وثائق سرية تكشف تنازل السلطة عن أجزاء كبيرة من القدس

وافق مفاوضون فلسطينيون سراً على التخلي لإسرائيل عن أجزاء كبيرة من القدس الشرقية أثناء مباحثات بين الجانبين عام 2008، في موقف يكشف عن تناقض كبير في الموقف العلني للسلطة الوطنية الفلسطينية في هذا الشأن، وفق ما أظهرت وثائق مسربة كشفت عنها قناة "الجزيرة"
وكشفت الوثائق أن السلطة الفلسطينية تنازلت عن المطالب بإزالة كل المستوطنات الإسرائيلية في القدس الشرقية باستثناء مستوطنة جبل أبوغنيم أو "هارحوما" بحسب التسمية الإسرائيلية، وأبدت استعدادها لتقديم تنازلات غير مسبوقة في الحرم الشريف وحييْ الأرمن والشيخ جراح.
وتضمنت المحاضر جلسات المحادثات المتعلقة بما بات يعرف بـقضايا الوضع النهائي في المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية أن مفاوضي السلطة قبلوا بأن تضم إسرائيل كل المستوطنات في القدس الشرقية باستثناء مستوطنة جبل أبوغنيم.
وبحسب محضر اجتماع بتاريخ 15 يونيو/ حزيران 2008 حضره مفاوضون أميركيون وإسرائيليون، قال رئيس طاقم المفاوضات في السلطة الفلسطينية أحمد قريع إن "هذا المقترح الأخير يمكن أن يساعد في عملية التبادل".
وأضاف "اقترحنا أن تضم إسرائيل كل المستوطنات في القدس ما عدا جبل أبوغنيم (هارحوما)". ويتابع "هذه أول مرة في التاريخ نقدم فيها مقترحا كهذا وقد رفضنا أن نفعل ذلك في كامب ديفد".
وقد مثل حديث قريع هذا خلاصة صريحة وواضحة لما عرضه -بالخرائط- الوفد الفلسطيني المفاوض برئاسته في الرابع من مايو/أيار 2008، وهو الاجتماع نفسه الذي قال فيه قريع للإسرائيليين إن هناك مصلحة مشتركة في الإبقاء على بعض المستوطنات.
وقد نحا كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات المنحى عندما قال في اجتماع بتاريخ 21 أكتوبر 2009 مع المبعوث الأميركي إلى منطقة الشرق الأوسط جورج ميتشل وفقا لوثيقة سرية، "بالنسبة للمدينة القديمة فإنها تكون تحت السيادة الفلسطينية ما عدا الحي اليهودي وجزء من الحي الأرمني".
وحول الموقف من الحرم القدسي الشريف يتابع عريقات قائلا في الاجتماع نفسه "الحرم يمكن تركه للنقاش. هناك طرق خلاقة، كتكوين هيئة أو لجنة، الحصول على تعهدات مثلاً بعدم الحفر".
وقد نال حي الشيخ جراح في القدس هو الآخر نصيبه من مسلسل التراجع الفلسطيني كما تشير إليه الوثائق السرية.
فبشأنه يلمح قريع إلى إمكانية المساومة عندما يقول للجانب الإسرائيلي في أحد اللقاءات التفاوضية "في إطار تبادل الأراضي، بالنسبة لمنطقة في الشيخ جراح، لا بد أن أحصل على منطقة مكافئة".
هذا وقد أعلنت "الجزيرة" إنها ستكشف قريباً عن وثائق أخرى تظهر أن المفاوضين الفلسطينيين كانوا على استعداد كذلك لتقديم تنازلات كبيرة بشأن قضية خلافية أخرى المتعلقة بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة.
ومن جانب السلطة، أبدى عباس استغرابه، عن ما أعلنت قناة الجزيرة عن وجود وثائق سرية لديها تخص الوضع الفلسطيني وعملية السلام.
وقال عباس الذي يزور القاهرة: "لا أعلم من أين جاءت الجزيرة بأشياء سرية، ولا يوجد شيء مخفي على الأشقاء العرب، وعندما يحصل شيء نتصل بعدد من الدول، وبالسيد عمرو موسى ونطلعهم على ما يجري."
وعلى جانب مواز، أكدت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أن الوثائق المسربة يكشف تواطؤ السلطة مع إسرائيل ويعكس دورها في التورط في محاولات تصفية القضية الفلسطينية.
ونقل "المركز الفلسطيني للإعلام" المقرب للحركة عن، سامي أبو زهري، المتحدث باسم "حماس"، قوله: "الوثائق السرية التي عرضتها الجزيرة حول تواطؤ سلطة فتح في رام الله مع الاحتلال حي، وثائق خطيرة للغاية وتدلل على تورط سلطة "فتح" في محاولات تصفية القضية الفلسطينية".
وعلى الصعيد الأمريكي، قال الناطق باسم الخارجية، فيليب كراولي، في موقع "تويتر" الأحد، إن واشنطن تنظر في تسريبات الجزيرة المزعومة: حكومة الولايات المتحدة تراجع المستندات الفلسطينية المزعومة التي نشرتها الجزيرة.. لا يمكننا أن نشهد على صحتها".
شام نيوز