هل يحقّ لــنا أن نتســــاءل ؟؟؟

ساهرة صالح. شام نيوز
عندما كتبت المقال السابق تحت عنوان عراضة أم معارضة تمنيت على السادة المعارضيين الذين اجتمعوا في فندق سميرا ميس أن يطلّوا علينا عبر وسائل الإعلام أو أن يخترعوا واحدة ما فقط ليعرفونا بأنفسهم و باتجاهاتهم و بفكرهم و رؤيتهم لمستقبل البلد،
و تفاجئت أمس بالإستاذ الصحفي مازن درويش ( أحد السادة المعارضين ) في لقاء على هوا إذاعة شام إف إم،و للحقيقة كانت المفاجأة سارة ، فهو من الصحفيين القلائل الذين حاولوا بجهد حقيقي دعم الإعلام الحرّ في سوريا و محاربة العقلية الأمنية في التعامل مع المادة الصحفية ..
ولكن لم تلبث فرحتي أن بدأت بالإنكماش على نفسها شيئاً فشيئاً إلى أن وصلت إلى شكل لم أعرف له رأسا من قدمين ...
كيف لا والسيد درويش يصرّح بأنّ هذه المعارضة لا تمثّل أيّ طرف من الشعب السوري ولا تملك تفويض من أحد، وإنّما كلّ شخص فيها يمثل نفسه فقط ...
ليزدادالأمر التباساً، فكيف يا سيدي الكريم تأملون من النظام السوري أن يسمع منكم و ينّفذ مطالبكم و أنتم لا تملكون قاعدة شعبية تعترف بكم أصلاً كمعارضة ولا من المتظاهرين (السلميين ) حتى ..
فكما هو معروف عن أي معارضة في العالم تحضّر للإجتماعات و تطلق البيانات، يكون من أهمّ أسس قيامها هو القاعدة الشعبية العريضة ،القادرة على مؤازرة هذه المعارضة و الضغط على النظام لتلبية طلباتها أو التنحي ...
ليبدو الأمر هنا و كأنّكم تستمدون شرعيتكم فقط من نفس النظام الذي تعارضونه ،فهو الوحيد الذي اعترف بوجودكم لمجرد السماح بمثل ذلك الإجتماع التشاوري لأوّل مرّة ، و دعوتكم أيضاً لحضور الإجتماع مع لجنة الحوار الوطني ...
و إذا أردنا تجاوز هذا الحائط ، وجدنا آخر بانتظارنا مع تصريح جديد في نفس اللقاء للسيد درويش يقول فيه :
(( أنا أحترم من يخرج في مسيرات تأييد ،فقط لأنّهم سوريون))
فهل لنا أن نفهم ما معنى " فقط لأنهم سوريون" ؟؟
هل إن كانوا فرنسيين مثلاً قد خرجوا لمناصرة النظام السوري ،لا تحترمهم ؟؟
أم أنك لا تحترم فعلهم بالخروج للتأييد ولكن تحترم فقط جنسيتهم و انتماءهم لهذا الوطن ؟؟
و إذا كان التفسير الأخير هو المعنى المقصود ، فالشعور يا سيدي يبدو متبادلاً بين الطرفين...
و على هذا إذاً وجب الإحتكام إلى العقل و منطق الحوار،لا لمنطق تغيب الآخر و تحييد رغبته باستمرار الإصلاح على يد النظام الحاكم "ولو متأخر" ،خصوصا مع وجود إحتمال " ضئيل " لنظرية المؤامرة مستمدة من قول السيد درويش في نفس اللقاء :
(( سوريا بمكانتها لا يمكن أن تكون بمرحلة استقرار طبيعي بسبب وضعها الجيوسياسي بين العراق و لبنان و إسرائيل فالطبيعي أن يكون هناك مؤامرة على سوريا من إسرائيل ))
و يضيف : (( لكن ما يفاجئني أن لا تعي سوريا هذه المخاطر و أن لاتدعم داخلها فتسمح بهذه التدخلات ))
وهذا منطق مقبول أكدّه الصحفي الإستاذ عدنان عبد الرزاق في لقاء سابق على إذاعة شام إف إم أيضاً إذ قال : (( لو لم نمتلك البيئة المناسبة للأزمة لما نبتت عندنا ))
فمن الجيد الإعتراف بالأزمة و مناقشة أسبابها ،و لكن من غير المجدي الوقوف عند هذه الأسباب دون التوصل لنتائج حقيقية تحمي الوطن و المواطنين من خطر الإنزلاق إلى مجهول ،وحده الله يعلم ماهيته ...
فنحن مجانين إذا لم نستطع أن نتحاور، ومتعصّبون إذا لم نريد أن نتحاور، وعبيد إذا لم نجرؤ أن نتحاور...