هل فعلاً ثمة أزمة للمثقف السوري في هذه الأزمة؟!

عبد الفتاح عوض - الوطن
مشروعية السؤال تأتي من أن للمثقف دوراً أو أدواراً ما في كل الظروف لكن الأزمات تقدم دوراً آخر للمثقف كواحد من المشاركين في صناعة الحل.. وليس من المشاركين أو طرفاً في الأزمة ذاتها.
وقبل الخوض قدماً في موضوع إشكالي وقابل للخلاف يمكن الاتفاق أولاً على تعريف «المثقف» المعني بمثل هذا الدور وهو ما سماه إدوار سعيد «الاحترافية» الإبداعية.. أن يفكر في عمله «مثقفاً» كشيء يقوم به لكسب رزقه وأن يجعل نفسه قابلاً للتسويق، ثم ألا يكون سياسياً وأن يكون حريصاً على أن يكون موضوعياً».
ضمن هذه الخانة يمكن الاعتماد على المثقف للقيام بهذا الدور المتميز بأن يكون جزءاً من الحل وليس طرفاً في الأزمة.. ورغم أن مروحة الثقافة اتسعت على الدوام إلى أنواع مختلفة من المثقفين منهم المثقف المتحزب، والمحايد، ومثقف النصائح العامة والآخر المهووس بالشهرة إلا أن التعويل الأساسي كان على المثقف المستقل الذي حسب تعريف إدوار سعيد «الحريص على أن يكون موضوعياً».
هذا النوع من المثقفين تعرض لانتقادات كثيرة وهي قديمة إلى حد كبير.. ولعل دانتي أليجيري لخص الموقف من هذا النوع من المثقفين بقول معبر: «أشد الأماكن حراً في الجحيم محجوزة لأولئك الذين ظلوا على الحياد في الأزمات الكبيرة».
وظني هنا.. أن الفارق الرئيس بين السياسي والمثقف أن السياسي يلعب في حقل فن الممكن وحتى غير الممكن!! بينما المثقف محكوم على الأقل بالمبادئ العامة التي اختارها لنفسه ودوماً المبادئ العامة ليست قابلة للبيع دوماً في منابر السياسة.
ثم إن التزام المثقف بموقف في الأزمات الداخلية يفقده الدور الذي ينبغي أن نركز عليه كثيراً ونصر عليه كواحد من مخارج الأزمة وهي أن يكون ثمة من يستطيع أن يكون صانعاً ووسيطاً لإيجاد الحلول.
إنه في اللحظة الصعبة «حكيم الأمة وضمير الناس».
والنقطة الأخرى أن السياسي يستطيع أن يبرر محاولة استرضاء الشارع ومحاولة الاقتراب أكثر من انفعالاته وغضبه لاعتبارات شعبية لكن المثقف ليس كذلك أو ينبغي ألا يكون إلا منحازاً للناس كل الناس.
من هنا نستطيع أن نقول نعم ثمة ما يقلق في دور المثقف السوري أثناء الأزمات وفي هذه الأزمة تحديداً فإن موقف المثقف السوري يثير الدهشة.
في أدوار المثقف دوماً ثمة حديث عن دور «تنويري».. وخلال السنوات السابقة ولأسباب كثيرة بهذا «التنوير» في دور المثقف وقد انطفأ فلم يعد بالأساس للحضور الثقافي حصة في أولويات الناس لاعتبارات كثيرة.. ولم ينتج حقل الثقافة نجوماً في الشارع السوري إلا نجوم أو نجمات الدراما وفي بعضهم أو «بعضهن» قليل من الثقافة وكثير من النجومية..
الذي حدث أن المثقف السوري اختار «الاصطفاف».. هنا أو هنا.. معارضة أو تأييداً دون أن يعي أن دوره أكبر من أن يحدده الانتماء السياسي أو غيره.. وأن الانتماء الوحيد المقبول والمطلوب هو الانتماء للوطن.
أقوال عظماء:
احترس من الذي يقول لك نعم دائماً.
أنا لم أفشل .. فقط جربت ألف طريقة غير ناجحة.
لا تخبر الناس عن مشاكلك، فالجزء الأعظم لن يهتم والجزء الباقي سيكون سعيداً بأن يكون لديك المزيد من المشاكل.