واشنطن تختبر سياسة "التوجيه عن بعد" في لبنان وسورية

 

محمد ابراهيم. صحيفة البناء

 

لم تمضِ ساعات على التهديدات التي أطلقها الرئيس الاميركي باراك اوباما وحلفاؤه الاوروبيون ضد دمشق حتى خرج بعض معاوني سعد الحريري في بيروت بمواقف تصعيدية تلوّح باللجوء الى الشارع تحت عنوان الضغط لدعم قرارات المحكمة الدولية.
 

والثابت ان هذا الارتفاع بنبرة هؤلاء يتناغم مع الإشارات الصادرة عن الجهات التي تتحكم بمسار المحكمة من جهة، والمواقف والضغوط التي تمارسها الإدارة الاميركية وحلفائها ضد سورية من جهة أخرى.
ويقول مصدر سياسي مطلع ان سياسة "الريموت كونترول" التي تمارسها واشنطن في المنطقة تشمل اطرافاً في ما يسمى بالمعارضة في لبنان، ويبدو ان سياسة التوجيه عن بعد التي اعتمدتها الادارة الاميركية مع بعض الجهات التي أثارت وتثير القلاقل في سورية، هي نفسها المعتمدة ايضاً مع جهات معروفة في لبنان بحيث أصبح هناك نوع من الترابط في التصعيد من قبل هذه الجهات في الدولتين.

 
لكن المصدر يلاحظ أن تحسّن الوضع في سورية بعد العمليات الناجحة التي قام بها الجيش السوري ضد المجموعات الارهابية والتخريبية ربما يكون السبب في تسريع الهجوم الاميركي على سورية بدليل أنه قبل دعوة اوباما الرئيس الاسد الى التنحّي بيومين، كانت وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون تنصح السعودية وتركيا بالمبادرة الى مثل هذه الدعوة.
ويبدو أن الرياض وأنقرة وجدتا نفسيهما في وضع حرج، ففضّلا ترك هذه المهمة الى الاميركي الذي سرّع بالخطوة بعد أن وجد أن الأمور في الداخل السوري تسير بقوة لمصلحة الهدوء والاستقرار في البلاد.

 

 


وفي رأي المصدر السياسي ان المشهد الداخلي اللبناني ونجاح الحكومة في احتواء محاولات التصعيد والتوتير التي قامت وتقوم بها المعارضة، ربما حفّزا واشنطن وجهات أوروبية غربية على الإيعاز إلى بعض الجهات اللبنانية المعروفة باللجوء الى خطوات تصعيدية في المرحلة المقبلة.
ويقول المصدر ان تيار الحريري عمل مؤخراً على تنظيم تظاهرات ليلية بحجة التضامن مع الشعب السوري لكن القصد من هذه التظاهرات كان وما زال بالدرجة الأولى النيل من الحكومة وإعاقة عملها تمهيداً لاسقاطها.

 
ويضيف المصدر أن زخم هذه التظاهرات بقي محدوداً بسبب عدم تجاوب الناس حتى في المناطق المحسوبة على التيار المذكور مع شعار مناصرة الشعب السوري، ولذلك من غير المستبعد أن يلجأ الفريق نفسه الى الدعوة الى تنظيم "تظاهرات جديدة تحت عنوان دعم قرارات المحكمة الدولية".

 


لكن المصدر السياسي، يرى أن مثل هذه المحاولة لن تكون ناجحة، لا بل من المستبعد أن تلقى الصدى المطلوب بدليل انه في يوم صدور القرار الاتهامي بالتفصيل أو الإفراج عن مضمونه كان فريق الحريري في مكان آخر، لا بل ان الحياة الطبيعية بقيت تسود في كل المناطق من دون استثناء.
ويحذر المصدر من محاولات فريق الحريري اللجوء الى الشارع، تارة تحت عنوان التضامن مع الشعب السوري، وطورا تحت شعار دعم المحكمة الدولية وقراراتها، مذكرا بمصير ما سمي بيوم الغضب الذي ارتدّ على هذا الفريق، وكشف ضعف موقفه.


وفي رأي المصدر أن ذلك لا يعني اعفاء الحكومة من مسؤولياتها ليس لجهة معالجة الملفات الحيوية الملحة كالكهرباء فحسب، بل ايضاً لجهة حماية الاستقرار وتعزيزه وعدم التهاون مع محاولات اللجوء الى الشارع، لأن في ذلك تهديداً حقيقياً للسلم الأهلي وللاستقرار، ولأن مثل هذه التظاهرات تحمل في مضمونها تحريضا على الفتنة بشكل أو بآخر

 


ويؤكد المصدر السياسي ان محاولات فريق الحريري اليوم إثارة الشارع لن تجدي نفعاً، لأنه يعلم جيداً أن هذا الاسلوب لا ينفع في الساحة اللبنانية، خصوصا ان الشعارات التي يرفعها هي شعارات ساقطة ولا تحظى بالتأييد.