هدنة قبيل زيارة نجاد إلى بيروت
بدأ عمليا سريان هدنة زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد التي ستبدأ في الثالث عشر من الشهر الجاري، في ظل استمرار التشويش السياسي عليها من بعض فريق الرابع عشر من آذار ومن إسرائيل وبعض السفراء الأجانب في بيروت ممن كانوا يسرحون ويمرحون وهم يحاولون الحصول على أجوبة حول جدول أعمال الزيارة ومحطاتها والكلمات التي سيلقيها الضيف الإيراني و«الحجارة التي من الممكن أن يرميها».. فيما تكتم الجانب الإيراني على تفاصيل الزيارة.. وسربت بعض الوكالات الأجنبية أن مهرجان ملعب الراية في الضاحية الجنوبية سيشهد أول مشاركة علنية للأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله منذ ظهوره الأخير المقتضب، في استقبال أسرى «عملية الرضوان» وبينهم الأسير المحرر سمير القنطار في منتصف تموز 2008.
واللافت للانتباه أن توقيت جلسة مجلس الوزراء المخصصة لمناقشة تقرير وزير العدل ابراهيم نجار حول شهود الزور، في الثاني عشر من الجاري، سيساهم أكثر في إطالة أمد «هدنة نجاد» اذا سارت الأمور في الاتجاه الذي توافق عليه الجميع في جلسة مجلس الوزراء، أمس الأول.
وتردد في هذا السياق، ان رئيس الجمهورية ميشال سليمان شكل ما يشبه خلية ازمة للبحث في المخارج القانونية والسياسية الممكنة للازمة الحالية، وأن هناك افكارا عدة يتم التداول فيها، فضلا عن استمرار التشاور شبه اليومي بينه وبين القيادة السورية، من دون استبعاد احتمال تطوير التشاور في اتجاه عقد قمة ثنائية في دمشق، اذا ارتأى الجانبان ذلك قبيل وصل نجاد الى بيروت.
ومع التراجع الجزئي في نبرة الخطاب السياسي والاعلامي، أعلن قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي أن الأمن سياسي بالدرجة الأولى، وأن مسؤولية القادة السياسيين تاريخية في هذه اللحظة من أجل تجنيب البلد أية خضات أمنية وأن تكون مصلحة بلدهم وشعبهم فوق كل اعتبار، مؤكدا لـ«السفير» أنه لن تكون هناك فتنة وأن لا خوف على الاستقرار والأمن وأن الجيش اللبناني سيعمل كل ما بوسعه من أجل منع الفتنة وسيتصدى بقوة وحزم لكل من يحاول اثارة الفتنة أو التعرض للأمن الوطني، وطمأن اللبنانيين أن الأمن ممسوك وأن كل ما يشاع عن التسليح لا أساس له من الصحة.
وكشف قهوجي أن الجيش اللبناني باشر مؤخرا تنفيذ خطة عسكرية ـ أمنية تشمل العاصمة وبعض النقاط الحساسة في الشمال والبقاع وصيدا والخط الساحلي بين بيروت وصيدا، وأنه تم في موازاتها، التمني على بعض المرجعيات الدينية، أن تبادر الى تعميم مناخات تدعو الى اعتماد الخطاب المعتدل، مشيرا الى أن اللبنانيين لا يريدون العودة ببلدهم الى الوراء وهم يتمسكون بالدولة وبالجيش، ولكن المشكلة هي في بعض الخطاب الذي يكون أحيانا سببا للتوتير، داعيا الى تحصين الساحة اللبنانية بكل ما أوتينا من قوة حتى نكون أقل عرضة لتأثيرات الخارج.
وحذر قهوجي من أي محاولة للتعرض للمؤسسة العسكرية، وقال ان محاولة تحقيق مكاسب ومآرب سياسية وإعلامية على حساب الجيش «خط أحمر ولن نقف مكتوفي الأيدي».
