هيكل على الجزيرة: التيار الديني ليس مستعدا لمسؤولية الحكم

اعرب الكاتب الصحافي المصري محمد حسنين هيكل في مقابلة مع قناة "الجزيرة" خُصصت بالكامل لمناقشة الأوضاع في مصر عن مخاوفه مما سيحدث في الانتخابات المقبلة، ولم يتردد في القول إن ليس لديه حل للخروج من الواقع الصعب الذي تمر به مصر في الوقت الراهن.
وأضاف في الحديث الذي نشرت صحيفة "الاهرام" المصرية اهم اجزائه: "الحقائق غائبة. كلنا نعتقد أن المسألة سهلة وهي غير ذلك تماما، والأسوأ أن هذا يحدث في وقت تتقرر فيه مصائر ليس في مصر فقط بل في المنطقة من حولنا. المنطقة يجري إعدادها لحدث كبير، ولايبدو أن أحدا هنا أو في المنطقة مدرك لذلك. والحدث الكبير الذي أتحدث عنه هو المواجهة النهائية مع إيران. هذه المواجهة المؤجلة من رئاسة بوش الابن إلى الآن حيث يستعد الرئيس الحالي أوباما لانتخابات الرئاسة".
وتابع: "الثورة لم تكن مفاجئة، ويدهشك أن الشخص الوحيد الذي كان يعرف حجم المشكلة أو بعضا منها كان الرئيس السابق مبارك. كنت أستغرب عندما أسمع بعض الوقائع التي تقول إن الجيش أرغم مبارك على ترك السلطة، هذا لم يحدث. فمبارك أول من نطق بالكلمة السحرية وهي تنحيه".
وكشف هيكل عن أن مبارك قبل تنحيه بيومين أو ثلاثة، قال للمشير محمد حسين طنطاوي "ياحسين (...) إما أن تحمي الشرعية (...) يا تشيل الشيلة".
وتحدث هيكل عن ملامح الوضع عندما جاءت لحظة 25 يناير قائلا: "لم يدرك أحد ساعتها ثلاثة أمور، الأول أن ما فعلناه بأنفسنا على مدى 30 عاما، والثاني مافعله بنا الآخرون، والثالث مافعله بنا الإسرائيليون".
وحول ما إذا كان الوضع الحالي يمثل ورطة، رد هيكل "أنا لا أري ذلك. لا أحد يستطيع أن يتصرف إزاء موقف إلا إذا رأى الجزء الأكبر من حقائقه. ما نحن فيه لم يكن سرا والكل كان يدرك سوء الأوضاع لكن المفاجأة كانت خروج الشباب. الكل كان يرى أن النظام سائر إلى نهايته. وقد كتبت وقلت إن هذا العهد انتهى ولابد من التفكير في مرحلة انتقالية، واقترحت مجلس أمناء للتعامل مع الوضع".
وأشار هيكل إلى ثلاثة سيناريوهات للتعامل مع الموقف آنذاك. الأول: أن الأب مبارك كان يتصور أنه يستطيع أن يبقى ويمدد له، والثاني: أن الابن جمال كان يتصور أنه يستطيع أن يرث، والثالث يتعلق برأي الأميركيين بأن أن الجيش هو القضية ولابد أن يأتي رئيس منه ولذلك اختاروا عمر سليمان.
وقد حاول النظام السابق إقناع الاميركيين بجمال مبارك وعرضوه على كوندليزا رايس وزيرة الخارجية آنذاك والتي قالت بصراحة لمن قدم لها الابن وهو أسامة الباز: "الشاب لاغبار عليه لكننا نفضل جنرالا".
وكشف هيكل عن واقعة حاسمة في تاريخ ثورة 25 يناير عندما التقى الشباب المعتصمون في ميدان التحرير مع قائد عسكري هو اللواء حسن الرويني قائد المنطقة العسكرية والذي قال لهم إن مطالبهم سوف تجاب، وأنه بعد نصف ساعة من كلام اللواء الرويني، كان رئيس الأركان الاميركي الجنرال مولين ووزير الدفاع يجريان اتصالات بكل من يعرفونه في مصر ويسألان: ماذا حدث؟
بعد ذلك تطورت الأمور إذ صدر في اليوم التالي البيان الأول للقوات المسلحة ثم ظهر ذلك اليوم الذي تلاه أن القوات المسلحة قبلت تحمل المسؤولية.
لا مخاوف من إمساك الجيش بزمام الأمور في مصر
يقول هيكل: "ليس لدي تخوف من إمساك الجيش بزمام الأمور في مصر، وأنا لا أرى أن كلمة عسكري مخيفة، وكثيرا ما لجأت الأمم إلى عسكريين في حالات الأزمة مثل ديغول وايزنهاور. لا أرى فرصة الآن لأن يصبح رجل عسكري رئيسا للبلاد في هذه الظروف. ببساطة لأن القوات المسلحة لديها مهمة وهي أن الأمن القومي يحتاج وجود قوات مسلحة قوية وقادرة.
ونفى هيكل أن يكون المجلس الأعلى للقوات المسلحة يحكم بنفس طريقة مبارك بل هو ـ أي المجلس ـ يتصرف كطرف فوجئ بما يجري.
وحول الانتخابات المقبلة، قال هيكل: "أنا خائف مما سيجري، نحن مقبلون على انتخابات وأعتقد أنها لن تقود إلى النتيجة المطلوبة، لأن الجميع لا يعرف الصورة كاملة. إن هناك من يريد أن ينقض على الشباب، وهم القوة الوحيدة التي أعلم براءتها، لكني أعلم أيضا أن قوى الشباب لاتزال سليمة وواعية. أما إذا نظرت إلى الأحزاب كالوفد والإخوان، فإنهم جرى إقصاؤهم بعيدا والوفد كان غائبا تماما وهم ليسوا جاهزين للتصرف، لأنهم لا يعرفون وحتى إذا حاولوا أن يعرفوا سيحتاجون وقتا كبيرا.
وتابع هيكل أن "تنظيم الأخوان المسلمين في مصر ليس مستعدا لمسوؤلية الحكم في هذه اللحظة التي هي لحظة مؤسسة وخطيرة جدا كما أنها لحظة تحتاج إلى وحدة الأمة كلها". وأكد هيكل أنه متعاطف مع "الإخوان" بسبب كل ما تعرضوا له، بل إنه قال مرارا إن الديمقراطية في مصر لا تستقيم إلا إذا كان هناك طرفان: التيار الديني واليسار، واستطرد قائلا: "كل ما أطلبه لهذا البلد فرصة لأن يبني مستقبله".
ويحكي هيكل أن الكاتب الصحافي الراحل محمود السعدني قال له إنه التقى مبارك وسأله: "سيادة الرئيس، كيف تشعر وأنت تجلس على المقعد الذي جلس عليه رمسيس الثاني ومحمد علي وجمال عبدالناصر؟ فرد مبارك قائلا: "عاجبك الكرسي خده معاك وأنت ماشي!".
وحذر هيكل من أنه في حالة فوز أي من المرشحين للرئاسة، فسوف يجد نفسه بعد ثلاثة أشهر جزءا من المشكلة وليس الحل.
شام نيوز - الأهرام