هرطقات سياسية

ساهرة صالح.شام نيوز
لم يفاجئنا مجلس الأمن الدولي بكمّ الوضاعة السياسية التي يتحلّى بها، عندما استفاض مصاصو الدماء فيه بشرح أسباب تعلّقهم الشديد بحقّ الشعوب في تقرير مصيرها والعيش بكرامة ....
هذا في الوقت الذي تناسوا فيه أن يفسروا لنا حروبهم المستمرّة والمستعرة التي شنّوها ومازالوا على نفس الشعوب، أو حتّى أن يعطونا ولو بعض التبريرات عن أعداد الشهداء المدنيين الذين خلفتهم ورائها آلة القتل الأممية في كلّ مكان زارته جحافلها، بل على العكس اكتفت أميرة مجلس الأمن هيلاري كلينتون بخطاب لم يدم أكثر من عشر دقائق أعربت فيه عن رغبة النظام الأمريكي بتغير النظام في سورية، و بدون أن تدخل بأيّ تفصيل ألقت على مسامعنا بعض الكلمات التي استخدمت من خلالها طريقة الابتزاز العاطفي البعيد عن أي موضوعية كان من الأجدر بمنبر مثل مجلس الأمن أن يوصف بها، وهذا في سياق استهزاء أمريكي فاضح ومتعمد بعقول الحاضرين والمتابعين لجلسة 31 \ 1 \ 2012 الخاصة بالأزمة السورية، ودون أن تنسى طبعا الثناء على رئيس وزراء قطر ووزير خارجيتها حمد بن جاسم الذي حضر الجلسة بدون مبرر لوجوده مع أمين عام الجامعة العربية نبيل العربي، في حين غُيّب عنها رئيس بعثة المراقبين العرب الدابي، المعني الأول بطرح مشاهداته و تقريره على مسامع الحضور.......
هؤلاء الحضور ومنهم آلان جوبيه وزير خارجية فرنسا، ووليم هيغ وزير خارجية بريطانيا اللذان لم يبذلا جهدا يذكر بدورهما في خطابهما لإضفاء صبغة المتحدث العارف لما يقول، إذ اكتفيا بالتأكيد على دعمهما الشديد للمبادرة المغربية مع تزيين الخطاب ببعض الكلمات الإنسانية التي لا تمت لأنظمتهم بصلة، ولم ينسيا أيضا الثناء على حمد بن جاسم و نبيل العربي .....
هذا الأخير الذي بدا مضطرا للحضور إلى هذه الجلسة، وكأنّه مرافق لحمد وليس العكس، حتى أنه نطق ببعض الجمل الحيادية ليبرّئ ساحته على ما يبدو أمام العرب من هرطقات حمد، كأن قال: "على العنف أن يتوقف من جميع الأطراف".
و لكن السيد العربي نسي أن من يدخل في لعبة الوضاعة السياسية لابد من أن يوصم بها ....
طاولة مستديرة تباعدت أطرافها بمن فيها، وطغت على كلمات روّادها الدبلوماسية المتطرفة لمصلحة كل دولة على حدة في الكعكة السورية، التي ظن البعض منهم واهما أنّ باستطاعته الاستئثار بها لنفسه أو على الأقل اجتزاء قطعة منها، غير مدرك بأن الأرض السورية طيبة خيّرة لأهلها، سامّة قاتلة لمن يعتدي عليها أو يغدر بها ....
كحال الشيخ حمد الذي لم يطق صبرا على كلام السيد الجعفري، المندوب السوري الدائم لدى هيئة الأمم، وطلب الإذن بالكلام و يا ليته لم يفعل، فقد زاد قوله طينة أفعاله بلّة إذ قال :
" نحن ليس لدينا جبهة مع إسرائيل حتى يكون لدينا موقف واضح منها".
فإن كان يعي المذكور ما يقول فتلك مصيبة وإن كان لا يعي فالمصيبة أعظم، ليزيدنا بعدها مباشرة من شعره بيتا ويقول : " أما بالنسبة إلى ليبيا فلو بقي القذافي لقتل أكثر من الآلاف التي قتلها الناتو".
كلام من المؤكد أنه أخجل حتى أسياده وأصدقاءه، باستثناء السيد بسام جعارة، الناطق الرسمي باسم الهيئة العامة للثورة السورية من الخارج كما عرف به المذيع في ال بي بي سي عندما قال، والكلام هنا لجعارة : " أنا أثني على عروبة الشيخ حمد ودوره في دعم حقوق الشعب السوري".
ليعود إلى ذاكرتنا بعد انتهاء الجلسة، والتحليلات السياسية التي تبعتها، المثل العربي: "إن لم تستحِ... فقل وافعل ما شئت".