وطمأن قهوجي الى أن الوضع في الجنوب هادئ وأن لا مخاوف من عدوان اسرائيلي وأن الجيش مستمر في تحمل مسؤولياته الوطنية وفي الأولوية منها الدفاع عن الوطن في مواجهة أي تهديد أو عدوان إسرائيلي.
في هذه الأثناء، كشفت مصادر متطابقة أن رئيس الحكومة سعد الحريري يدرس فكرة اجراء مقابلة صحافية جديدة، يعلن خلالها موقفه من سسلسة التطورات الأخيرة، فيما ينتظر أن يكون خطاب السيد حسن نصر الله، يوم غد، بعيدا عن عناوين الاشتباك السياسي، حيث سيركز على قضايا عامة بالاضافة الى الترحيب بزيارة الرئيس الايراني للبنان.
في هذه الأثناء، نقل زوار الحريري عنه تعويله على ايجابيات قد تظهر في الايام القليلة المقبلة، وأنه لا يريد ضربة كف واحدة، معيدا تكرار ما قاله في مجلس الوزراء أنه لن تكون هناك فتنة ما دام هو والرئيس نبيه بري
والسيد نصر الله موجودين.
وأكد أن مجلس الوزراء مستعد لاتخاذ كل القرارات التي من شأنها أن تعطي دفعا لعمل المؤسسات العسكرية والأمنية للحفاظ على الاستقرار العام.
في موازاة ذلك، واصل السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري، جولته على القيادات السياسية بحثا عن مخارج للأزمة الراهنة، فزار رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية في بنشعي امس.
وقال عسيري ان لبنان بحاجة الى إيمان أبنائه به لأنه لا يحمي لبنان سوى أبنائه عبر تحقيقهم مصالحة وطنية أخوية شاملة وصادقة تمكنهم من معالجة كافة الملفات وتحقيق العدالة وتثبيت الاستقرار وطي صفحة الماضي وخلق أمل جديد للأجيال الصاعدة، وهذا ما تتمناه المملكة».
وعلمت «السفير» أن الســـفير السعودي طرح اسئلة حول الوضع اللبناني وخاصة موضوع المحـــكمة والقرار الاتهامي مؤكدا حرص المملكة على استقرار لبنان وعدم الانزلاق الى اية فتنة لا يربح منها احد.
تقرير نجار.. في علم الغيب
الى ذلك، وعلى الرغم من تبلغ الوزراء في جلسة الحكومة امس الاول الاربعاء، بأن الأمانة العامة لمجلس الوزراء ستبدأ بتوزيعه عليهم اعتبارا من يوم امس، الا انّ التقرير، لم يسلم للوزراء، وقال وزير العدل لـ«اخبار المستقبل» امس: ان التقرير الذي كان جاهزا منذ بعض الوقت (صباح أمس)، يحتاج الى تأهيل بعض المعطيات والمعلومات لأنه حصلت مستجدات لدى المحكمة الخاصة بلبنان وفي الأمم المتحدة (طلب الدائرة القانونية من رئيس المحكمة عدم تسليم أية وثائق للواء جميل السيد) منذ شهر حتى الآن، ولذلك طلب مني الرئيس سعد الحريري ان اقوم بإدخال هذه المعطيات في التقرير، وتمنى ان يكون الثلاثاء في يد كل الوزراء.
ورفض نجار، ردا على سؤال لـ«السفير» تحديد موعد لتوزيع تقريره عن ملف شهود الزور على الوزراء، واكتفى بالقول: «سيكون التقرير جاهزا في الوقت المناسب، وسنعمل حسب الاصول ونقطة على السطر، وتوزيع التقرير على الوزراء عائد لدولة رئيس الحكومة، ونحن نعمل الآن على معالجة الامور بهدوء، فدعونا نعمل»!
ورسمت اوساط سياسية معارضة علامة استفهام حول ما اوجب التجديد المفاجئ للتقرير وماهية المستجدات التي طرأت على خط المحكمة الدولية والأمم المتحدة، ولوحظ ان «تلفزيون المستقبل» تناول في نشرته المسائية تلك المستجدات وأدرج في سياقها المذكرات السورية بحق ثلاثة وثلاثين شخصية من المقربين من رئيس الحكومة سعد الحريري، متجنبا ربطها حصرا بالمحكمة الدولية.
