وائل الدحدوح.. حجم المأساة عندما يكون الصحفي هو الخبر

لين حمدان - شام إف إم
تقول القواعد الإعلامية والأكاديمية إن المهمة الأساسية للصحفي تكون بنقل الخبر وألا يكون هو الخبر، لأن ما يهم الجمهور هو الحدث وليس من ينقله، فما حجم المأساة عندما يصير الصحفي وعائلته العناوين الرئيسية للأخبار؟
للمرة الثالثة على التوالي يتحول الصحفي الفلسطيني وائل الدحدوح إلى الخبر، باستشهاد ابنه البكر "حمزة الدحدوح" إثر غارة إسرائيلية على جنوبي قطاع غزة، الخبر الذي لم يشكل صدمة على الدحدوح فقط وإنما على الملايين لحجم الخسارات المتتالية التي يتكبدها.
فقبل أسابيع تعرض أبو حمزة إلى إصابة جراء القصف الإسرائيلي على القطاع، خسر بسببه زميله المصور والصحفي سامر أبو دقة.
أما المأساة الأولى للدحدوح كانت بخسارته لأربعة أفراد من عائلته وهم زوجته آمنة وابنه محمود البالغ من العمر 16 عاماً، وابنته شام ذات الأعوام الستة، وحفيده الرضيع آدم، ليقف بجبروت من فقد أعز ما يملك ويقول جملته الشهيرة "بحاربونا في الأولاد.. معلش".
الدحدوح من صحفي إلى رمز شعبي
بعد هذا الكم من المصائب تحول الدحدوح إلى رمز شعبي فلسطيني، فالعدسات موجهة عليه، تلتقط دموعه وردود أفعاله والعيون باكية على ما حصل له، ومتعجبة من حجم الصبر الكبير الذي يملكه هذا الرجل، ما دفعه للاستمرار في عمله بعد ساعات قليلة من استشهاد فلذة كبدة حمزة، والخروج على الشاشة لنقل مجريات ما يحدث في القطاع متمسكاً برسالته الصحفية.
وانتشرت فيديوهات كثيرة على الانترنت لتلقي الدحدوح للخبر وردود أفعاله ومواساته لابنته وزوجة ابنه، كما تداول الناشطون بشكل كبير المنشور الأخير الذي كتبه حمزة على منصاته على مواقع التواصل الاجتماعي موجهاً رسالة لأبيه "إنك الصابر المحتسب يا أبي، فلا تيأس من الشفاء ولا تقنط من رحمة الله، وكن على يقين أن الله سيجزيك خيرًا لما صبرت"، معتبرينها بمثابة وداع أخير.
الاحتلال مستمر باستهداف الصحفيين
لا قوانين دولية ولا حقوق إنسان ولا حتى معاهدات قادرة على حماية صحفيي غزة، فبعد وفاة حمزة الدحدوح وزميله مصطفى ثريا، أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة أن قتل حمزة ومصطفى يرفع عدد الصحفيين القتلى إلى 109 منذ بدء العدوان الإسرائيلي على القطاع.
وبدورها منحت نقابة الصحفيين المصريين الصحفي الفلسطيني وائل الدحدوح، جائزة حرية الصحافة لسنة 2024، باعتباره "رمزا لصمود الصحفيين الفلسطينيين في وجه العدوان الصهيوني الغاشم وآلة حربه الوحشية"، بحسب ما ورد في بيان النقابة.
من هو وائل الدحدوح؟
والدحدوح هو صحفي فلسطيني من مواليد سنة 1970 في غزة وتحديداً حي الزيتون الذي نشأ فيه. اعتقله الاحتلال الإسرائيلي 7 سنوات ومنعه من تحقيق طموحه في دراسة الطب، ليدخل بعدها عالم الصحافة، ويحصل على شهادة الماجستير في العلوم السياسية.
وسبق له أن قال خلال أحد حواراته الصحفية إن "دور الأب مفقود في مهنتنا، فعندما يحتاجك أولادك يفقدونك، وهذا شيء مؤلم جداً".