واشنطن تأخذ المنطقة الشرقية نحو «حرب فاترة»

شام إف إم - محمود عبد اللطيف
ما تزال المنطقة الشرقية ضمن حسابات التسخين المتوقع من قبل التحالف الأمريكي، فالمعلومات تشير إلى أن واشنطن قامت خلال الأيام الماضية بحشد عدد كبير من قوات المارينز الأمريكي في قاعدة عسكرية أقيمت ضمن «حقل العمر النفطي» بريف دير الزور، كما أن الميليشيات المرتبطة بالإدارة الأمريكية كـ «مجلس دير الزور العسكري»، قد نقلت تعزيزات إلى خطوط التماس المباشر مع الجيش السوري في ريف دير الزور الشمالي.
وبحسب مصادر محلية، فإن أرتالاً عسكرية ترفع العلم الأمريكي، تدخل بشكل يومي إلى «حقل العمر» قادمة من ريف الحسكة الجنوبي، بما في ذلك مجموعة كبيرة من العربات المصفحة وعربات «الجسور الآلية»، فيما يبدو أنه توجه أمريكي لرفع نسبة التوتر في منطقة تعد من الأكثر حساسية في حسابات الصدام السياسي مع روسيا.
ومن الغريب أن النقاط التي تحتلها واشنطن في ريف الحسكة الجنوبي كانت قد شهدت تعزيزاً للقدرات العسكرية على مستوى استقدام المزيد من المروحيات القتالية إلى «جنوب الشدادي»، دون أن يكون ثمة عمل عسكري لـ «قسد» باتجاه النقاط التي يسيطر عليها داعش في ريف الحسكة الجنوبي الشرقي، أو ريف دير الزور الشرقي.
فالتقديرات الإعلامية الغربية بوجود قيادات الصف الأول لتنظيم «داعش» في الجيب الذي يمتلكه التنظيم بريف الحسكة الجنوبي، لم تغر واشنطن بفتح حسابات هذه المنطقة على المستوى الميداني على الرغم من القدرات العسكرية الضخمة التي تمتلكها «قسد» في المنطقة على المستوى "القوى البرّية"، إضافة لوجود عدد ضخم من المروحيات والمقاتلات الأمريكية الجاهزة لتقديم الدعم الجوي لمثل هذه العملية.
هذا يعني أن واشنطن التي تقوم بنقل من ترغب به من عناصر التنظيم، تريد في الوقت نفسه أن تمنح الفرصة لـ «داعش» ليعيد هيكلة بنيته العسكرية للاستفادة من هجماته المحتملة على مواقع الجيش إن لم تتجه لفتح "جبهات مباشرة" مع الدولة السورية باستخدام «قسد»، إذ كان من المستغرب أيضاً أن أخلت «قسد» مجموعة كبيرة من النقاط التي كانت تسيطر عليها بالقرب من الحدود العراقية في ريف دير الزور الشرقي، وبهذا الانسحاب أعاد تنظيم «داعش» ربط مناطق وجوده في المناطق الواقعة شرق الفرات مع جنوب الحسكة من خلال الطريق الواصلة بين "الباغوز – تل صفوك – الدشيشة"، وهي طريق تساعد التنظيم على إعادة هيكلة قدراته العسكرية التي انهارت منذ خسارته لمدينة البوكمال.
المصادر الميدانية السورية تعتبر أن الهجمات التي يشنها تنظيم «داعش» على نقاط الجيش في البادية الواقعة بين ريف دير الزور الجنوبي وريف حمص الشرقي، هي محاولة لسحب الجيش نحو معارك جانبية تجبره على نقل تعزيزات عسكرية نحو هذه الجبهة – البادية- من ريف دير الزور الشرقي، بما قد يفتح الفرصة لـ «قسد» للاستفادة من هذا الظرف في حال تم توجيهها لفتح جبهات اشتباك مباشر مع الجيش السوري في القرى التي يسيطر عليها شرقي نهر الفرات بريف دير الزور الشمالي، وستكون مجموعات تنظيم «داعش» التي تم إعادة تجنيدها من قبل واشنطن ضمن قوام أي قوة يمكن أن تواجه الجيش في حال إشعال جبهة المناطق الشرقية.
وفي السياق، تؤكد المصادر الميدانية في حديثها لـ «شام إف إم»، أن قوات الدفاع الشعبي والجيش السوري كانا قد عززا من خطوطهما الدفاعية في كامل قرى التماس المباشر مع «قسد» شرقي الفرات، موضحة أن التعزيزات التي نقلت إلى محيط المحطة الثانية "T2" في ريف دير الزور الجنوبي الشرقي لن تؤثر على قدرات الجيش الدفاعية في جبهة تعتبرها دمشق من الجبهات الأكثر خطورة على الرغم من حالة الهدوء التي تشهدها حالياً.
الحرب الفاترة التي بدأتها واشنطن في المنطقة الشرقية، تؤكد على أن الإدارة الأمريكية لا ترغب حالياً بأي شكل من أشكال التهدئة التي يمكن أن تفضي إلى فتح عملية سياسية ستميل كفتها لصالح الدولة السورية التي أنهت العديد من الملفات الميدانية الحساسة كـ (حلب – دير الزور – الجزء الأكبر من البادية)، إضافة لعملها على أنها ملف الوجود المسلح في الغوطة الشرقية، وخلق معادل ميداني يخلق لواشنطن هوامش للمناورة السياسية أمر مطلوب وبشدة، وقد يكون الحديث عن احتمالات إشعال الجنوب السوري مجرد هالة إعلامية تغطي على ما يحدث في الشرقية.