وقال مصدر وثيق الصلة برئيس الحكومة «ان لدينا ملفا شاملا بشهود الزور الحقيقيين، ومنهم من حاول إقناع الناس بأن أحمد أبو عدس هو القاتل، ومن حاول ان يلقي جريمة اغتيال الرئيس الحريري على ما يسمى بمجموعة الـ13، ويجب الا ننسى دور من حاول اختراع اسلاميي أستراليا، وصولا الى الذين حاولوا العبث بمسرح الجريمة وإخفاء معالمها».
وأبدت اوساط معارضة خشيتها من تضمين تقرير نجار صياغة جديدة تلاقي دخول الأمم المتحدة على خط شهود الزور، سواء عبر الموقف الأخير للامين العام للأمم المتحدة بان كي مون او مطالعة مساعدته القانونية باتريشيا اوبريان.
ونقل مراسل «السفير» في نيويورك، أمس، عن مصادر دبلوماسية غربية عدة في الأمم المتحدة ترحيبها بتصريحات بان كي مون بشأن المحكمة والتمويل وموقفه القاطع بشأن ضرورة استمرارها في عملها.
وكان من المثير للاهتمام أن دبلوماسيين من بعثات غربية في مجلس الأمن تولوا الاتصال بممثلي وسائل الإعلام للفت انتباهم إلى تصريحات بان كي مون بشأن المحكمة، وتحديدا استعداد مجلس الأمن للتدخل لتوفير التمويل اللازم لعمل المحكمة، أو مواجهة أي محاولات لتعطيلها.
وكان بان كي مون قد كرر في تصريحاته أول من أمس التذكير بأن المحكمة الخاصة نشأت بقرار من مجلس الأمن وبتفويض واضح منه وفقا للفصل السابع، وأن الأمم المتحدة ستعوض أي نقص في التمويل.
على صعيد آخر، وفيما اشار وزير العدل الى ان لبنان «لم يتبلّغ بعد أيا من مذكرات التوقيف الصادرة عن القضاء السوري»، ذكرت «اخبار المستقبل» نقلاً عن مصدر قضائي «إن القضاء اللبناني كان ردّ خطيا في 1-03-2010، على مراسلات القضاء السوري بشأن دعوى اللواء جميل السيد، واستند الى الاتفاقية القضائية الموقّعة بين لبنان وسوريا والدستور اللبناني والقانون الجزائي السوري». وخلُص إلى أن هذه الدعوى خارج حدود اختصاص القضاء السوري لأنها لم تقع على الأراضي السورية بل على الأراضي اللبنانية».
السيد: الامم المتحدة قتلت المحكمة
الى ذلك، رأى اللواء جميل السيد ان الأمم المتحدة أطلقت رصاصة الرحمة على المحكمة الدوليّة وأسقطتها سياسيّاً في فخّ شهود الزور.
وقال السيد لبرنامج «كلام الناس» ليل أمس، إننا آخر المصابين بشهود الزور، لكن المصاب الاول هو الرئيس الشهـــيد رفيق الحــــريري، معتبراً ان حل قضيّة شهود الزور يضمن الاستقرار في لبنان، فوجود شاهد زور هو صـــدفة لكن وجود عدة شهــــود زور هو مؤامرة وبالتالي يجب معرفة من يقف وراءها.
وأكد السيد أن «الحل يكون بثلاثة اجزاء بالنظر لما قاله الرئيس الحريري لـ«الشرق الاوسط»، وأولها أن يكون الملف من صلاحية المجلس العدلي، تنحية مدعي عام التمييز القاضي سعيد ميرزا مع قاضيين آخرين، تنحية مدير عام قوى الامن العام اللواء اشرف ريفي والعقيد وسام الحسن ووضعهم بتصرف التحقيق.
شام نيوم- السفير