هل يحافظ حظر الاستيراد المرتقب على سعر صرف الليرة؟

تدرس الحكومة إصدار قرار بحظر استيراد بعض المنتجات، بهدف التخفيف من إنفاق القطع الأجنبي على استيرادها، وحماية المنتجات المحلية، وذلك لعدد محدود من الصناعات ولفترة زمنية محدودة غير قابلة للتجديد.

لكي نتفادى الضجة والاعتراضات الذي صدرت على القرار السابق المشابه في منتصف أيلول من العام الحالي والتي أدت إلى تراجع الحكومة عنه بعد عشرة أيام، لا بد من مراعاة أمرين أساسيين:
أولاً: تحديد الأصناف لتشمل فقط تلك المنتجات التي تنتج محلياً، وعدم حظر استيراد أي منتج لا يصنع محلياً.
ثانياً: إعـطـاء مهلـة زمنيـة محـدودة لإدخــال البضـائــع التـي تــم تثبيتهـا وقـيـد التجهيـــز، والمـدفـــوع جــزء أو كـامـــل قـيمـــتها وهــي قـيـــد الشــحـن، ولا بــد مـن إعـطـاء مهلـة لتفــادي الأضــرار. 
إذا لم تؤخذ هذين النقطتين المهمتين بعين الاعتبار فإن القرار سيواجه اعتراض الغالبية العظمى من الفعاليات الاقتصادية وسيفشل !

إننـا مع أي قرار يحمي الاقتصـاد الوطنـي ويحافـظ على العمـلات الصعبة، ولكن الغاية لا تبرر الوسيلة، وخاصة إذا كانت الوسيلة سبق وأثبتت فشلها.

وهنا نتساءل: هل الاستيراد يؤدي إلى استنزاف القطع الأجنبي ويخفض سعر الليرة السورية؟ أم هناك أسباب أخرى ؟
ألم يكن سعر الصرف (حتى في السوق السوداء) أفضل في السنة الماضية عندما كان الاستيراد مفتوحاً على مصراعيه، وبوجود منطقة التجارة الحرة العربية والتركية والإتفاقيات المشابهة مع دول أخرى؟ 
ألم ينخفض سعر صرف الليرة السورية خلال أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات من القرن الماضي إلى مستويات قياسية (أقل من عشرة ليرات إلى عتبة خمسين ليرات سورية مقابل كل دولار)؟ وحدث ذلك رغم سريان حظر الاستيراد حينها... !
بمنع الاستيراد، وحتى لبعض الأصناف، ندفع المستوردين للاستثمار خارج القطر، وهنا أيضاً سيستمر الضغط على الليرة السورية.

إذا كانت غاية القرار تشجيع الصناعات المحلية وإعادة تفعيل المصانع المتوقفة، فهي غاية وطنية نشجعها، ولكن كيف يمكن أن نحقق ذلك عندما يكون القرار لفترة زمنية محدودة غير قابلة للتجديد ؟! إن إعادة تفعيل وتأهيل أي مصنع بحاجة لأشهر لتأمين المواد الأولية واليد العاملة والتسويق ... وليس هناك من عاقل يدخل بهذه المتاهة وهو يعرف مسبقاً بأنه سينتج لفترة زمنية محدودة غير قابلة للتجديد ومن ثم سيتوقف ويسرح العمال مجدداً ... !

خلال السنوات الأخيرة كان لدينا إجماعاً بأنه: " لا عودة إلى الوراء "، واليوم منع الاستيراد، وتقديم الحماية المقنعة للصناعة المحلية ليس فقط " عودة إلى الوراء " بل جري إلى الوراء، لا بل السقوط في الهاوية التي لم نصدق كيف خرجنا منها.
إن منع الاستيراد سيؤدي إلى احتكار السلع وفتح باب التهريب من دول الجوار على مصراعيه، ومن ثم رفع أسعار المواد، وخاصة في هذا الوقت الذي نسعى فيه جميعاً إلى تخفيف تكاليف البضائع بغية تأمينها للمواطن بأنسب الأسعار.

 

 

شام نيوز - الاقتصادي