هل سيلقى اوباما مصير كينيدي؟

هناك تشابه كبير في الحالتين، اي بين الرئيس الحالي باراك اوباما والرئيس السابق لأمريكا جون كينيدي، فكلاهما لم يأت من لب وجوهر الثقافة الامريكيين التي مازالت تعتبر أن اي رئيس لامريكا يجب ان يكون من الـ w.A.S.P اي بروتستانتي انغلوساكسوني وأبيض... فكينيدي خرج عن المألوف كونه من اتباع الكنيسة الكاثوليكية، واوباما كذلك كونه ينتمي الى العرق الأسود.
الرجلان يمثلان حالة شاذة واستثــــنائية في التاريخ السياسي الامريكي، لكن النقطة الثانــــية التي تجمع الشخصين هي كونهما لم يأتيا من مؤسسات وهيئات النفـــوذ الامريكي، وكلنا نعرف ما لهذه المؤسسات من قوة ونفوذ في امريكا، فبوش الأب اتى من صلب مؤسسة المخابرات الامريكية، وبوش الابن اتى من صلب كنيسة المـــحافظين الـــجدد، ومن لـــوبي تكساس النفطي الضخم، وريغان اتى بدعم من فعاليات كاليفورنيا الاقتصادية وهوليوود السينمائية، وكارتر اتى بدعم من كنائس جورجيا وكنائــس اقاليم الجنوب الامريكي. وايزنهاور قبله من صلب مؤسسة البنتاغون، اي وزارة الدفاع الامريكية.
ففي حالة اوباما كما في حالة كينيدي، هما شخصيتان مستقلتان اتتا بدعم شعبي ضد مؤسسات النفوذ والحكم في امريكا. لكن النقطة الثالثة والأهم التي تجمع الشخصيتين، هي ارادة التحدي والسير بسياسة فيها نوع من التحدي والاستقلالية.
اوباما عندما نجح في فرض قانون الرعاية الصحية، وهي قضية فشل فيها الكثير من رؤساء امريكا السابقين، وكينيدي عندما أعلن انا مواطن من برلين، واعلن عن انحيازه الكامل لمعسكر الديمقراطية وحقوق الانسان والأقليات حتى في داخل امريكا. كينيدي أيضاً كما هو الحال مع اوباما اصطدم مع مؤسسة نافذة وقوية في امريكا الا وهي المخابرات الامريكية، او وكالة الاستخبارات الامريكية، واوباما بدوره يمر بعلاقة متشنجة مع وزارة الدفاع الامريكية بسبب سياسيته العسكرية الجديدة في هذا المجال.
لكن الأهم من كل هذا وذاك، ان الرجلين اصطدما بمؤسسة النفوذ الأقوى في امريكا، الا وهي الايباك او اللوبي المؤيد لاسرائيل في امريكا.
اوباما كما هي الحال مع كينيدي غير راض تماماً عن السياسة الاسرائيلية التي اصبحت في نظر اوباما تمثل خطراً على المصالح الامريكية.
نعم الرجلان يهمهما في الدرجة الاولى المصلحة الامريكية، فلا اوباما ولا كينيدي انحازا للمصالح او للحقوق العربية. واليوم سيظهر من سيستطيع ان يكسب النفوذ والقوة في امريكا لوبي اسرائيل، ام لوبي امريكا؟
لقد اصبح هناك خطر حقيقي على حياة اوباما، لأن هناك اطرافاً كثيرة اصبحت تريد اسقاطه، او انهاء مستــقبله السياسي، وربما بعض هذه الاطراف قد تستخدم العنف وتلجأ الى استخدام مثل هذا الأمر، وهذا غير مستبعد لان في امريكا جمعيات وهيئات داخل المجتمع المدني تعتقد بأن اوباما الرجل الأسود الذي لا يجب ان يكون رئيساً لامريكا، والبعض الآخر يرى في اوباما رجلاً مسلماً، وانه يمارس شعائر الدين الاسلامي سراً.
هناك حملة شديدة من طرف هيئات وجمعيات عنصرية وشوفينية على الرئيس اوباما، الذي اصبح فعلاً بحاجة الى حماية حقيقية، لان السلاح في امريكا مرخص ويستطيع اي مواطن اقتناءه بسهولة بالغة. اذا تم الاعتداء على حياة اوباما، فسيكون ذلك بمثابة ظاهرة خطيرة ستترك بصماتها السوداء على تاريخ امريكا الذي لم يكن دائماً مسالماً، لان امريكا ولدت من حروب دموية بين مقاطعات الشمال والجنوب، وذلك ان حدث سينعكس سلباً على اوضاع العالم وبشكل خاص على منطقة الشرق الاوسط.
القدس العربي - د. محمد عجلاني