هواة اللاسلكي "التشات" على الطريقة القديمة!!!!

 

 

 

"الثورة الرقمية جعلت أشياء كثيرة لم نكن نتصور حدوثها قبل عدة سنوات  امرا ضروريا لحياتنا اليوم .. لا يمكن ان نتخيل حياتنا بدونها ... باختصار يمكن القول ان الانسان اصبح عبدا للتكنولوجيا بكل ما تعنيه كلمة " عبد " من معنىً... وكما هي العادة قي كل المجازر التي تحدث (هناك بادئ لكل شيء)...!!"

 

المقدمة قد توحي بمادة عن الدراما لكن مقدمة مسلسل "ضيعة ضايعة" التي تدل عن أن التكنلوجيا مرت بجانب بعض السوريين ولم تخترق حياتهم، تغمض عينيها عن سوريين آخرين سبقوا الثورة الرقمية بأجيال عدة... بل أن بعضهم آثر التوقف عند تلك اللحظة من ثورة التكنلوجيا ... ليس خوفاً من التكنلوجيا الحديثة بل حفاظاً على الاختراعات الكبيرة التي لا يجب أن تفقد قيمتها مع الزمن... أو تصبح طي النسيان... ومن جهةٍ اخرى ربما بقي البعض حبيس هذه التكنلوجيا القديمة كهوايةٍ اعتاد استخدامها.. فأصبحنا نسمع بهواية جمع الراديوهات القديمة.. وهناك من يتفاخر بامتلاكه أول فونوغراف دخل دمشق.. أو أول جهاز هاتف.. إلا أنه "جمعية هواة اللاسلكي" هي شيءٌ آخر لم يكن هدفها هو جمع أجهزة اللاسلكي بل الاستمرار باستخدامها حتى اليوم للاتصال مع أشخاص من جميع أنحاء العالم..!!!

 

 

 

ففي منزله الذي يدل كثيراً على العصر الذي ينتمي إليه الأستاذ ميشيل السيوفي أو "ميشيل بيك" يخبرنا أقدم هاوٍ للاسلكي في سوريا على قيد الحياة عن تاريخ هذه الجمعية إذ بدأت القصة أصلاً من السيد رشيد جلال زهدي والذي درس في اسطنبول كيفية استخدام اللاسلكي وكان يعمل في القوى الجوية.. والذي يعد أول هاوي لا سلكي عربي وليس سوري فقط، حيث بدأ يبث تحت تسمية "قوة الانتداب الفرنسي" تحت رمز YK1AA وهو يعني أنه من سوريا حيث أن الرمز YK يشير إلى سوريا وهو أول شخص من الرمز AA حيث يأخذ الشخص الثاني الرمز ABوالثالث AC.... هكذا دواليك... وبقي بالبث حتى استقلال سوريا من الانتداب الفرنسي ، ثم بعد ذلك انتمى السيد زهدي لمعهد TIR وهو المعهد التقني للراديو..

 

وبقي رشيد جلال زهدي يعمل باسم هذا المعهد حتى فترة الوحدة حيث تعرض لمضايقات من قبل الحكومة في تلم الفترة التي كانت تضايق الأعضاء وتقوم بحملات تفتيش فجائية ولم تعد تمنح تراخيص لحيازة أجهزة اللاسلكي مما دفع بالكثير من الأعضاء للتخلي عن هذه الهواية، حتى الانفصال بين سوريا ومصر حيث عادت سوريا للقانون القديم وعاد أعضاء الجمعية يمارسون نشاطهم.

  

 

 

في عام 1963 أراد بعض الهواة تنشيط عمل الجمعية لكن الناس لم يقبلوا بذلك نظراً لكون اسم "لا سلكي" مرتبط في أذهان الناس بالجاسوسية والعمل الجاسوسي خاصة في تلك الفترة.

