هيئة مكافحة .... الفساد

 

هناك أمور تحصل في البلد لا يمكن لعاقل أن يصدقها ومنها ما نشر أخيراً أن الحكومة بصدد إنشاء هيئة لمكافحة الفساد تتبع مجلس الوزراء وتسعى لمحاربة أوجه الفساد في كل القطاعات الوزارية واستدعاء أي موظف أو مسؤول للتحقيق معه في حال وجود أي شبه فساد أو رشوة أو استغلال للمنصب، ولم يتبقَّ إلا أن تنشئ الحكومة سجناً خاصاً تابعاً لهذه الهيئة المرتقبة!!


إذا كان الفساد حكومياً.. والتجاوزات حكومية والرشاوى.. تحدث في مؤسسات الحكومة وكبار مَن في مؤسسات الحكومة بعضهم غارق في الفساد فكيف تريد الحكومة أن تنشئ هيئة خاصة لمحاربة الفساد؟ وهل ستكون مثل سابقاتها من هيئات ولجان وزارية وغير وزارية أنشئت ومنح أعضاؤها رواتب من المال العام ولم ينجزوا أي شيء يذكر فذهب الجمل بما حمل والجماعة يتفرجون؟!


ثم إن هذه الهيئة التي ستقوم الحكومة بإنشائها لمحاربة فسادها تتعارض في اختصاصاتها مع الأجهزة الحكومية الأخرى كالإدارة العامة للتحقيقات وأيضاً النيابة العامة، فالجرائم التي تقع في مؤسسات الدولة تتولاها الأجهزة المختصة فكيف تنشئ الحكومة هيئة تستولي على اختصاصاتها السلطات الأخرى جهاراً نهاراً؟!


أعتقد أن كل مفاتيح اللعبة بيد الحكومة بعيداً عن تشكيل اللجان والهيئات الخاصة.. والأجهزة التي ما توكل خبز – كما يقال – وإذا كانت الحكومة عازمة على أمر معين فإن باستطاعتها القضاء عليه وشل حركته ودفنه في أقرب مقبرة، وإذا أرادت أن تماطل وتسوف الى أن ترتب الأمور فإن أسهل طريقة هي تشكيل هيئة أو لجنة أو جهاز ويحطون عليه شخصاً يستحق الإشادة ويشتغل المسكين ويبذل الجهد ويعمل.. ويعمل وينجز ويتحمل الهجوم عليه من كل صوب.. ثم يُصدر تقريراً فإن توافق مع هوى الحكومة هللت وكبرت.. وإن كان خلاف ذلك وضعته في الأدراج.. وشكرت مسعاه.. وقالت إن الهيئة أو اللجنة.. أو الجهاز عمل ما عليه والباقي علينا وانطر يا فلان.. وما هيئة مكافحة الفساد.. وجهاز حل قضية «البدون» عما نقول ببعيد والأيام بيننا!!

 

راشد الردعان - الوطن "الكويتية"