هرطقـــــات سياسية(2)

 

ساهرة صالح. شام نيوز

 

كثرت التصريحات والتحليلات ليلة انتهاء مجلس الأمن من معركته التاريخية في4\ 2\2012, وتقاطعت معظمها تقريبا لتشكل رأياً واحداً وهو أنّ العالم منذ هذا التاريخ قد تغيّر وبدأ يتجه نحو تعدد الأقطاب بدل القطب الواحد,وهو كلام سمعناه كثيرا منذ بدايات الأزمة  في سوريا ولكننا رأيناه بالعين المجردة وهو يتبلور في جلسةٍ بدا على جميع الحضور فيها علامات التوتر باستثناء مندوبي روسيا والصين وسوريا....

فوحدهم على ما يبدو كانوا يحملون في جعبتهم خطاباً واحداً ناتجاً عن معرفة مسبقة بما سيؤول إليه الإجتماع, بينما عكف باقي المندوبين على كتابة خطابين, واحد في حال لم تستخدم روسيا والصين حق النقض الفيتو وتمّ التصويت بالإجماع, وآخر في حال العكس، مما يدل على تخبّط واضحٍ لعدم قدرة النظام الأمريكي فرض الهيمنة المعتادة على هذا المجلس..

 

 لهذا على ما يبدو كان الغضب واضحا على ملامح السيدة سوزان رايس وعلى طبيعة خطابها السلطوي الذي خلا من أيّ دبلوماسية وهدوء في التعامل مع دولتين كروسيا والصين حين قالت:((إن الولايات المتحدة تشعر بالاشمئزاز من تعامل بعض الأعضاء في مجلس الأمن مع أزمة تهدّد الأمن العالمي ))وأضافت : ((على روسيا والصين أن يشعرا بالخزي والعار)) ....

 

كلماتٌ مدويةٌ وعدائيةٌ قوبلت ببرود تام من قبل المندوبين الروسي والصيني رغم أنّها تعبّرعن حقبةٍ جديدةٍ من الحرب الساخنة ربما وليس الباردة، خصوصا وأنّ السيدة هيلاري كلينتون
قد سبقت رايس بالقول :(( بين روسيا وأمريكا هوّة لا يمكن ردمها))

 

و هنا نتساءل...
-  هل تريد أمريكا أن تقنعنا بأنّها على استعداد أن تخسر ما بنته من علاقات مع روسيا والصين حتّى الآن ، فقط كرامة للشعب السوري؟
- أم هو صراع على العرش الأممي بدأت تظهر ملامحه الآن بعد أن استيقظ ماردان قد طال سباتهما ؟
- وهل روسيا والصين مصممتان فعلا حتى النهاية على دحر الولايات المتحدة التي طالما قيل لنا أنها تمتلك أكبر ترسانة عسكرية في العالم ؟

في حين أسقطت سهوا معلومة صغيرة تفيد بأنّ ترسانة هاتين الدولتين اللتين تقفان في وجه العالم وحرية الشعوب "كما وصفتهما رايس" إذا اجتمعتا،هي أكبر من أكبر ترسانة عسكرية على وجه الأرض ....

 

من الواضح حتى الآن أن المعسكر الغربي قد خسر معركةً ولكنّه لم يخسرالحرب ,وهو جاهز لجولات قادمة من النزال في مجلس الأمن وخارجه كما وعد مندوب فرنسا عندما قال :
((مازال في جعبتنا المزيد من الخطط وسندعم الشعب السوري والمجلس الوطني وسنفرض المزيد من العقوبات على النظام)) .

 

فهل هي هرطقات سياسية قد تقود العالم بأسره إلى هاويةٍ لا قرار لها, أمّ أنّها مجّرد عضِّ على الأصابع لتحديد مراكز القوى من جديد, بغضّ النظرعن الشعب السوري وما يحيق به من مخاطر ...؟