هل نحن إعلا ميون أم إعلا نيون

( الجمهورعايز كده).. 

 

 ساهرة صالح. شام نيوز

 

 لكلٍّ منّا برنامجه الإعلاميّ الخاص , فقد تعوّد البعض على بدء نهارهم بسماع الراديو, والبعض الأخر بقراءة الصحف , ومنّا أيضا من يدير التلفاز منذ ساعات الصباح الأولى على إحدى القنوات الإخبارية المميزة .
وكأنّنا جميعاً ننتظر خبراً ما , لم يُعلن عنه بعد , ونتسلى في هذا الوقت بسماع باقة من الأخبار العادية و المتشابهة في معظمها مع بعضها, و مع ما سبقها من أخبار أيضاً...

صرح فلان بمايلي ,والتقى فلان ما بفلان أخر,وأصدرت الجهة الفلانية قرار جديد يقضي بكذا وكذا , ليقضي عدأ اخر حدفهم بإنفجارعبوة ناسفة في ذات المكان الفلاني ... وهكذا دواليك ...
وكأنّ كلمة (فلان) تستطيع أن توجز كلّ الإعلام
لتأتينا في فترات النهار المختلفة تلك البرامج المنوعة المختلفة , ليس عن بعضها , بقدر اختلافها عن همّ المواطن العربي و حياته ..
فإذا انتفخت مرارتك صديقي المواطن من نشرات الأخبار الفلانية , ما عليك إلاّ بالنظر إلى           ( الريموت كونترول ) كخطوة مبدئية ,والانتقال بعدها إلى مرحلة التنقل كالنحلة بين البرامج الصباحيّة المحليّة و العربية , لتصاب عندها بنفخة في القلب ربما أو في الكبد , ليس فقط من جمال المقدمين أو لطافتهم المفرطة و إنما أيضاً من التهكم ( غير المقصود طبعا )على طبيعة حياتك و مأكلك و مشربك , وكمِّ النصائح الصحية القادرة ( في حال كنت قادر عليها ) على جعلك تعيش حياة خالية من الأمراض الجسدية و النفسية عزيزي المشاهد ..

فتقررعندها بتثاقل إطفاء التلفاز و الإستماع إلى الراديو ويالحسن حظك إذ أنك إستطعت أن تعرف قبل أن تخرج إلى العمل بأنّ كوكب أورانوس قد غادر برجك إلى غير رجعة و أنّه بالمقابل البرج الذي كان من نصيب مديرك  في العمل , يمرّ بأسوء حالته اليوم ..

 

                                         

 
أمّا فيما يخصّ عاشقة الحب فهي تهدي حبيبها أغنية ( خليني شوفك بالليل ) لشمس الأغنية اللبنانية نجوى كرم ,في نفس الوقت الذي تهدي فيه المذيع المتواضع ورودها و أشواقها ..
و عملاً بمبدأ ( مو كلّ أصابعك متل بعضا ) تُغير الموجة بدون تردد , ليتناها إلى مسامعك أصوات ضحكات أنثوية ممزوجة بموسيقا وكلمات أغنية إيطالية ,وفجأة تخبو تلك الأغنية لتعلو تلك الضحكات وتستدرك المذيعة أنها على الهواء و تتابع قراءة برجك باللّكنة الأمريكية الخالصة من كلّ حرف يمكنك فهمه .


وبما أنك عجول وسريع النطق بالحكم , تهرول خارجاً من البيت إلى العمل, ولكن "حصل خيرعزيزي المستمع " فهناك في السرفيس إذاعات مخصصة له و ستسمع منها ما يرضيك و يسرّ خاطرك نظراً لتخاطف مذيعيها المايكرفون لإظهار ظرافتهم وسرعة بديهتهم في إلقاء النكات الصباحية  بسبب و بدون سبب , ليكون الضحك المتواصل على الهواء مباشرةً أصدق أنباء من الكلمات ...
 
وإياك عزيزي مستمعاً كنت أم مشاهداً أن تعتقد أنها مؤامرة حيكت ضدك شخصياً, فعلى الأرجح , هم لا يعرفون أصلا بوجودك . تنفس الصعداء و تابع نهارك بنشاط وحيوية ,و تذكر أّنه في المساء هناك باقة أخرى من البرامج المميزة القادرة على تسليتك وقتل الملل الظاهر جلياً عليك بحركة من فمك و أنفك ..

 


و أبشر فهناك المتألق دوما السيد نيشان( المايسترو) في كل العلوم ( بمعنى الأخبار باللهجة البدوية ) فكما يقول أهلنا البدو " شنو العلوم " نقول " ببرنامج أبشر يا خوي مع نيشان "
أي أنه ولشدت "علومه" لن يسمح لأي ضيف من ضيوفه بأن يتكلم , و سيقاطعه في كلّ مرة ليثبت لنا بأنه هو المايسترو وبأن ضيفه مجرد أداة ترفيهية ضمن برنامج يعتمد بشكل كليّ على الإبهارالبصري ليس إلاّ , فهو يستطيع أن يطلب من ضيفه أن يقول ما يضحك الجمهور, كما يستطيع أن يطلب منه الغناء حتى ولو لم يكن يجيده , وكل هذا ضمن مجموعة من الأسئلة البالية التي سمعنا إجابتها مئات المرات ومن نفس الضيف أو الضيفة....
فما خطب السيد الإعلامي نيشان الذي حمسنا قبل بدأ عرض برنامجه ( أبشر ) عندما ظهر في إعلاناته و هو ينظر إلينا كما لم تفعل هيفاء وهبة ..

 

                           

 




و في نهاية المطاف,إذا أردت الخروج من هذه الدائرة المُحكمة والنهلِ من ثقافات الدول الكبرى فليس لك خيراً من برنامج ( moment of truth ) والذي وعدتنا قناة ال mbc بتعريبه و تقديمه لنا وجبة عربية دسمة , كأن تتحول الأسئلة مثلا من :
-هل أنت على علاقة جسدية مع إمرأة غير زوجتك ؟
ليصبح السؤال في النسخة العربية :
-هل تحب طبخ والدتك أكثرأم طبخ زوجتك ؟

  




وهذا تحديدا ما يسمى "إختلاف الثقافات" , فنحن لا عاداتنا ولا تقاليدنا تسمح بطرح هكذا أسئلة ولكنها في نفس الوقت تسمح بوجود (إعلاميات) كالسيدة حليمة بولند التي اعتذرت مؤخرا بكلّ أدب عبر الوسائل الإعلامية للشاب الذي قطع أصابعه و هو ينظر إليها على شاشة التلفاز بدل أن يقطع البرتقالة , مما يذكرنا بأغنية ( يالبرتقالة ) ...

 


يالبرتقاله عذبتي حاله
يالبرتقاله يالبرتقاله
معلقه وتزهين ,معلقه وتزهين

عذبتي حاله عذبتي حاله
شلك على ابن الناس شلك على ابن الناس
عذبتي حاله

 

 

 

 

 

 

 

 

 طال الحديث أم قصر , يبقى واقعنا الإعلامي أقرب إلى الإعلان منه إلى الإعلام ، هذا الأخير الذي لقب بالسلطة الرابعة , لقدرته على التغير و السير في المقدمة حاملاً راية الإنسان و مسلّط الضوء على همومه و قضاياه ,لا أن يسير في الخلف مثقلاً بأمواله حاملاً راية (الجمهورعايز كده)..
فإلى لقاء قريب في المقال القادم من ( إعلاميون أم إعلانيون )