واشنطن تعترف بعدم امتلاكها استراتيجية للخروج من مهمتها في ليبيا

كتب جايلز ويتيل مراسل صحيفة "ذي تايمز" البريطانية في واشنطن تحليلا نشرته الصحيفة يقول فيه ان كبار مساعدي الرئيس الاميركي باراك اوباما يقرون بان الولايات المتحدة ليس لديها استراتجية خروج من التدخل العسكري الجوي في ليبيا.
وكتب ويتيل: "في الخطاب الذي سيوجهه الرئيس الأميركي هذه الليلة خلال ساعات ذروة المشاهدة التلفزيونية، وهو الذي سخر من الحروب "الخرقاء" عندما كان مرشحا للبيت الأبيض، سيحاول ان يقنع رأيا عاما أميركيا متشككا بأنه لم يلزمهم بحرب خرقاء من أجل مصير ليبيا.
قبل أسبوع واحد ربما كان ذلك يبدو صعبا. فقد فاجأ العقيد القذافي الأجانب بتحويله تقدم الثوار إلى هزيمة لهم. وكانت تهديداته بذبح أنصار الثوار في بنغازي تتردد في شبكات الأخبار المتلفزة.
والضجة الدولية المطالبة بتحرك- من أوروبا، ولكن بصورة حاسمة ايضاً من الجامعة العربية- كان من المستحيل تجاهلها. فالسلبية تجاة الإبادة العرقية في البوسنة ورواندا أثقلت ضمير الغرب.
وكان عدم تدخل اوباما قد بدأ يظهر بمثابة تردد مرتبك حتى بالنسبة الى مؤيديه، وبدا مصير الربيع العربي على المحك. بعد ذلك أدهش نظام القذافي العالم مجددا. فهو يتراجع في وجه القوة الجوية الغربية الساحقة، لكنه لا ينهار.
الغموض حول من يتولى القيادة والسيطرة تم حله من حيث المبدأ بتولي كندا المسؤولية. ومن الناحية العملية سيواصل ضباط أميركيون توجيه معظم الأوامر. فهل ليبيا ذات أهمية حيوية لمصالح أميركا؟ أجاب وزير دفاع اوباما في مقابلة مع الثوار الليبييون يعيد السيطرة على مدن مهمة شبكة "أيه بي سي"، وكان بجوار وزيرة للخارجية هيلاري كلينتون، عن السؤال بالقول :"لا".
وهل للولايات المتحدة وحلف "ناتو" استراتيجية خروج؟ إن أيا منهما لا يمتلك استراتيجية مرئية.
وتعتبر استراتيجية الخروج، في أي حرب، انتصارا. ويصر البيت الأبيض على ان هذه ليست حربا، وإنما "عمل عسكري محدود في الوقت والمدى". ورغم ذلك، فهذا الوقت المحدود ثبت بالفعل أنه مرن، اذ رفض غيتس وكلينتون في المقابلات التي اجريت معهما وأذيعت أمس تحديد الوقت الذي سينتهي فيه التدخل.
وقال غيتس بوضوح حتى عندما عُرض عليه موعد نهائي في آخر العام، أي ثلاثة أضعاف مهلة الحملة التي يخطط لها "ناتو" حاليا :"لا أحد يعلم".
وأوضح اثنان من كبار مسؤولي إدارة اوباما، نيابة عنه، أن أميركا في الحرب لفترة طويلة. وسيذكر اوباما هذه الليلة شعبه أنه اضطر للتدخل لمنع كارثة إنسانية.
واستشهد بقرار مجلس الأمن رقم 1973 كأساس قانوني لتدخله. وسيرحب بدعم الجامعة لعربية باعتباره حيويا وغير مسبوق، وسيؤكد أن القوات الأميركية لن تتراجع لأنه وكما قال غيتس، "فمنطقة الحظر الجوي يمكن حمايتها بمجهود أقل بكثير من الجهد الذي تطلبته إقامتها".
لكنه لم يقل إلى متى ستستمر هذه المنطقة. أميركا ستتورط في ليبيا لأنه لا يمكنه منع ذلك. وباعترافه بهذا قبل خطاب الليلة ، حدّ كل من غيتس وكلينتون من خيارات الرئيس، ومع ذلك فقد ألزم نفسه إلى حد كبير بمواجهة شهور من عدم اليقين في ليبيا.
وبقدر ما تمكنت إدارته من صياغة ستراتيجية متناسقة ردا على سباق التغيير في العالم العربي، فهذه الاستراتيجية مغلفة بدعوات رصينة لتجنب العنف واحترام الحقوق، من خلال تعبيرات مثل "نحن لا نفرض النتائج"، التي تتكرر وكأنها شعارات.
ووصفت السيدة كلينتون أمس التدخل في ليبيا بأنه لحظة مفصلية في صنع القرار الدولي". وما قصدته هو حد فاصل بين مرحلة قديمة عندما كان العالم المتحضر يقف ساكنا بينما يتعرض الأبرياء للتهديد من جانب زعمائهم ومرحلة جديدة ينطلق فيها لإنقاذهم. وكان مرحلة فاصلة بالنسبة لأوباما نفسه- بين عصر كانت تتولى فيه أميركا حصريا القيادة في الحرب من أجل الديموقراطية والحرية، وعصره هو الذي يترتب على بقية الدول الغربية تحمل مسؤولياتها أولا.