نوبـل للسـلام تُمنح للاتحـاد الأوروبي

في مفاجأة لافتة من نوعها، ذهبت جائزة نوبل للسلام الى الاتحاد الأوروبي  ، لدوره في «تعزيز السلام والمصالحة» على الرغم من أن الاتحاد»، المحتفى بسلميته، ينفق على ميزانتيه العسكرية نحو 200 مليار دولار، وتنخرط العديد من دوله في نزاعات عسكرية حول العالم. 
كما أن الجائزة تأتي في وقت حرج، لتعطي دفعة معنوية للاتحاد الذي يسعى جاهدا لحل أزمة الديون التي يمر بها. 
وقال رئيس لجنة الاختيار ثوربيورن ياغلاند خلال الإعلان عن الجائزة «قررت لجنة نوبل النروجية منح جائزة نوبل للسلام لعام 2012 للاتحاد الأوروبي، الذي أسهم منذ أكثر من ستة عقود في تعزيز السلام والمصالحة والديموقراطية وحقوق الإنسان في أوروبا». 
وقال ياغلاند «أظهرت المعاناة المروعة في الحرب العالمية الثانية الحاجة إلى أوروبا جديدة، وعلى مدار 70 عاما خاضت ألمانيا وفرنسا ثلاث حروب. واحتمال نشوب حرب اليوم بين ألمانيا وفرنسا أمر غير وارد. وهذا يبين كيف يمكن أن يصبح الأعداء التاريخيون من خلال الجهود المخلصة وبناء الثقة المتبادلة بين شركاء حميمين». 
يُذكر أن الميزانية العسكرية لدول الاتحاد الأوروبي تجاوزت الـ194.357 مليار يورو في العام 2010 وحده، بحسب الموقع الرسمي للاتحاد الأوروبي، ومرشحة للتصاعد بحكم توسّع الاتحاد في السنوات القليلة المقبلة. 
وستسلم الجائزة البالغة قيمتها 1.2 مليون دولار في اوسلو في 10 كانون الأول، وفاز الاتحاد الاوروبي من بين 231 مرشحا منهم منشقون روس وزعماء دينيون يعملون من اجل المصالحة بين المسلمين والمسيحيين. وشكّل فوز الاتحاد الأوروبي بالجائزة مفاجأة، نظرا للمشاكل الحالية التي تعاني منها عملة اليورو. 
كما يعارض الكثير من النروجيين بشدة الاتحاد الاوروبي، ويعتبرونه مصدر تهديد لسيادة الدول. وقال هيمينغ اولاوسن وهو زعيم المنظمة النروجية المناهضة لعضوية الاتحاد الأوروبي لهيئة الإذاعة النرويجية «أجد هذا غريبا». وصوتت النروج التي تمنح جائزة السلام مرتين «برفض» الانضمام للاتحاد عامي 1972 و1994. كما ازدهرت البلاد خارج إطار الاتحاد بفضل مواردها الهائلة من النفط والغاز. 
لكن الموقف النروجي لم ينسحب لا على الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ولا على قادة الاتحاد الاوروبي، وحتى أن الموقف الرسمي النروجي جاء ملطفاً. فقد هنّأ بان عبر المتحدث الرسمي باسمه مارتن نسيركي، الاتحاد الأوروبي على الجائزة، وقال «الاتحاد الأوروبي الشريك الذي لا غنى عنه لدى الأمم المتحدة اعترافا بجدارته في تحقيق الإنجازات في أوروبا وحول العالم». 
وذكر البيان أن الاتحاد الأوروبي أصبح محركا للتكامل والتواصل مع الأمم والثقافات اعتمادا على آليات مبتكرة للحوار وسيادة القانون، وهو نموذج يحتذى في جميع أنحاء العالم». وأكد البيان أن الاتحاد الأوروبي يلعب اليوم دورا محوريا في المساعدة على بناء السلام وإنقاذ الأرواح، وتعزيز حقوق الإنسان ودعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في جميع أنحاء العالم. 
بينما أعرب قادة الاتحاد الأوروبي عن «تأثرهم البالغ» بالجائزة، واعتبروا أنها «تشرّفهم»، قال رئيس المجلس الأوروبي هرمان فان رومبوي إن الأوروبيين تمكنوا من «تجاوز الحرب والانقسامات» ليشكلوا معا «قارة سلام وازدهار». 
من جهته، قال رئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل باروزو إن الجائزة «شرف كبير لمجمل الاتحاد الاوروبي ولمواطنيه الـ500 مليون». وقالت المفوضة الاوروبية سيسيليا مالمستروم المكلفة في الشؤون الداخلية والهجرة إن «هذه الجائزة كانت غير متوقعة، لكنها تذكر بأهمية التعاون الاوروبي». وكان رئيس البرلمان الاوروبي مارتن شولتز عبّر عن سروره بالجائزة. 
وفي برلين، أكدت المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل ان «هذه الخطوة تشكل تشجيعا» لمشروع ساهم في احلال السلام في اوروبا، فاليورو يجسد فكرة اوروبا كمجموعة سلام»، معتبرة ان منح الاتحاد جائزة نوبل هو أمر»رائع». 
من جهته اعتبر قصر الاليزيه ان جائزة نوبل «توكل لأوروبا مسؤولية أكبر، وهي الحفاظ على وحدتها وقدرتها على تشجيع النمو والتوظيف والتضامن حيال اعضائها». ورحبت الرئاسة الفرنسية في بيان لها بنيل الاتحاد الاوروبي الجائزة قائلة إن «منح جائزة نوبل للسلام للاتحاد الاوروبي شرف كبير». 
وكان لافتاً الموقف الرسمي النروجي عبر رئيس الوزراء ينس شتولتنبرغ، الذي يقود تحالفا يساريا منقسما حول المسألة الاوروبية، اذ اعتبر أن «يمكننا تهنئة الاتحاد على جائزة السلام هذه والاعتراف بدوره كصانع سلام، وتمييز ذلك عن مسألة علاقة النروج بالاتحاد الاوروبي». مؤكدا ان انضمام النروج الى الاتحاد «ليس مطروحا في الوقت الحالي».