نيويورك تايمز: ادارة اوباما مطالبة بإجراء خضة لعملية سلام الشرق الاوسط

كتب ثلاثة باحثين اكاديميين اميركيين مقالا في صجيفة نيويورك تايمز الامريكية بعنوان "خضة اميركية للشرق الاوسط". قالوا فيه ان "اميركا طالما اعلنت تأييدها لدولتين ولكن عليها الآن ان تقول المزيد عما يعنيه ذلك عملياً".
وقال الكتاب الثلاثة في المقال:
محادثات السلام المتعثرة في الشرق الأوسط تحتاج إلى هزة. وواشنطن لديها إمكانات قوية لإحداثها، باتخاذ موقف حازم بشأن كيفية إنهاء الصراع.
إعلان أميركي للمبادئ - التي تتم صياغتها بحذر وتسويقها بالطريقة الملائمة - يمكن أن يطلق النقاشات، وبالتالي يحدث تغييرا في الحسابات السياسية بالنسبة للقادة. وبصفتها وسيطا وقوة عالمية، فإن إحدى أقوى المميزات الاميركية هي القدرة على إضفاء الشرعية على الأفكار ثم جمع الأخرين لدعمها. الدور المركزي للولايات المتحدة في هذا الصراع يجب أن يكون وضع الحدود لمنطقة التفاوض.
هذا لا يعني فرض السلام. بل بيان للمبادئ الأساسية التي تؤمن الولايات المتحدة أنها يمكن أن توجه الأطراف نحو حل تفاوضي.
لطالما أعلنت أميركا دعمها "للدولتين" لكن عليها الآن أن توضح ما يعنيه ذلك بشكل عملي.
وحتى إذا استؤنفت المحادثات الحالية، فمن غير المرجح أن يتفق الطرفان على التبادلات الواسعة الضرورية للتوصل إلى اتفاق سلام. ولن يكون الاتفاق السريع حول "الحدود والامن" كما اقترح البعض، ممكنا دون أن تعالج واشنطن الأمر في مراحله النهائية. أما خلاف ذلك، فإن الطرفين سيكونان مكشوفين جدا في القضايا التي يجب مناقشتها في وقت لاحق، مثل القدس واللاجئين. وقد أظهرت استطلاعات الرأي باستمرار أن دعم السلام يكون أقوى حين تتم مناقشة كافة القضايا المحورية.
ومن شأن إعلان اميركي للمبادئ أن يحشد الدعم الإقليمي. ويمكنه أن يوفر، للمرة الأولى، إطار عمل معلن للرعاة المشاركين في مبادرة السلام العربية. كما من شأنه أن يقوي القدرة الأميركية على تأكيد أهمية هيكل الدعم الإقليمي للمفاوضات الثنائية، وبشكل خاص من خلال إحياء العلاقات متعددة الأطراف واللقاءات التي تشمل الإسرائيليين وجيرانهم في المنطقة. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن للارتباط الإقليمي بالعملية السلمية أن يجلب منافع جيدة للتحديات الإقليمية مثل البرنامج النووي الإيراني.
إعلان أميركي واضح هو الطريقة المثلى لحماية الآمال بتحقيق حل الدولتين من حرب متواصلة على الأرض. يمكن لمجموعة أميركية من الأفكار إرساء مطالب معاصرة حول قضايا مثل القدس، الأمن والمستوطنات في رؤية واضحة للمستقبل.
وبشكل أكثر إلحاحا، يمكن أن يوسع ذلك النقاشات من القيود الضيقة المتمثلة بمسألة المستوطنات.
بالحد الادنى، يجب أن يعتمد الإعلان الأميركي على حدود عام 1967، مع تبادلات للأراضي يتم الاتفاق عليها، ودعم حل وسط بشأن القدس يسمح بوجود عاصمتين لدولتين، ويتضمن احتياطات حول القيود والضمانات الأمنية، ويؤكد الدعم الأميركي لحل متفق عليه لمشكلة اللاجئين، ويعيد تأكيد التزامنا طويل الامد بدولة إسرائيل. لكن المبادئ الأميركية يجب أيضا أن تتضمن محاذير، بالنظر إلى أن هدفنا النهائي هو حل توافقي قابل للاستمرار- وليس في أية صيغة محددة.
ما الذي يتطلبه نجاح الأفكار الأميركية؟ على عكس بعض الجهود السابقة، يجب ألا تحاول واشنطن "الطهو المسبق" لهذا الإعلان مع واحد أو أكثر من الأطراف أو التخطيط لردات أفعالهم. في الواقع، لا بد أن يوصف إعلان المبادئ الأميركية على أنه ما تؤمن به دولتنا وما يمكنها دعمه، وضمنيا ما لا يمكنها دعمه.