 

بقي الوضع كذلك بالنسبة لهواة اللاسلكي في سوريا حتى عام 1976 عندما سمع السيد ميشيل سيوفي عن رشيد جلال زهدي أثناء دراسته في بيروت عندما أخبره الأب بيير جان ريمونيه وهو هاو لاسلكي لبناني عن رشيد جلال وعن هذه الهواية الغريبة التي يمارسها فدفعه فضوله للتعرف عليه وعلى الهواية، وزاد شغفه بالأمر أنه وأثناء الحرب الأهلية في لبنان أخبره أحد اصدقاءه أنه استطاع التحدث مع أخيه في بيروت الاطمئنان عليه فسأله كيف فأجابه عن طريق اللاسلكي مما زاد فضوله للتعرف على اللاسلكي وعالمه الغريب...

 

وبذلك أصبح ميشيل السيوفي ثاني هاوٍ للاسلكي مرخص في سورية يحمل الرمز YK1AN وبقي مجرد هاو، حتى تم ترخيص ابن رشيد زهدي حكمت زهدي وتم تأسيس الجمعية التي يرأسها اليوم د. عمر شابسيغ والتي تعرف باسم "جمعية هواة الاسلكي" والتي لها مكتب وقاعة لعقد الاجتماعات في مقر مكتب البريد.

 

اليوم الجمعية تضم العديد من الاشخاص لكن أربعة أو خمسة فقط يملكون أجهزة في منازلهم والذين يملكون ترخيص للعضوية حوالي 30-40 شخص في حين يضم النادي عدد أكبر من الهواة الذين لا زالو على اتصال بهذه التكنلوجيا يجتمعون كل يوم سبت ويستخدمون اللاسلكي للتعرف والاتصال مع أشخاص من جميع أنحاء العالم وسمي المركز باسم YK1RJ أي رشيد جلال تكريماً له وسميت القاعة التي يذيعون منها في مدرسة تدريب الاتصالات في المزة باسم رشيد جلال .

 

ولا يقتصر هواة اللاسلكي على السوريين فقط فهم موجودون حول العالم وفي الكثير من البلدان وهناك الكثير من الشخصيات المشهورة كالملك خوان كارلوس والملك حسين ملك الأردن السابق.

  

ويبقى هواة اللاسلكي تحت المراقبة كي لا يساء استخدام هذه الهواية أثناء الاتصال علماً أنه يحظر عليهم حسب الاتفاق الدولي التحدث بالسياسة أو بالتجارة أو أي شيء مناف للأخلاق، مما يجعل هوايتهم تقتصر على التعارف على أشخاص جدد من جميع أنحاء العالم، والتحدث حول أنواع الأجهزة والاختراعات الجديدة في مجال اللاسلكي.

 

ويخبرنا السيد السيوفي أنه بإمكان اي شخص يملك جهاز راديو يحوي الموجة SSB أن يلتقط اشارتهم وسماعهم، وهناك بروتروكول لكل دولة وقوانين خاصة بهذا الشأن إلى أن هناك شهادة ترسل من قبل الأشخاص الذين يتم التحدث معهم عليها رمزهم وعنوانهم والساعة التي تم الحديث فيها والتاريخ لتأكيد حدوث المحادثة، ويستخدم هواة اللاسلكي اللغة المتداولة كالانكليزية والفرنسية أو اللغة العربية في حال كان الشخص المقابل يفهمها.

 

وفي البداية كان الهدف من تأسيس جمعياة هواة اللاسلكي هو تبادل الخبرات وتنمية المواهب خاصة في عهد الاتحاد السوفيتي الذي شجع كثيراً على ذلك لكن اليوم اقتصر الأمر على التعارف نظراً لتعدد وسائل الاتصال الأسرع والأسهل استخداماً، ولم تعد منتشرة كما السابق خاصة لارتباط اسمها بأعمال الجاسوسية والنظرة الخاطئة من قبل الناس لهذه الهواية.

 

يرى البعض أن هؤلاء الهواة ليسوا "من خارج العصر" أو أن "التكنلوجيا مرت من جانبهم دون الاستفادة منها". بل هم سابقين عصرهم بكثير، حيث أن التشات والمسنجر وحتى الفيس بوك كان من إعدادهم قبل ظهوره بكثير.....

 

 

شام نيوز – راما الجرمقاني