واقع السينما في هوليود و مصر

إذا كان العام المنصرم قد شهد أزمة في صناعة السينما الأميركية لاتصل لحد الكارثة وتبدو هوليوود في العام الجديد عازمة على تجاوز فشلها فإن المشهد السينمائي المصري مازال يطرح تساؤلات ولايبدو في أفضل أحواله رغم اقتراب الذكرى السنوية الأولى لثورة 25 يناير.
واعتبرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن عام 2011 كان عام الفشل لهوليوود حتى أن ايراداتها تراجعت بنحو نصف مليار دولار مقارنة مع عام 2010 غير أن هذه الخسائر التى تشكل نسبة قدرها 4.5% لا تشكل كارثة في صناعة هائلة كصناعة السينما الأميركية.
ويبدو أن الصحيفة لم تجانب الصواب في ضوء الحقيقة المتمثلة في أن اجمالي مبيعات التذاكر لافلام هوليوود في أميركا الشمالية وحدها تجاوز في العام المنصرم عشرة مليارات دولار.
ويقول بروكس بارنز وهو أحد خبراء صناعة السينما إنه مع إطلالة العام الجديد هناك حالة من المراجعة واعادة النظر في معايير وأنماط استقرت طويلا في هوليوود وتحديد ما هو خاطئ وما هو صواب وذلك للخروج من الأزمة الحالية للسينما الأميركية.
ومن الغريب أن العام المنصرم لم يشهد نجاحات تذكر لممثلين من أصحاب الوجوه الجديدة والشابة في هوليوود على مستوى التحول إلى ما يسمى تجاريا «بنجوم شباك التذاكر». ومن بين الأفكار الجديدة للسينما الأميركية زيادة انتاج الافلام التي تسمى »بأفلام العائلة» واستهداف فئات بعينها في المجتمع بعد أن نجح فيلم «المساعدة» فى جذب أعداد كبيرة من المشاهدين المنتمين لفئة كبار السن.
واذا كانت المؤشرات في الربع الأول من عام 2012 تبدو مبشرة لهوليوود حسب تقديرات بروكس بارنو، فإن صناعة السينما الأميركية عازمة على زيادة نفوذها وحضورها في دول العالم الثالث ومن بينها مصر التي لا تبدو السينما فيها منذ عدة أعوام في أفضل أحوالها.
ومنذ سنوات، رصد الشاعر والكاتب احمد عبد المعطي حجازي في كتابه «الثقافة ليست بخير» بعض مظاهر الانهيار في مجالات وفروع الثقافة ومن بينها السينما فيما كان من المفترض أن تستفيد السينما المصرية من جو الحرية بعد ثورة 25 يناير وذلك في ضوء العلاقة الوثيقة بين الحرية والابداع.
وهكذا بات السؤال يتردد بقوة والحاح منذ ثورة 25 يناير: «هل تمتد الثورة المصرية إلى السينما؟ وهل يكون بمقدور أقدم صناعة للفيلم في منطقة الشرق الأوسط درء مخاطر هوليوود وتحقيق نهضة سينمائية ابداعية؟».
وواقع الحال أن الصحف الغربية الشهيرة مثل صحيفة «غارديان» البريطانية تبدي اهتماما بأوضاع السينما المصرية بعد ثورة يناير فيما كانت رصدت نوعا من التغير في مزاج المتلقي المصري وذائقته السينمائية مؤكدة أن التسلية بمفهومها التجاري الرخيص لم تعد تتصدر قائمة أولويات الأفلام لهذا المتلقي بعد الثورة.
وهناك تراجع كبير منذ الثورة الشعبية المصرية في انتاج الافلام الكوميدية التي كانت تتوالى على دور العرض السينمائي في القاهرة والاسكندرية بل والعالم العربي ككل كما أن الهم السياسي أثر بشدة على ايرادات شباك التذاكر في صناعة السينما حيث يحجم جزء لايستهان به من الجمهور عن ارتياد دور العرض.
وترجع بدايات السينما في مصر إلى سنوات العشرينيات والثلاثينيات من القرن العشرين فيما تحولت إلى جزء أصيل من «القوة الناعمة المصرية» بقدر ما كانت من أهم مصادر الدخل القومي.
وفى كتاب جديد بعنوان «السينما.. العشق والتأويل»، يتناول المؤلف محمود عبد الرحيم محورين أساسيين أولهما الأفلام القصيرة والتسجيلية أما المحور الثاني فهو الأفلام الروائية الطويلة سواء كانت عربية أو أجنبية، فيما يبدي نوعا من التعاطف إن لم يكن الانحياز للأفلام التسجيلية باعتبارها «أفلام الأفكار» أي أنها تركز على الفكرة اكثر من الأفلام الروائية.
ويحوي الكتاب صورا اقيلمية لأكثر من 50 فيلما تنتمي لدول وثقافات مختلفة في شتى أنحاء العالم ومن بينها أفلام تركية واسبانية وألمانية وكورية جنوبية، كما تطرق للمراكز الثقافية الأجنبية في القاهرة التي تعرض أفلام دولها وتعبر عن ثقافاتها.
وكان فيلم «تحرير 2011» الوثائقي الذي اخرجه الفنان الشاب عمرو سلامة عرض تجاريا في دور السينما في القاهرة في سابقة هي الأولى من نوعها فيما اعتبر سلامة أن الافلام التسجيلية هي الأقدر على التعبير عن الثورة في المرحلة الحالية بالمقارنة مع الأفلام الروائية التي تتطلب وقتا أطول.
وفيما سعت بعض الأفلام الروائية لتناول ثورة يناير سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة فإن بعض النقاد اعتبروا أن فيلم «تحرير 2011» الوثائقي هو الأفضل.
شام نيوز - ا ش ا