بالتالي فإن البيان الأميركي يجب ألا يكون مصمما لتحقيق الموافقة الفورية أو تبنيه مباشرة من قبل الأطراف. فهدفه إيضاح الموقف الأميركي، وكيف نعرف مصالحنا الخاصة وما يمكننا أن نعمل من أجله. يمكن أن يهدف إلى التأثير في مناخ التفكير في المنطقة، وإيقاظ أولئك الذين يعيشون في الوهم وتشجيع أولئك الذين يحتاجون إلى دعمنا.
بالطبع فإن التوقيت والسياق اعتبارات رئيسية. وبافتراض أن الجمود الحالي في المفاوضات سيستمر، فيجب أن يمضي بعض الوقت حتى يتم هضم نتائج انتخاباتنا هنا وفي الخارج، وحتى قبل أن يعاد توجيه انتباه الجماهير نحو الجمود العربي- الإسرائيلي المتزايد والخطير.
سيكون الخطاب الرئاسي حينها أساسيا من أجل التأكيد على جدية هدفنا وإطلاق هذه المبادئ. ويجب أن يعقبه فورا جهد دبلوماسي عالي المستوى لإقناع القادة الرئيسيين في الشرق الأوسط وحلفائنا في اللجنة الرباعية والأمم المتحدة برغبتنا الصادقة في أقلمة جهود صنع السلام.
وللحصول على أكبر قدر من دعم أعضاء الكونغرس الرئيسيين، يجب أن يلقى الخطاب قبل عطلة الكونغرس. ولا يجب القيام بأية استشارات إضافية مع الأطراف أكثر من المعتاد قبل الخطاب، ولا بد من إبقاء التسريبات بشأن مضمونها في حدها الأدنى إذا كنا لا نريد تقويض أهدافنا.
يمكن للخطاب أيضا أن يكشف شيئا من النقاب عن الصمت الذي يحيط بالاختراقات في المفاوضات السابقة.
أما بالنسبة للمضمون، فهو دعم حل الدولتين والسلام العربي- الإسرائيلي الشامل، لقد أشارت إدارة أوباما إلى أن التسوية الفلسطينية يجب أن تترافق مع تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية، مما يضع إطارا أوسع حول ما كان متعارفا عليه بأنه صراع بين إسرائيل وجيرانها المباشرين.
التطبيع قطعة من أحجية يجب تفسيرها أكثر كجزء من استراتيجية جديدة تعتمد على تقديم الأفكار الأميركية إلى الأطراف. إنها طريقة لإقناع الإسرائيليين المتشككين، كما أنها تلبي حاجة ملحة لدى واشنطن بإشراك مبادرة السلام العربية.
إذا قدمت لولايات المتحدة مبادئها الخاصة للسلام، فيمكن أن تضمن القيادة الأميركية أن أية عملية دبلوماسية ستكون صورة أوضح لما يمكن أن تتوقع الأطراف الحصول عليه من خلال تسوية تفاوضية، وما لن يحصلوا عليه أبدا دون هذه العملية.
يقول المشككون إن تقديم الأفكار الأميركية إلى الأطراف مخاطرة كبيرة، لأنها ستسحب البساط من تحت أقدام القادة الحاليين، وتعرضهم للانتقاد المحلي الشديد. ويقول آخرون إن ذلك سيحشد المعارضين بدلا من أولئك الذين يدعمون الحلول الوسط، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى أزمة. لكن آخرين يقلقون ببساطة من تكلفة ذلك على الهيبة الأميركية إذا كانت ردة فعل أحد القادة سلبية.
لكن ثمة مبالغة في تقدير المخاطر، والانهيار الكامل للعملية يمكن أن يكون أكثر خطرا، خاصة إذا تغيرت البيئة الاستراتيجية لمصلحة القوى الإقليمية التي تسعى لتقويض السلام بدلا من الترويج له.
يمكن لأميركا، ويجب أن تفعل أكثر من تقييد نفسها بإدارة صراع كثيرا ما أثر على مصالحنا المشتركة المتمثلة في السلام والاستقرار".
* تشستر أ. كروكر - أستاذ الدراسات الاستراتيجية في جامعة جورج تاون
*سكوت لازنسكي - باحث رئيسي مشارك في معهد الولايات المتحدة للسلام.
*سامويل و. لويس - دبلوماسي متقاعد وسفير أميركي سابق إلى إسرائيل.
NEWYORK TIMES