الخاص المرتبط بثلاثي الشعب والجيش والمقاومة بما يجعله بمنأى عن التأثر بالتطورات"، وأقول للمراهنين على متغيرات في سورية تؤثر على المقاومة، "لا تتوهموا كثيراً ولا تضيعوا وقتكم ولا تعبّئوا جمهوركم بطريقة خاطئة، اعملوا بطريقة ايجابية للمساهمة في الحلول والمعالجة فهذا لمصلحة لبنان ولمصلحة سورية".
وشدد قاسم على أن "المقاومة في حالة تصاعدية ومستمرة بحمد الله مهما كانت الملفات الداخلية أو الإقليمية معقدة أو صعبة، فسواء كانت تمس "حزب الله" بصورة مباشرة أو غير مباشرة أو تمس حلفاءه فإن هذه الملفات لها طريق متابعة يختلف عن مسار المقاومة الذي لن يوقفه شيء إن شاء الله".
وأكد على أن "الحكومة برئاسة نجيب ميقاتي ناجحة من ناحية الاتجاه السياسي الذي اختارته وتدافع عنه، وقد سمعنا تصريحات رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس الحكومة ووزير الخارجية وكل المسؤولين الذين أكدوا على ثلاثية الشعب والجيش والمقاومة، وعلى أن لا يكون لبنان في ركب أي وصاية أجنبية، فمن الناحية السياسية الحكومة انطلقت على أساس هذه الرؤية وعبرت عنها من خلال أفرادها ونحن راضون عن الإطار السياسي وعن الموقف السياسي للحكومة وهي تشكل في الواقع حماية لمصالح لبنان".
ولفت إلى أن "طاولة الحوار موجودة ولها برنامج عمل واضح والمشاركون فيها إنما شاركوا على أساس المناقشة في الإستراتيجية الوطنية الدفاعية، وعلى هذا الأساس نحن نوافق على انعقاد طاولة الحوار لمناقشة الإستراتيجية الدفاعية الوطنية، ولا نقبل أي شروط مسبقة ولا نوافق على أي تعديلات خارج الطاولة، عندما يجلس الأطراف المتحاورون إلى طاولة واحدة معا يناقشون ما يريدون معا فيتفقون على ما يتفقون عليه ويحذفون ما يختلفون عليه، فبالتالي نحن لسنا مع أي شكل من أشكال تجويف طاولة الحوار من هدفها وهو مناقشة الإستراتيجية الدفاعية ولسنا مع حرف طاولة الحوار عن هدفها عبر طرح موضوعات جزئية أو جانبية أو ليست هي الأساس في المناقشات الحقيقة وما انعقدت عليه، نحن ندعم رئيس الجمهورية بدعوته إلى طاولة الحوار بصيغتها المعروفة ولا نوافق على أي تعديلات أو شروط تعطي إشارات خاطئة حول موضوعات البحث أو حول المشاكل التي يعاني منها لبنان. لبنان له عدو واحد اسمه إسرائيل وعلينا أن نناقش الإستراتيجية الدفاعية لنحمي لبنان بالطريقة المناسبة ونقطة على السطر".
وأكد قاسم انه "ليست لدينا مشكلة اسمها السلاح، لدينا مشكلة في بعض الرؤى التي لا تريد أن يكون لبنان قوياً ولا تريد أن تكون له مقاومة وهم يقبلون بإسرائيل المتغطرسة التي تدخل وتخرج إلى لبنان ساعة تريد، ولا يقبلون بحماية تتوافر بثلاثي القوة الشعب والجيش والمقاومة، هذا خطأ كبير في الرؤية وضد مصلحة لبنان".