هل ولى زمن الكتاب المطبوع؟؟!!

تيسير أحمد- شام نيوز

 

تعيش صناعة الكتاب في سورية واحدة من أحلك فتراتها، فهناك دور نشر توقف عن العمل نهائياً، وثمة مكتبات عريقة أغلقت أبوابها لتستغل امكنتها الاستراتيجية في وسط المدينة في أعمال تدر على أصحابها الأموال، في حين تراجعت أعداد القراء إلى نسب متدنية وفق خبراء عالم الكتب، الذين قدورا أن هذا التراجع يعود لجملة من الأسباب الموضوعية التي تشمل العالم العربي وليس سورية وحدها.

قبل أشهر أغلقت مكتبة ميسلون التي كانت واحدة من أشهر مكتبات دمشق على الاطلاق، والتي يعدها الكثيريون واحة من واحات الثقافة التنويرية نظراً لطبيعة العناوين التي كانت تبيعها، وقد تركت إجارة المكتبة إعلاناً صغيراً يشير إلى انتقالها إلى إحدى قرى ريف دمشق؟! وهو خيار يبدو غير مفهوم في ظل تراجع حركة بيع المتاب في وسط العاصمة، غير أحد المتابعين أخبرنا أن إيجار المكتبة الآن يتجاوز الخمسين مليون ليرة سورية في السنة وهو مبلغ يزيد بخمسين ضعف على الأقل عن عائدات بيع الكتب.

 

مكتبة الزهراء تحولت إلى مكتب تجاري

 

أما مكتبة الزهراء التي كانت ايضاً من علامات دمشق الثقافية فقد تحولت إلى مكتب تجاري واختفت الكتب عن رفوفها، ولايبدو أن هناك نية لدى أصحابها لنقل مقر مكتبتهم لا إلى ريف دمشق ولا إلى أي مكان آخر، فهذه المهنة أصبحت من الماضي.

ويرى الكاتب عماد حورية وهو مدير المكتبة العمومية في فندق الشام، أن ارتفاع اسعار إيجار المكاتب في وسط المدينة التجاري هو المسؤول عن إغلاق بعض المكتبات فبمقارنة هذا العائد الناتج عن الايجار وحركة البيع يجد صاحب المكتبة انه يخسر الملايين إذا استمر في عمله.

ويحدد الناشر سامي أحمد صاحب ومدير دار التكوين أكثر دور النشر السورية نشاطاً في السنوات الماضية مجموعة من العوامل التي تتمحور حولها أزمة النشر في سورية والوطن العربي، وهي:
1 ـ غياب أخلاقيات المهنة، التي من الممكن أن تجمعهم على أهداف مشتركة في إطار نشاطهم العام.
2 ـ نقص الدراسات العلمية والإحصائية في موضوع الكتاب العربي, والمتعلقة بمعرفة توجهاته ووسائل إنتاجه وطرق تسويقه.
3 ـ ضعف الخطط من أجل الإعلان والترويج للكتاب, ما يزيد من أزمة الابتعاد عن الكتاب.
4 ـ عدم القدرة على مواجهة إشكاليات الرقابة في البلدان العربية.
5 ـ غياب الخطط الناجحة التي تعترض مسيرة الكتاب, وخاصة في انتقاله من بلد عربي إلى آخر, من قوانين التصدير والاستيراد والضرائب الجمركية.
6 ـ عدم القدرة على حلّ مشاكل الاحتيال والنصب والتزوير وسرقة حقوق النشر من قبل الناشرين المتطفلين, وخاصة مع غياب القوانين والضوابط الرادعة، والإشهار بحقّ المخالفين.

سامي أحمد

وفي دراسة يستعد لاصدارها في كتاب يوصف أحمد مجموعة من المظاهر التي تتمحور حولها أزمة القراءة في المجتمعات العربية وهي:
1- نظام التلقين والحفظ المطبق في المدارس والمعاهد التعليمية والجامعات, والذي يتعرض له الأفراد منذ طفولتهم إلى انتهاء دراساتهم الجامعية، ونتيجة هذا أنّ نسباً عالية من خريجي الجامعات لا تقرأ بعد انتهاء الدراسة الأكاديمية. 
2ـ ثورة الاتصالات والمعلومات، التي تحولت في العالم العربي إلى مظاهر استعراضية دعائية، والدخول إلى الإنترنت في العالم العربي ليس دخولاً معرفياً بقدر ما هو محاولة لخرق المحرمات والممنوعات التي تتيحها المواقع الإلكترونية, بالرغم من المحاولات التقنية لحجبها.
3 ـ الأزمات الاقتصادية الطاحنة التي يعيشها معظم أفراد المجتمعات العربية, والتي تنعكس على تحديد الحاجيات الضرورية في حياتهم, ويتراجع فيها الكتاب إلى مواقع كمالية.
4 ـ تحول الفرد في العالم العربي إلى «مستهلك» بالارتباط مع ثقافة الاستهلاك التي يعيشها بصرياً ونفسياً وعقلياً.
5ـ انهيار الطبقة الوسطى في المجتمعات العربية اقتصادياً وروحياً، والمنتجة الأساسية تاريخياً للإبداع والفعل المعرفي والثقافي.