نوبات اكتئاب حادة، وحزنٌ عميق يوم توفي العندليب..

نوبات اكتئاب حادة، وحزنٌ عميق يوم توفي العندليب..

يُصادف اليوم الذكرى الـ 47 لرحيل العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، الذي توفي في ربيع عام 1977 في لندن عن عمرٍ يناهز الـ 47 عاماً.

 

نشأته:

ولد عبد الحليم يوم 21 حزيران عام 1929 في قرية الحلوات بمحافظة الشرقية المصرية، وهو الابن الأصغر بعد أربعة إخوة.

وعاش عبد الحليم الطفل يتيم الأب والأم، ونشأ في كنف خاله.

 

بداياته الفنية:

التحق عبد الحليم بكُتاب الشيخ أحمد في قريته، ثم بالمدرسة الابتدائية، وفي عام1943  التحق بمعهد الموسيقى العربية، وانتظم في قسم التلحين، وتخرج منه عام1948  عازفاً على آلة "الأبوا"، وهي من آلات النفخ.

بدأت مسيرته الفنية في الإذاعة عام 1951 عند أدائه قصيدة "لقاء" من كلمات صلاح عبد الصبور وألحان كمال الطويل.

ثم قدّم أغنية "يا حلو يا أسمر" للإذاعة من كلمات سمير محجوب، وألحان محمد الموجي، وأغنية "صافيني مرة" كلمات سمير محجوب، وألحان محمد الموجي أيضاً، وذلك في آب عام 1952 إلا أن هذا النوع من الغناء كان جديداً على الجماهير العربية آنذاك ما أدى إلى رفضها للأغنية بدايةً.

فأعاد عبد الحليم غناءها في يونيو 1953 بالتزامن مع يوم إعلان الجمهورية المصرية ما جعلها تحقق نجاحاً كبيراً، وأخذ نجمه في الصعود حتى لُقب بـ "العندليب الأسمر".

 

أعماله:

ضمّت رحلة عبد الحليم حافظ الفنية أكثر من 230 أغنية، جمعها كاملةً صديقه مجدي العمروسي في كتاب بعنوان: "كراسة الحب والوطنية.. السجل الكامل لكل ما غناه العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ".

 

"قارئة الفنجان":

اختار الشاعر نزار قباني عبد الحليم حافظ لأداء قصيدته "قارئة الفنجان" لأنه المطرب الوحيد الذي يمتلك الجرأة الكافية للخروج عن السائد والمألوف في ذلك الوقت، وأرسلها له مباشرة طالباً منه تقديمها.

وقابل عبد الحليم طلب قباني بالموافقة وقدم الأغنية في ربيع عام 1976 بعد أن لحنها محمد الموجي مستغرقاً بذلك سنتين.

ومرت هذه الأغنية بظروف عصيبة كان من الممكن أن تقضي عليها في مهدها، إذ واجه الموجي صعوبة في نقل اللحن إلى نوتات موسيقية، وعند انتهائه كان لا يزال على موعد الحفل 12 يوماً فقط، وهو وقت غير كافٍ لإجراء البروفات التي اعتاد عبد الحليم أن يجريها بـ 45 يوماً، فقرر إلغاء الحفل.

إلا أنه وبتأييد من صديقه مجدي العمروسي، وبعد أن حرص أعضاء الفرقة الماسية على رأسهم قائدها أحمد فؤاد حسن على أن يتدربوا 12 ساعة يومياً، تراجع عن قرار الإلغاء.

وغنى عبد الحليم "قارئة الفنجان" على خشبة مسرح نادي الترسانة في القاهرة ربيع عام 1976، وكانت أغنيته الأخيرة قبل وفاته بعامٍ تقريباً.

 

وفاته:

توفي العندليب الأسمر يوم الـ 30 من آذار عام 1977، بسبب تلوثٍ في الدم الذي نُقل إليه حاملاً معه التهاب الكبد الفيروسي من النوع (C) الذي تعذر علاجه نظراً لوجود تليف في الكبد ناتج عن إصابته بداء البلهارسيا منذ الصغر، وفارق الحياة في مستشفى "كنجز كولدج" بلندن عن عمر يناهز السابعة والأربعين.

وشُيّع جثمانه في جنازة مهيبة في مصر، وشارك فيها أكثر من 250 ألف شخص.

وشاعت حالة من الاكتئاب والحزن العميق بين الجماهير المصرية والعربية، وسُجلت عدة حالات انتحار لفتيات كُن مغرمات بالفنان الراحل، حيث ذكرت وسائل إعلام مصرية مأساة فتاةٍ فقدت رشدها وهرعت نحو البناء الذي كان يقطن فيه عبد الحليم بمنطقة الزمالك ورمت نفسها من الطابق السابع لتلقى حتفها في الحال، تاركةًرسالة لأسرتها تعلن فيها أن "الحياة لا معنى لها ما دام أغلى إنسان فيها وهو عبد الحليم قد مات اليوم"!

 

ولا يزال صوت العندليب يصدح في أنحاء الوطن العربي قائلاً:

وسترجع يا ولدي مهزوماً مكسور الوجدان

وستعرف بعد رحيل العمر بأنك كنت تطارد خيط دخان